أظهرت نتائج التقرير الربعي لأداء الميزانية العامة للدولة خلال الربع الأول من العام الجاري، انخفاض إجمالي الإيرادات العامة بمعدل سنوي بـ21.7 في المائة، لتستقر بنهاية الربع الأول 2020 عند مستوى 192.1 مليار ريال، مقارنة بمستواها في نهاية الربع نفسه من العام الماضي عند 245.4 مليار ريال، وجاء الانخفاض بدرجة أكبر على حساب الإيرادات النفطية بـ23.8 في المائة، مقابل انخفاض الإيرادات غير النفطية بـ17.1 في المائة. في المقابل ارتفع إجمالي المصروفات الحكومية للفترة نفسها بنسبة سنوية بلغت 4.0 في المائة، لتستقر بنهاية الربع الأول 2020 عند مستوى 226.2 مليار ريال "يقدر بنحو 32.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي"، مقارنة بمستواها في نهاية الربع نفسه من العام الماضي عند 217.6 مليار ريال "30.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي"، جاء الارتفاع من الزيادة التي طرأت على المصروفات الجارية، بنموها سنويا بـ5.1 في المائة، مقابل انخفاض المصروفات الرأسمالية للفترة نفسها بـ3.5 في المائة، أفضى كل ذلك إلى حدوث عجز مالي خلال الربع الأول 2020 وصل إلى أعلى من 34.1 مليار ريال "يقدر بنحو 4.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي".
وكما يبدو من خلاصة تلك التطورات المالية للربع الأول من العام الجاري، أنها لم تعكس فعليا الآثار كاملة المترتبة من انفجار الجائحة العالمية فيروس كورونا المستجد «كوفيد - 19»، واجتياحها مقدرات الاقتصاد العالمي وأسواقه المالية بخسائر هائلة ناهزت 30 تريليون دولار حتى تاريخه، وهو الأمر الذي جاء تأكيده على لسان وزير المالية في لقائه الأخير، الذي تحدث خلاله عن الآثار المحتملة على الاقتصاد الوطني بدءا من الربع الثاني الراهن، حتى نهاية العام الجاري وقد تمتد أيضا إلى مطلع العام المقبل، وما قد يترتب عليه بالضرورة من اتخاذ المالية العامة للدولة عديدا من التدابير والإجراءات المالية القاسية جدا، بالتزامن مع تلك التطورات الاقتصادية الأصعب في تاريخ العالم المعاصر منذ الحرب العالمية الثانية، والمحافظة قدر الإمكان على استقرار الاقتصاد الوطني والمالية العامة، وفقا للموارد والاحتياطيات المتوافرة خلال الفترة الراهنة، التي توفر للمملكة التعامل مع كل تلك المتغيرات العكسية والقاسية جدا من موقع القوة، كخيار أفضل رغم صعوبته وقساوته من بقية الخيارات الأكثر صعوبة وإيلاما للجميع دون استثناء.
إن الأوضاع والتطورات الراهنة التي تشير تقديراتها المتحفظة في أحد احتمالاتها إلى احتمال انخفاض إجمالي الإيرادات خلال العام الجاري بنحو 34 في المائة لتستقر تقريبا عند مستوى 617 مليار ريال "انخفضت بـ41 في المائة خلال 2015"، وتتضمن احتمال انخفاض الإيرادات النفطية بنحو 39 في المائة "انخفضت بـ51 في المائة خلال 2015"، وتأتي المقارنة هنا مع 2015 كونه آخر عام شهد تقلبات مالية صعبة، ورغم ضخامة الفروق بين مجريات وتطورات العام الجاري وعام 2015، التي تعد التطورات الأكبر على مستوى العالم منذ الحرب العالمية الثانية، إلا أن الأوضاع المالية قبل خمسة أعوام من تاريخه انتهت إلى حدوث أكبر عجز مالي في تاريخ المالية العامة عند أعلى من 362.2 مليار ريال "14.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي"، ورغم كل ذلك إلا أنه لا يتوقع أن يتكرر ذلك العجز المالي القياسي خلال العام الجاري، حتى إن كانت الأوضاع والتطورات التي يشهدها الاقتصاد العالمي بتلك القساوة، وهو الأمر الذي حمله مضمون التصريح الأخير لوزير المالية، والضرورة القصوى التي قد تدفع المالية العامة لاتخاذها تدابير وإجراءات يمكن إدراجها تحت عبارة "شد الحزام".
لمواجهة احتمالات تراجع الإيرادات الحكومية بالمعدلات التقديرية المشار إليها أعلاه، التي تعد تحفظا أدنى مما حدث خلال 2015، فلا بد وفقا لتلك المعدلات لأجل السيطرة على العجز المالي أن يتم خفض المصروفات الحكومية بما لا يقل عن 23.5 في المائة، لتستقر عند ما لا يزيد على 804 مليارات ريال، وتتضمن انخفاضا تقديريا للمصروفات الجارية بنحو 16.6 في المائة "انخفضت بـ3.4 في المائة خلال 2015"، وتتضمن أيضا انخفاضا تقديريا للمصروفات الرأسمالية بنحو 57.5 في المائة "انخفضت بـ28.8 في المائة خلال 2015"، والمقارنة هنا في جانب المصروفات خلال 2015، تكشف بجلاء عن الأسباب التي أدت إلى ارتفاع العجز المالي بتلك الصورة القياسية غير المسبوقة، ويؤكد التعامل الأكثر حزما مع المصروفات الذي جرى خلال العام التالي 2016 بخفض المصروفات بـ20.7 في المائة "المصروفات الجارية بانخفاض 8.7 في المائة، المصروفات الرأسمالية بانخفاض 53.1 في المائة"، يؤكد ذلك أهميته في زيادة السيطرة على العجز المالي والوصول به إلى 256.5 مليار ريال بنهاية 2016 "10.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي"، واستمر ذلك حتى نهاية العام المالي الماضي بالوصول بحجم العجز المالي إلى أدنى من 121.2 مليار ريال "4.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي".
أتاحت الإصلاحات الهيكلية خلال الأعوام الأربعة الماضية قدرا ملموسا من الاستقلالية المالية عن الدخل المتقلب للنفط، إلا أنه لم يصل بعد إلى الدرجة الكافية للنأي تماما بالمالية العامة عن تلك التقلبات في الأسواق العالمية للنفط، كما حافظت الأهمية القصوى لترشيد الإنفاق الحكومي على مكانتها، وترتقي إجراءات الترشيد تلك في مثل الظروف الراهنة بكل تأكيد إلى درجة أكبر، وهو ما حمله تماما التصريح الأخير لوزير المالية؛ كونه المجال الذي تتوافر فيه الخيارات أكثر من غيره من بقية المجالات.
وسيكون من الأهمية القصوى هنا، تذكير وزارة المالية أثناء محاولتها الموفقة، تخفيف أعباء الرسوم والضرائب عن كاهل القطاع الخاص، الجزء المنتج من الاقتصاد الوطني الذي يعمل على توظيف نحو 1.7 مليون مواطن ومواطنة، أن تقوم الوزارة بزيادة تركيزها على حصد أكبر قدر ممكن من الرسوم على الأوعية غير المنتجة اقتصاديا دون أي تأخير، ويتقدم تلك الأوعية: الأراضي البيضاء، والعمل على توسيع دائرة تحصيلها لتشمل أكثر من المناطق الجغرافية الأربع الراهنة، والتقدم أيضا بمراحل تنفيذها ما سيحفز النشاط الاقتصادي بصورة أكبر من جانب، ومن جانب آخر سيسهم بصورة كبيرة جدا في زيادة الإيرادات غير النفطية، ويدعم الميزانية العامة للدولة، هذا عدا أنه سيسهم بصورة غير مباشرة في زوال التضخم الكبير بوضعه الراهن في أسعار وتكلفة تملك الأراضي والمساكن وإيجاراتها السكنية والتجارية، الذي سيشكل حدوثه دعما كبيرا للقطاعات الإنتاجية في الاقتصاد الوطني، إضافة إلى مساهمته الكبيرة في خفض تكلفة المعيشة على الأفراد من مواطنين ومقيمين على حد سواء، وللحديث بقية بمشيئة الله تعالى.مثل الظروف الراهنة بكل تأكيد إلى درجة أكبر، وهو ما حمله تماما التصريح الأخير لوزير المالية؛ كونه المجال الذي تتوافر فيه الخيارات أكثر من غيره من بقية المجالات.
نقلا عن الاقتصادية
وكما يبدو من خلاصة تلك التطورات المالية للربع الأول من العام الجاري، أنها لم تعكس فعليا الآثار كاملة المترتبة من انفجار الجائحة العالمية فيروس كورونا المستجد «كوفيد - 19»، واجتياحها مقدرات الاقتصاد العالمي وأسواقه المالية بخسائر هائلة ناهزت 30 تريليون دولار حتى تاريخه، وهو الأمر الذي جاء تأكيده على لسان وزير المالية في لقائه الأخير، الذي تحدث خلاله عن الآثار المحتملة على الاقتصاد الوطني بدءا من الربع الثاني الراهن، حتى نهاية العام الجاري وقد تمتد أيضا إلى مطلع العام المقبل، وما قد يترتب عليه بالضرورة من اتخاذ المالية العامة للدولة عديدا من التدابير والإجراءات المالية القاسية جدا، بالتزامن مع تلك التطورات الاقتصادية الأصعب في تاريخ العالم المعاصر منذ الحرب العالمية الثانية، والمحافظة قدر الإمكان على استقرار الاقتصاد الوطني والمالية العامة، وفقا للموارد والاحتياطيات المتوافرة خلال الفترة الراهنة، التي توفر للمملكة التعامل مع كل تلك المتغيرات العكسية والقاسية جدا من موقع القوة، كخيار أفضل رغم صعوبته وقساوته من بقية الخيارات الأكثر صعوبة وإيلاما للجميع دون استثناء.
إن الأوضاع والتطورات الراهنة التي تشير تقديراتها المتحفظة في أحد احتمالاتها إلى احتمال انخفاض إجمالي الإيرادات خلال العام الجاري بنحو 34 في المائة لتستقر تقريبا عند مستوى 617 مليار ريال "انخفضت بـ41 في المائة خلال 2015"، وتتضمن احتمال انخفاض الإيرادات النفطية بنحو 39 في المائة "انخفضت بـ51 في المائة خلال 2015"، وتأتي المقارنة هنا مع 2015 كونه آخر عام شهد تقلبات مالية صعبة، ورغم ضخامة الفروق بين مجريات وتطورات العام الجاري وعام 2015، التي تعد التطورات الأكبر على مستوى العالم منذ الحرب العالمية الثانية، إلا أن الأوضاع المالية قبل خمسة أعوام من تاريخه انتهت إلى حدوث أكبر عجز مالي في تاريخ المالية العامة عند أعلى من 362.2 مليار ريال "14.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي"، ورغم كل ذلك إلا أنه لا يتوقع أن يتكرر ذلك العجز المالي القياسي خلال العام الجاري، حتى إن كانت الأوضاع والتطورات التي يشهدها الاقتصاد العالمي بتلك القساوة، وهو الأمر الذي حمله مضمون التصريح الأخير لوزير المالية، والضرورة القصوى التي قد تدفع المالية العامة لاتخاذها تدابير وإجراءات يمكن إدراجها تحت عبارة "شد الحزام".
لمواجهة احتمالات تراجع الإيرادات الحكومية بالمعدلات التقديرية المشار إليها أعلاه، التي تعد تحفظا أدنى مما حدث خلال 2015، فلا بد وفقا لتلك المعدلات لأجل السيطرة على العجز المالي أن يتم خفض المصروفات الحكومية بما لا يقل عن 23.5 في المائة، لتستقر عند ما لا يزيد على 804 مليارات ريال، وتتضمن انخفاضا تقديريا للمصروفات الجارية بنحو 16.6 في المائة "انخفضت بـ3.4 في المائة خلال 2015"، وتتضمن أيضا انخفاضا تقديريا للمصروفات الرأسمالية بنحو 57.5 في المائة "انخفضت بـ28.8 في المائة خلال 2015"، والمقارنة هنا في جانب المصروفات خلال 2015، تكشف بجلاء عن الأسباب التي أدت إلى ارتفاع العجز المالي بتلك الصورة القياسية غير المسبوقة، ويؤكد التعامل الأكثر حزما مع المصروفات الذي جرى خلال العام التالي 2016 بخفض المصروفات بـ20.7 في المائة "المصروفات الجارية بانخفاض 8.7 في المائة، المصروفات الرأسمالية بانخفاض 53.1 في المائة"، يؤكد ذلك أهميته في زيادة السيطرة على العجز المالي والوصول به إلى 256.5 مليار ريال بنهاية 2016 "10.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي"، واستمر ذلك حتى نهاية العام المالي الماضي بالوصول بحجم العجز المالي إلى أدنى من 121.2 مليار ريال "4.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي".
أتاحت الإصلاحات الهيكلية خلال الأعوام الأربعة الماضية قدرا ملموسا من الاستقلالية المالية عن الدخل المتقلب للنفط، إلا أنه لم يصل بعد إلى الدرجة الكافية للنأي تماما بالمالية العامة عن تلك التقلبات في الأسواق العالمية للنفط، كما حافظت الأهمية القصوى لترشيد الإنفاق الحكومي على مكانتها، وترتقي إجراءات الترشيد تلك في مثل الظروف الراهنة بكل تأكيد إلى درجة أكبر، وهو ما حمله تماما التصريح الأخير لوزير المالية؛ كونه المجال الذي تتوافر فيه الخيارات أكثر من غيره من بقية المجالات.
وسيكون من الأهمية القصوى هنا، تذكير وزارة المالية أثناء محاولتها الموفقة، تخفيف أعباء الرسوم والضرائب عن كاهل القطاع الخاص، الجزء المنتج من الاقتصاد الوطني الذي يعمل على توظيف نحو 1.7 مليون مواطن ومواطنة، أن تقوم الوزارة بزيادة تركيزها على حصد أكبر قدر ممكن من الرسوم على الأوعية غير المنتجة اقتصاديا دون أي تأخير، ويتقدم تلك الأوعية: الأراضي البيضاء، والعمل على توسيع دائرة تحصيلها لتشمل أكثر من المناطق الجغرافية الأربع الراهنة، والتقدم أيضا بمراحل تنفيذها ما سيحفز النشاط الاقتصادي بصورة أكبر من جانب، ومن جانب آخر سيسهم بصورة كبيرة جدا في زيادة الإيرادات غير النفطية، ويدعم الميزانية العامة للدولة، هذا عدا أنه سيسهم بصورة غير مباشرة في زوال التضخم الكبير بوضعه الراهن في أسعار وتكلفة تملك الأراضي والمساكن وإيجاراتها السكنية والتجارية، الذي سيشكل حدوثه دعما كبيرا للقطاعات الإنتاجية في الاقتصاد الوطني، إضافة إلى مساهمته الكبيرة في خفض تكلفة المعيشة على الأفراد من مواطنين ومقيمين على حد سواء، وللحديث بقية بمشيئة الله تعالى.مثل الظروف الراهنة بكل تأكيد إلى درجة أكبر، وهو ما حمله تماما التصريح الأخير لوزير المالية؛ كونه المجال الذي تتوافر فيه الخيارات أكثر من غيره من بقية المجالات.
نقلا عن الاقتصادية