مع مصيبة فيروس كورونا، انحدرت اقتصادات الدول انحدارا. كان الحديث في البداية عن ركود ثم انكماش والآن كساد يتصف بصفتي العمق وطول الأمد. كساد لم يشهد مثله منذ 100 عام، وربما أكثر.
اتخذت الحكومات مبادرات عدة لتخفيف الأضرار الاقتصادية. تم اعتماد ضخ ما يساوي تريليونات الدولارات "التريليون 1000 مليار" في اقتصادات دول العالم، غربا وشرقا بواسطة البنوك المركزية والحكومات. بعض الضخ تم، وبعضه في الطريق. وهذا الضخ في صورة ضمانات وقروض ميسرة أو ائتمانية credits أو دعم غير مسترد.
للضخ أربعة أهداف رئيسة: الأول، تقليل أعداد وحجم الانهيارات في القطاع الخاص، والثاني، تقليل عدد من يفقدون وظائفهم، والثالث، دعم رواتب بعض الذين ما زالوا يعملون، والرابع، دعم العاطلين الذين تزايد عددهم بصورة غير مسبوقة مع الحدث. وطبعا هناك آخرون كثيرون لم يستفيدوا من الضخ، رغم أنهم متضررون بشكل أو آخر. لكنه رؤي أن تضررهم أقل قوة وأهمية من الأولين. والمسألة أحيانا اجتهادية تقبل الصواب والخطأ.
بداية، تتجه الأنظار إلى أن المصيبة مؤقتة. وهنا يطرح السؤال الجوهري في الشأن الاقتصادي ومساره. ما مسار الانحدار الاقتصادي، وتبعا، متى يتوقف وكيف. بعبارة أخرى، إلى أين تسير الاقتصادات؟
وجواب السؤال الجوهري السابق يبنى على أجوبة الأسئلة الأربعة التالية:
1. متى وكيف خففت أو ستخفف القيود على الحركة وممارسة الأعمال؟
2. ما المدة المتوقعة لانتهاء مصيبة الفيروس اختفاء أو هزيمة؟
3. كم نحتاج من الوقت لتعود الأمور إلى مجاريها بعد الاختفاء أو الهزيمة؟
4. كيف ستعود؟
يبدو الفيروس حتى الآن غير مفهوم جيدا من حيث طبيعته وكيف نشأ وتطور؟. الاحتمالية تحيط بأي تنبؤ بمسار ما. وتبعا، تجر تلك الجهالة إلى جهالة تفصيلات وخصائص لاحقة عن المرض ومستويات ونسب الإصابة والشفاء وما إلى ذلك. ومن ثم دعت جهات صحية مختصة كمنظمة الصحة العالمية إلى أن من المهم التحرك القوي في الاختبارات والمتابعة والمعالجة والتباعد بين الناس. مع الأخذ في الحسبان أنه ستمضي مدة يتوقع أن تزيد على عام لتطوير وإنتاج واسع للقاح مناسب. وينبغي خلال هذه الفترة العمل على توفير علاجات فاعلة، حيث تكون منتشرة انتشارا واسعا في المجتمع بأقوى ما يمكن. وباختصار، الحصول على علاج فاعل يجعل فيروس كورونا معتدل التأثير.
لا أدخل في مزيد عمق وتفاصيل لعدم الاختصاص. لكنه يهمنا هنا أن كل هذه الأوضاع تجعل التوقعات الاقتصادية وأجوبة الأسئلة السابقة تحت الاحتمالية. ومن جهة أخرى، فإن التدابير المتخذة لمواجهة آثار كورونا متفاوتة، نمطا ووقتا. كما أن رد فعل المنشآت والناس متفاوت.
كلما طالت المصيبة كانت أضرارها أو تكاليفها الاقتصادية لكل يوم يمر أقوى وأكبر. تنطبق على هذا الوضع نظرية التكاليف الحدية. تقول النظرية، إن تكلفة الوحدة الواحدة تزيد مع زيادة الإنتاج. وهذا أمر معقول مشاهد. فزيادة الإنتاج تعني في العادة أن الاقتصاد في نمو وتطور وزيادة طلب على مصادر الإنتاج، ما يتسبب في ارتفاع الأسعار والدخول. والعكس بالعكس. ومن ثم نقول، إن الأضرار الاقتصادية لكل يوم هي أعلى من أضرار اليوم الذي قبله كلما طالت المدة، وما يوضح حجم الإضرار، أن نسبة العاطلين أي نسبة العطالة في أمريكا ودول أخرى تجاوزت 30 في المائة، وهي الأعلى على مدى 100 عام.
أخذا في الحسبان مما سبق، بادرت الدول إلى البدء في تخفيف تدابير أضرت بالاقتصاد. وقد أعلنت السعودية أمس رفع منع التجول جزئيا في جميع مناطق المملكة والسماح بفتح بعض الأنشطة الاقتصادية والتجارية وممارسة أعمالها خلال فترة السماح بالتجول الجزئي. وبالتأكيد سيأخذ ذلك في الحسبان سلامة السكان والحذر والمراقبة والمتابعة. ما يعني فتحا بالتدريج مع قواعد صحية تراعي متطلبات مكافحة انتشار الفيروس. بتعبير آخر، الصحة قبل المال health before wealth. ونحمد الله على تمتع دولتنا بملاءة مالية خففت من حدة الأضرار. ونرجو من الله أن يوفقنا لزيادة هذه الملاءة مستقبلا.
ترى أوراق عدة ذات اعتبار، أن عودة الأمور إلى طبيعتها تتطلب عامين إلى ثلاثة بعد النجاح في محاصرة الفيروس.
كيف ستكون العودة خلال هذه المدة؟ طور مختصون اقتصاديون أكثر من نموذج يحاكي تأثير الاهتزازات الاقتصادية العنيفة وكيف تعود الأمور؟. يمكن تلخيصها بأن تتخذ شكلا لأحد الحروف الأعجمية الثلاثة التالية: V-U-L
الأول، V يعني عودة سريعة، والثاني، U عودة متدرجة، والثالث، L معبر عن طول مدة بقاء الأوضاع على حالها قبل أن تبدأ بالتعافي. ويعتمد توقع كل شكل على فهم عوامل كثيرة.
من الآن وحتى النجاح والعودة، متوقع تراكم نحو ثلاثة تريليونات دولار من ديون الدول النامية، حسب تقرير لـ«يونكتاد» UNCTAD. وتبعا، طالبت الأمم المتحدة بأدوات تسهيل نقدي لتلك الدول، منها تريليون من صندوق النقد الدولي، وتريليون إعفاء عن ديون.
ندعوه الله سبحانه في هذه الأيام الفضيلة أن يرفع عنا الوباء قريبا، آمين.
نقلا عن الاقتصادية
اتخذت الحكومات مبادرات عدة لتخفيف الأضرار الاقتصادية. تم اعتماد ضخ ما يساوي تريليونات الدولارات "التريليون 1000 مليار" في اقتصادات دول العالم، غربا وشرقا بواسطة البنوك المركزية والحكومات. بعض الضخ تم، وبعضه في الطريق. وهذا الضخ في صورة ضمانات وقروض ميسرة أو ائتمانية credits أو دعم غير مسترد.
للضخ أربعة أهداف رئيسة: الأول، تقليل أعداد وحجم الانهيارات في القطاع الخاص، والثاني، تقليل عدد من يفقدون وظائفهم، والثالث، دعم رواتب بعض الذين ما زالوا يعملون، والرابع، دعم العاطلين الذين تزايد عددهم بصورة غير مسبوقة مع الحدث. وطبعا هناك آخرون كثيرون لم يستفيدوا من الضخ، رغم أنهم متضررون بشكل أو آخر. لكنه رؤي أن تضررهم أقل قوة وأهمية من الأولين. والمسألة أحيانا اجتهادية تقبل الصواب والخطأ.
بداية، تتجه الأنظار إلى أن المصيبة مؤقتة. وهنا يطرح السؤال الجوهري في الشأن الاقتصادي ومساره. ما مسار الانحدار الاقتصادي، وتبعا، متى يتوقف وكيف. بعبارة أخرى، إلى أين تسير الاقتصادات؟
وجواب السؤال الجوهري السابق يبنى على أجوبة الأسئلة الأربعة التالية:
1. متى وكيف خففت أو ستخفف القيود على الحركة وممارسة الأعمال؟
2. ما المدة المتوقعة لانتهاء مصيبة الفيروس اختفاء أو هزيمة؟
3. كم نحتاج من الوقت لتعود الأمور إلى مجاريها بعد الاختفاء أو الهزيمة؟
4. كيف ستعود؟
يبدو الفيروس حتى الآن غير مفهوم جيدا من حيث طبيعته وكيف نشأ وتطور؟. الاحتمالية تحيط بأي تنبؤ بمسار ما. وتبعا، تجر تلك الجهالة إلى جهالة تفصيلات وخصائص لاحقة عن المرض ومستويات ونسب الإصابة والشفاء وما إلى ذلك. ومن ثم دعت جهات صحية مختصة كمنظمة الصحة العالمية إلى أن من المهم التحرك القوي في الاختبارات والمتابعة والمعالجة والتباعد بين الناس. مع الأخذ في الحسبان أنه ستمضي مدة يتوقع أن تزيد على عام لتطوير وإنتاج واسع للقاح مناسب. وينبغي خلال هذه الفترة العمل على توفير علاجات فاعلة، حيث تكون منتشرة انتشارا واسعا في المجتمع بأقوى ما يمكن. وباختصار، الحصول على علاج فاعل يجعل فيروس كورونا معتدل التأثير.
لا أدخل في مزيد عمق وتفاصيل لعدم الاختصاص. لكنه يهمنا هنا أن كل هذه الأوضاع تجعل التوقعات الاقتصادية وأجوبة الأسئلة السابقة تحت الاحتمالية. ومن جهة أخرى، فإن التدابير المتخذة لمواجهة آثار كورونا متفاوتة، نمطا ووقتا. كما أن رد فعل المنشآت والناس متفاوت.
كلما طالت المصيبة كانت أضرارها أو تكاليفها الاقتصادية لكل يوم يمر أقوى وأكبر. تنطبق على هذا الوضع نظرية التكاليف الحدية. تقول النظرية، إن تكلفة الوحدة الواحدة تزيد مع زيادة الإنتاج. وهذا أمر معقول مشاهد. فزيادة الإنتاج تعني في العادة أن الاقتصاد في نمو وتطور وزيادة طلب على مصادر الإنتاج، ما يتسبب في ارتفاع الأسعار والدخول. والعكس بالعكس. ومن ثم نقول، إن الأضرار الاقتصادية لكل يوم هي أعلى من أضرار اليوم الذي قبله كلما طالت المدة، وما يوضح حجم الإضرار، أن نسبة العاطلين أي نسبة العطالة في أمريكا ودول أخرى تجاوزت 30 في المائة، وهي الأعلى على مدى 100 عام.
أخذا في الحسبان مما سبق، بادرت الدول إلى البدء في تخفيف تدابير أضرت بالاقتصاد. وقد أعلنت السعودية أمس رفع منع التجول جزئيا في جميع مناطق المملكة والسماح بفتح بعض الأنشطة الاقتصادية والتجارية وممارسة أعمالها خلال فترة السماح بالتجول الجزئي. وبالتأكيد سيأخذ ذلك في الحسبان سلامة السكان والحذر والمراقبة والمتابعة. ما يعني فتحا بالتدريج مع قواعد صحية تراعي متطلبات مكافحة انتشار الفيروس. بتعبير آخر، الصحة قبل المال health before wealth. ونحمد الله على تمتع دولتنا بملاءة مالية خففت من حدة الأضرار. ونرجو من الله أن يوفقنا لزيادة هذه الملاءة مستقبلا.
ترى أوراق عدة ذات اعتبار، أن عودة الأمور إلى طبيعتها تتطلب عامين إلى ثلاثة بعد النجاح في محاصرة الفيروس.
كيف ستكون العودة خلال هذه المدة؟ طور مختصون اقتصاديون أكثر من نموذج يحاكي تأثير الاهتزازات الاقتصادية العنيفة وكيف تعود الأمور؟. يمكن تلخيصها بأن تتخذ شكلا لأحد الحروف الأعجمية الثلاثة التالية: V-U-L
الأول، V يعني عودة سريعة، والثاني، U عودة متدرجة، والثالث، L معبر عن طول مدة بقاء الأوضاع على حالها قبل أن تبدأ بالتعافي. ويعتمد توقع كل شكل على فهم عوامل كثيرة.
من الآن وحتى النجاح والعودة، متوقع تراكم نحو ثلاثة تريليونات دولار من ديون الدول النامية، حسب تقرير لـ«يونكتاد» UNCTAD. وتبعا، طالبت الأمم المتحدة بأدوات تسهيل نقدي لتلك الدول، منها تريليون من صندوق النقد الدولي، وتريليون إعفاء عن ديون.
ندعوه الله سبحانه في هذه الأيام الفضيلة أن يرفع عنا الوباء قريبا، آمين.
نقلا عن الاقتصادية