تمضي المملكة قُدمًا في استكمال خططها الهادفة إلى خفض الاعتماد على النفط بصفته مصدرًا أساسيًّا للدخل أو مصدرًا للطاقة، وتسعى جاهدة لتنويع مصادر الاقتصاد والدخل، والتوسع في إنتاج الطاقة المتجددة بغية الوصول إلى المزيج الأمثل من مصادرها، ولتحقيق مجموعة من الأهداف الرئيسة، منها: الوفاء بالتزاماتها الدولية، زيادة حجم الطاقة المولدة محليًّا لمواكبة نمو الطلب، خفض استهلاك النفط في إنتاج الكهرباء، تحقيق كفاءة استثمار الموارد المتاحة، إنشاء قطاع صناعي جديد قادر على خلق مزيد من الفرص الوظيفية والاستثمارية الصغيرة والمتوسطة والكبيرة والمحافظة على صحة الإنسان وسلامة البيئة من خلال خفض الانبعاثات الضارة.
سمو وزير الطاقة الأمير عبد العزيز بن سلمان استعرض خلال الجلسة الرئيسة لمؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار» ملف مستقبل الطاقة في المملكة، وكان لافتًا الإصرار على التحول التدريجي نحو الطاقة المتجددة، بالرغم من التحديات الاقتصادية، واعتبار ذلك خيارًا استراتيجيًّا لا تراجع عنه.
يمكن القول إن ملف «الطاقة المتجددة» من أثقل الملفات المرتبطة بالوزارة؛ إذ لا يخلو من التحديات التنظيمية والاستثمارية والتقنية، وربما التنافسية مع المصدر الأحفوري. وهي أمور يمكن تجاوزها بسهولة متى كان الإيمان بأهمية إنتاج الطاقة من مصادر متجددة حاضرًا، ومحركًا لكل من له علاقة بملفه الثقيل. قد يكون الإيمان بأهمية «الطاقة المتجددة» في كبرى دول العالم تصديرًا للنفط، والثانية من حيث الإنتاج والاحتياطات، من التحديات المستترة التي تسببت في وقف مشاريعها المهمة التي أُطلقت في ثمانينيات القرن الماضي، وبطء مشاريعها الحديثة منذ إعلانها، مقارنة بما يحدث عالميًّا، إلا أن الحماسة والإصرار اللذين يبديهما سمو وزير الطاقة في تنفيذه أهداف رؤية 2030 ذات العلاقة بالطاقة المتجددة يبعثان على التفاؤل بتحقيق التطلعات المستقبلية، وإنجاز استراتيجية التحول. أثق بقدرات سمو وزير الطاقة، وإصراره على تنفيذ الأهداف الاستراتيجية بدقة. وأحسب أن مشاريع الطاقة البديلة ستكون حاضرة بقوة خلال الفترة القادمة، منها مشروع الطاقة الشمسية العملاق الذي بشّر به الأمير عبد العزيز بن سلمان، وتوقع أن تكون «له الريادة من حيث تقديم أقل سعر عالميًّا، مقابل كل كيلوواط من الكهرباء».
استهداف المملكة إنتاج 50 % من الكهرباء عن طريق الطاقة المتجددة بحلول عام 2030 من التحديات المهمة التي يفترض أن تواجَه بإصرار وعزيمة حتى يتحقق ذلك الهدف المهم، خاصة مع وجود الإمكانيات المالية والتقنية والمعرفة التي تتميز بها بعض الشركات السعودية المتخصصة في إنتاج الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، التي أثبتت جدارتها عالميًّا من حيث التقنيات الحديثة، وانخفاض السعر وتنافسيته العالمية.
الأكيد أن إنتاج هذا الحجم من الطاقة المتجددة يتطلب الكثير من الاستثمارات الضخمة والشراكات الدولية والكفاءات البشرية، وتركيزًا أكبر من وزارة الطاقة، إلا أن وضعه كهدف استراتيجي يعزز فرص نجاحه، خاصة مع وجود المشاريع التي يمكن أن تشكل فيما بينها منظومة التنفيذ المرحلي للهدف الاستراتيجي الأكبر.
صناعة الطاقة المتجددة هو الخيار الاستراتيجي للمملكة، والمؤطر برؤية 2030؛ وهو ما يستوجب العمل الدؤوب لتنفيذ خططه وبرامجه الأولية قبل التوسع في الأهداف اللاحقة بالرغم من أهميتها القصوى. كما يستوجب العمل على تطوير الصناعة بشكل أسرع لاستكمال سلسلة الإنتاج، إضافة إلى البدء الفعلي في تجهيز القوى البشرية من خلال التخصصات الجامعية، والبعثات الخارجية لخلق الكفاءات السعودية القادرة على تحويل المملكة لمنصة عالمية لتصدير الطاقة المتجددة.
الطاقة الشمسية ولا سواها هى البديل الطبيعى للبترول إنتهى.
نتأمل خيرا في مثل هذه التوجهات، والمملكة غنية بقدراتها وبطاقتها الشمسية المكتسبة، نود الإسراع حقيقة في هذا الملف لا لشيء سوى أن يكون لنا بإذن الله قصب السبق في التحول إلى "بنك طاقة دولي"، وهنالك أمر مهم ألا وهو تغذية الأبحاث في توليد الطاقة بالإندماج Fusion Power، حيث يحاول العالم الآن كسر حاجز المعرفة للوصول إلى هذه الطاقة "النظرية" وتحويلها إلى فعلية ومحسوسة، وأعتقد بأن الوقت مناسب جدا للإستثمار البحثي فيها.