أعلنت وزارة الصحة، أخيرا، تخفيف الإجراءات الاحترازية في مواجهة فيروس كورونا، التي طبقتها الأجهزة الرسمية، في محاولة للحد من انتشار الفيروس، اعتبارا من أواخر آذار (مارس) الماضي. لقد عانى العالم بأسره هذه الجائحة وعواقبها التي أثارت الرعب بين البشر. وما خفف من وطأتها في المملكة هو التنبه السريع وردة الفعل المدروسة للتعامل مع الفيروس وفق الإمكانات المتاحة، والعمل من خلال جميع الأدوات والممكنات للمساعدة على تخفيف وطأة الأزمة، ومحاولة تجاوزها مع ما رافقها من تبعات. وتعاملت أجهزة المملكة بكل جدارة مع العوامل الصحية والاقتصادية والتنظيمية. وبحمد الله، وفقت المملكة في تجاوز المرحلة الأخطر باقتدار وبنسب أقل من كثير من الدول. وهذا ما تؤكده تقارير الجهات المتابعة لأوضاع الدول، حيث كشفت وكالة "بلومبيرج" عن أن السعودية نجحت في التعامل مع فيروس كورونا، وباتت من أقل الدول التي نسب الوفيات فيها ضئيلة جدا مقارنة بعدد الإصابات والسكان. وبلغت نسبة الوفيات في المملكة من هذا الوباء 0.5 في المائة، وهو أقل بنحو عشر مرات من المعدل العالمي للوفيات خلال هذه الجائحة. كما أن نسبة التعافي حققت 61 في المائة بعدد 45668 حالة شفاء من إجمالي إصابات 74795 حتى تاريخ كتابة هذا المقال. وساعد عديد من العوامل على تحقيق هذا الإنجاز، لعل من أهمها سياسة التحفظ التي تعاملت معها الجهات الرسمية في المملكة، وردة الفعل السريعة التي تعاملت مع هذا الوضع بطريقة آمنة، وفق توجيهات عليا حافظت على حياة البشر وقدمت المصلحة البشرية على كل المصالح المادية، بمتابعة واهتمام من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد الأمين.
أظهرت أجهزة المملكة الرسمية استجابة فاعلة للتعاطي مع الأخطار المحدقة، والتعامل معها بآليات ساعدت على تجاوز أهم المنعطفات وأخطرها. كما أثبتت الأجهزة المختصة الطبية والعلاجية قدرة فاعلة على التعامل واحتواء الأزمة. وساند ذلك تكامل وتعاضد من كل أجهزة الدولة الرسمية في جميع القطاعات، وعلى رأسها التجارة والزراعة والنقل وأجهزة الأمن والتعليم والرعاية الاجتماعية وأجهزة العمل الخيري والتطوعي. الجميع عمل كخلية نحل على مدار الساعة لحماية الوطن من أن يصاب أحد أركان الحياة فيه بأذى، وصادف أن تخلل هذه الفترة دخول الأيام المباركة ورمضان الكريم، وأيام عيد الفطر المبارك، وهما المناسبتان، الشعبية والدينية، اللتان ننتظرهما من العام إلى العام. وتعايش الجميع مع الإجراءات والاحتياطات الاحترازية حتى عبرنا الوقت الأشد صعوبة. تفاعل الجهات والأجهزة كلها، أبرز لنا كثيرا من التنظيمات والتحسينات التي ساعدت على تخطي هذه الأزمة، وقد يكون من أهمها تطبيق "توكلنا" الذي جاء مواكبا لاستخدام وتوظيف التقنية من أجل تفعيل دور الحكومة وحماية الناس من الأخطار، إضافة إلى إعادة تأهيل وتنظيم سوق التجارة الإلكترونية وتطبيقات التوصيل التي ستفتح عصرا جديدا في هذا الزمن.
صحيح أن الأسوأ قد مر، لكن الخطر لا يزال قائما، ونحتاج إلى تكاتف الجميع والحرص على تطبيق الاحتياطات الاحترازية من أجل حماية المجتمع من أخطار هذا الوباء، وسنرى في مقبل الأيام كثيرا من الممارسات التي ستظهر لنا تطور حياة البشر، مستفيدين من دروس هذه الأزمة والتعامل معها.
حفظ الله الوطن من كل سوء.. وعيدكم سعيد.