مقترح للتكامل مع استثمارات القطاع الخاص السعودي في الخارج

11/07/2020 0
البدر فودة

أ- مقدمة:

بالاضافة إلى أصول المملكة الاحتياطية في الخارج، والتي بلغت ١,٨٦٥ تريليون ريال في مارس الماضي من ذهب، وحقوق السحب الخاصة، والاحتياطي لدى صندوق النقد الدولي، والنقد الأجنبي والودائع في الخارج، إضافة إلى الاستثمارات في أوراق مالية في الخارج، يتحدث الجميع عن تقدم وتنوع الاستثمارات المباشرة للمملكة في الخارج، بقيادة صندوق الاستثمارات العامة، من خلال محفظة الصندوق والتي تجاوزت بحمد الله وفضله، ثم رؤية بلادنا المباركة، مبلغاً وقدره ٤٦١ مليار ريال، منها ١٠٠ مليار دولار في الشركات الوطنية، تلبية لأهداف رؤية المملكة ٢٠٣٠. وتستهدف رؤية المملكة ٢٠٣٠ زيادة استثمارات الصندوق إلى ٢ تريليون دولار وذلك ضمن استراتيجية الصندوق التي تستهدف فتح مكاتب في لندن ونيويورك وسان فرانسسكو وزيادة ٣٠٪؜ في موظفيه لمواكبة التوسع في استثماراته في ٢٠٠ شركة كبرى حول العالم. ويخضع تقييم فرص استثمارات الصندوق في الخارج لحوكمة منضبطة من خلال لجنة تقوم على دراسة الفرص التي يمكن صناعتها.

وبعد هذه النبذة المختصرة عن حجم استثمارات الصندوق، تساءلت عن حجم استثمارات القطاع الخاص في الخارج، ولم أصل إلى إجابة واحدة، إذ أن أقل رقم وجدته يتجاوز ٤٥٠ مليار ريال، وأعلى رقم كان في حدود ٤,٧ تريليون ريال! وأشارت عدة مصادر إلى أن ٣٠٪؜ من هذه الاستثمارات عقارية، بينما تتنوع بقية الاستثمارات في بقية الأنشطة الإقتصادية في الخارج. ومن هنا تبادر لذهني سؤال أعتقد بأهميته. من الذي يوجه القطاع الخاص للاستثمار في الخارج ووفق أي استراتيجية ومستهدفات، وفي أي أنشطة، وبأي أحجام، وفي أي دول... إلخ. هل هناك علاقة تكاملية بين استثمارات القطاع الخاص في الداخل والخارج. وهل هناك جهة يمكنها متابعة هذه الاستثمارات وتوفير الإرشاد وربما قوائم بالفرص، بل والتكامل مع رؤية المملكة ٢٠٣٠ من جهة والقطاع الخاص الوطني من الجهة الأخرى؟ ربما آن الأوان لتكامل استثمارات القطاع الخاص في الخارج، مع رؤية المملكة ٢٠٣٠، بقصد تعظيم الفائدة لجميع أطراف العلاقة.

وحيث أن حكومتنا انتهجت منهج التخصصات الوزارية، وأفردت وزارات شغلها الشاغل هو تنمية النشاط المنوط بها، وذلك على غرار وزارة الصناعة والثروة المعدنية، ووزارة الطاقة، وأخيراً وزارة الإستثمار، فقد تبادر لي المقترح التالي:

ب- المقترح:

أن تقوم وزارة الإستثمار بالعمل على توجيه استثمارات القطاع الخاص في الخارج (لمن يرغب)، وخلق تكامل بين تلك الاستثمارات وأهداف رؤية المملكة ٢٠٣٠. واتصالاً بذلك، ستكون الوزارة قادرة على الإجابة عن الأسئلة في المقدمة أعلاه، وإضافة عنصر أساسي لنشاطها بحيث لا ينحصر في جلب الإستثمارات من الخارج فقط.

ج- الآلية:

خلق إدارة/ وكالة/ فريق عمل يختص بالتالي:

١- حصر استثمارات القطاع الخاص في الخارج.

٢- رسم خريطة استثمارات القطاع الخاص في الخارج من حيث الأحجام، والأنشطة، ورؤوس الأموال، ونوعية المحافظ، والدول...إلى آخره.

٣- تحديد استثمارات القطاع الخاص الخارجية المتصلة باستثمارات محلية.

مثال: الكثير من الاستثمارات الصناعية والتجارية والخدمية يعتمد على عدة كيانات قد تتصل ببعضها البعض بطبيعة العمل. على سبيل المثال، يقوم مصنع في المملكة بصناعة منتج نصف نهائي، ومن ثم يقوم بتصديره لمصنع تابع في دولة أخرى بحيث يتم اتمام العملية الإنتاجية. يعتبر المصنع الوطني والآخر في الخارج متكاملين، إذ أن زيادة نشاط المصنع الثاني (في الخارج)، سيزيد من نشاط الأول الوطني وبالتالي فهي زيادة في الوظائف، والاستثمارات، والناتج المحلي والصادرات غير النفطية. وهذا ينسحب على انشطة واستثمارات تجارية وخدمية أيضاً مثل تصدير المنتجات من المملكة وتوزيعها عبر شركة شقيقة في دولة أخرى، وغير ذلك من الأمثلة مثل السياحة والفندقة والترفيه، الإتصالات وتقنية المعلومات، وغيرها.

٤- ربط أهداف رؤية المملكة ٢٠٣٠ باستثمارات القطاع الخاص السعودي في الخارج من خلال ما ورد في (٣) أعلاه (مباشر/ غير مباشر)، ووضع خطة تهدف للتكامل.

٥- إيجاد حلقة وصل بين القطاع الخاص المستثمر في الخارج وصندوق الاستثمارات العامة، بحيث تدعم الإستثمارات المباشرة للمملكة في الخارج عبر صندوق الإستثمارات العامة لتعزيز تلك الإستثمارات، والتي خضعت بطبيعة الحال، لدراسات مستفيضة من قبل الصندوق، مما ينعكس ايجاباً على حصة المملكة (قطاع عام وخاص) في الملكية في الشركات في الخارج، ويحافظ على (win/win) لجميع أطراف العلاقة. وبطبيعة الحال، فإن من أهداف استثمارات الصندوق في الخارج جلب وتوطين التقنية، وخلق فرص عمل، وزيادة الناتج المحلي غير النفطي مما حددته رؤية المملكة ٢٠٣٠ كأهداف وفق أستراتيجية الصندوق.

٦- عمل قائمة بفرص الشراكة في استثمارات القطاع الخاص في الخارج، بأجندة تخدم الطرفين وتكون الأولوية للمشاريع التكاملية مثل الصناعة والتجارة والخدمات والتي تعتمد على التوريد من المملكة، وبحيث يتمكن المستثمر السعودي ممن يرغب في الإستثمار خارجياً من إيجاد فرص تنعكس عليه بالربح وتلبي مستهدفات المملكة.

٧- عمل شراكة مع الجهات الحكومية ذات العلاقة بالأنشطة التي يستثمر فيها القطاع الخاص السعودي في الخارج لخلق التكامل بين المستثمر والمنشآت الوطنية.

مثال: ربط مصنع (استثمار قطاع خاص في الخارج) لانتاج المواد الغذائية بمصنع/ مصانع وطنية للتعبئة والتغليف. وهذا ينسحب على استثمارات القطاع الخاص في الخارج في أنشطة مثل تجارة الجملة والتجزئة والتوزيع والتسويق وغيرها.

٨- عمل شراكة مع مجلس الغرف السعودية ومجالس الأعمال بين القطاع الخاص السعودي والأجنبي.

د- الأهداف:

١- التكامل بين رؤية المملكة ٢٠٣٠ واستثمارات القطاع الخاص السعودي في الخارج.

٢- توجيه استثمارات القطاع الخاص السعودي في الخارج نحو استثمارات مدروسة ومتكاملة مع الأهداف الوطنية.

٣- تعزيز المركز الاستثماري للمملكة في الخارج من خلال تكامل القطاعين العام والخاص.

٤- تشكيل كتلة استثمارية سعودية أكبر، مما ينعكس ايجاباً على القدرة في التفاوض والاستحواذ وغيرها.

٥- معرفة خريطة استثمارات القطاع الخاص السعودي في الخارج وتوزيعها على الدول والأنشطة، مما يساهم في وضوح أكبر عند التخطيط المستقبلي على عدة محاور.

٦- عدم تركيز استثمارات القطاع الخاص في الخارج على العقارات بشكل كبير مما قد يفوت فرص ذات عرائد أفضل في انشطة أخرى.

وغيرها من الفوائد التي لا تخفى على اصحاب الاختصاص.

و- خلاصة:

إن استثمارات القطاع الخاص السعودي في الخارج كبيرة وتضاهي استثمارات صندوق الاستثمارات العامة على أقل تقدير. وبوجود وزارة للاستثمار، فإن الفرصة مؤاتية لرسم خريطة شراكة وطنية يكون فيها الجميع رابحاً. ومن المهم أن لا يفهم من هذا المقال بأننا ندعوا للاستثمار في الخارج، بل ندعوا للتكامل مع من أخذ القرار واستثمر فعلاً أو أخذ قراره بالاستثمار في الخارج. ففي النهاية، أينما ستمطر، فإن الخراج لنا.

إن أصبت فمن الله، وإن اخطأت فمن نفسي

 

خاص_الفابيتا