خطت مؤسسة النقد العربي السعودي خطوة موفقة قبل نحو عامين بإصدار "مبادئ التمويل المسؤول للأفراد" وإصدار "ضوابط وإجراءات التحصيل للعملاء الأفراد". وكثير مما جاء في هذين تحديث لما كان موجودا من قبل. وهو جزء من منظومة تدخل فيها مراقبة المصارف وشركات التمويل وحماية العملاء. وتلك المبادئ والضوابط مهمة جدا. ودونها سيفسد نشاط التمويل. والنتيجة تضرر الجميع والاقتصاد والقطاع المالي في البلاد تضررا عظيما.
تجتهد جهات التمويل في تقييم الجدارة الائتمانية للعميل وفحص سجله الائتماني للتأكد من قدرته على السداد. لكن القدرة على السداد لا تعني بالضرورة الالتزام بالسداد. وهذا يقود إلى خطوة كيفية حمل العميل على السداد. وهنا جاءت فكرة تحويل الرواتب. وتبعا تعمل المصارف اتفاقات مع أصحاب العمل لضمان تحويل الراتب على المصرف، بما يمكن المصرف من استقطاع القسط تلقائيا. وهذا فيه شبه ببائع سلعة يرفض تسليمها قبل دفع الثمن، لأنه يخاف من المماطلة في الدفع كله أو بعضه.
هناك من لا يرى حاجة إلى تحويل الراتب إذا وجد ضمانا كرهن العقار. طبعا هي سياسة لها مساوئها، لكن لها أيضا محاسنها. ومن العدل النظر إلى كلا الوجهين. تكلم متكلمون عن المساوئ. ولذا لا أجد حاجة إلى تكرار ما قالوه، نظرا لضيق المقام. أما من جهة المحاسن فإن التحويل يقلل التأخر في السداد، ومن ثم يقلل لجوء جهة التمويل إلى التصرف في العقار، وما يجره من مشكلات كبيرة. كما أنه يزيد قوة الاستقرار المالي، خاصة مع ارتفاع احتمال تأخير الدفع.
لا شك أن من أهداف مبادئ التمويل وضوابط التحصيل تنظيم نسب التحمل ابتداء، بما يراعي ظروف العميل. وتعاد جدولة المديونية مراعاة لتغير ظروف العميل. لكنه كأي عمل بشري، عرضة للنقص والخلل في تحقيق مراعاة ظروف العميل. والمطلوب معالجة النقص والخلل قدر الإمكان.
هناك حالات خلاصتها أن الاستمرار في السداد كما هو خارج قدرة ووسع الحاصلين على التمويل. من أمثلة هذه الحالات التعطل أو العطالة ومعها انقطاع الوظيفة مصدر الراتب. من الأمثلة الانتقال من وظيفة إلى أخرى راتبها أقل كثيرا. من الأمثلة كون الشخص عمل في جهتين، وفي كل جهة حصل على تمويل من مصرف مختلف. لو طلب إعادة جدولة المديونية لانخفاض دخله، فإنه لا يستطيع أن يحول معاشه إلى المصرفين معا. من الأمثلة أن الضوابط نصت على استثناء عقود التمويل المضمونة بالأصل، كرهن العقار. هذا التعميم بالاستثناء مشكلة.
وهناك مشكلة خلاف ما سبق. يحق لجهة التمويل اللجوء إلى القضاء عند التعثر عن السداد لأكثر من ثلاثة أشهر متتالية أو خمسة متفرقة فترة السداد. والمعروف أن هذا اللجوء نتج منه صدور قرارات بإيقاف خدمات. وطبعا جر ويجر هذا الإيقاف أضرارا كبيرة، تتطلب بحثا عن حل أنسب.
جاء في المبادئ والضوابط تعليمات بإعادة جدولة المديونية تبعا لتغير ظروف العميل. لكن هناك حالات كثيرة خاصة لا تعاد جدولتها بما يحقق قاعدة لا ضرر ولا ضرار. بل هي في الوضع الحالي تخضع لاجتهاد وتفسير المصارف وشركات التمويل والعملاء. وقد لا ينسجم هذا الاجتهاد مع أهداف المبادئ. إن الأمر يستدعي تدخل مؤسسة النقد وفق القاعدة الشرعية السابقة. ينبغي للمؤسسة زيادة توضيح وتفصيل المبادئ والضوابط لحالات كثيرة. وهنا أمثلة لحالات.
ينبغي لمؤسسة النقد التدخل في موضوع إيقاف الخدمات لتضييق نطاق تطبيقها إلى أدنى ما يمكن. وينبغي أن تكون الحدود العليا لنسبة الاستقطاع العقاري، أقل مما يمارس في بعض الحالات. وينبغي توضيح مسؤوليات السداد في حالة ظهور عيوب كبيرة في المبنى.
ينبغي تحديد مبلغ الاستقطاع الشهري في حالة القرض الشخصي للعاطل، حيث لا يزيد على ألف ريال، إذا لم يثبت أن عنده مصادر دخل أخرى معتبرة. وممكن وضع مدة له. وبعدها يزاد المبلغ تدريجيا وفق جدول يرتب بالتفاهم بين مؤسسة النقد والمصرف ثم العميل.
ينبغي مراعاة أحوال الذين سددوا أكثر التمويل. فهؤلاء ينبغي التساهل معهم أكثر من غيرهم. وفي حال وجود تمويلين من مصرفين مختلفين، فينبغي أن تفرض المؤسسة تحويل الراتب أو المعاش التقاعدي إلى المصرف صاحب المديونية الأعلى، وتلزم المصرف الآخر بإعادة الجدولة دون تحويل مباشر، بل بتحويل مرتب بين المصرفين.
مما يلاحظ أن المبادئ ساوت بين دخول متفاوتة كثيرا في حجمها، من جهة التمويل المرتبط فقط بالاستقطاع الشهري من الراتب. ومن ثم أرى أن هذه المساواة بحاجة إلى مراجعة. وفي هذا أرى أن تتبنى المؤسسة شرائح أكثر للدخل.
أخيرا ما سبق لا يعني ترك الإشادة بجهود مؤسسة النقد. المؤسسة لها جهود ملموسة قوية عالية المستوى في ضبط ومراقبة أمور التمويل. لكن كل عمل بشري عرضة للنقص، والكمال لله وحده.
نقلا عن الاقتصادية
تجتهد جهات التمويل في تقييم الجدارة الائتمانية للعميل وفحص سجله الائتماني للتأكد من قدرته على السداد. لكن القدرة على السداد لا تعني بالضرورة الالتزام بالسداد. وهذا يقود إلى خطوة كيفية حمل العميل على السداد. وهنا جاءت فكرة تحويل الرواتب. وتبعا تعمل المصارف اتفاقات مع أصحاب العمل لضمان تحويل الراتب على المصرف، بما يمكن المصرف من استقطاع القسط تلقائيا. وهذا فيه شبه ببائع سلعة يرفض تسليمها قبل دفع الثمن، لأنه يخاف من المماطلة في الدفع كله أو بعضه.
هناك من لا يرى حاجة إلى تحويل الراتب إذا وجد ضمانا كرهن العقار. طبعا هي سياسة لها مساوئها، لكن لها أيضا محاسنها. ومن العدل النظر إلى كلا الوجهين. تكلم متكلمون عن المساوئ. ولذا لا أجد حاجة إلى تكرار ما قالوه، نظرا لضيق المقام. أما من جهة المحاسن فإن التحويل يقلل التأخر في السداد، ومن ثم يقلل لجوء جهة التمويل إلى التصرف في العقار، وما يجره من مشكلات كبيرة. كما أنه يزيد قوة الاستقرار المالي، خاصة مع ارتفاع احتمال تأخير الدفع.
لا شك أن من أهداف مبادئ التمويل وضوابط التحصيل تنظيم نسب التحمل ابتداء، بما يراعي ظروف العميل. وتعاد جدولة المديونية مراعاة لتغير ظروف العميل. لكنه كأي عمل بشري، عرضة للنقص والخلل في تحقيق مراعاة ظروف العميل. والمطلوب معالجة النقص والخلل قدر الإمكان.
هناك حالات خلاصتها أن الاستمرار في السداد كما هو خارج قدرة ووسع الحاصلين على التمويل. من أمثلة هذه الحالات التعطل أو العطالة ومعها انقطاع الوظيفة مصدر الراتب. من الأمثلة الانتقال من وظيفة إلى أخرى راتبها أقل كثيرا. من الأمثلة كون الشخص عمل في جهتين، وفي كل جهة حصل على تمويل من مصرف مختلف. لو طلب إعادة جدولة المديونية لانخفاض دخله، فإنه لا يستطيع أن يحول معاشه إلى المصرفين معا. من الأمثلة أن الضوابط نصت على استثناء عقود التمويل المضمونة بالأصل، كرهن العقار. هذا التعميم بالاستثناء مشكلة.
وهناك مشكلة خلاف ما سبق. يحق لجهة التمويل اللجوء إلى القضاء عند التعثر عن السداد لأكثر من ثلاثة أشهر متتالية أو خمسة متفرقة فترة السداد. والمعروف أن هذا اللجوء نتج منه صدور قرارات بإيقاف خدمات. وطبعا جر ويجر هذا الإيقاف أضرارا كبيرة، تتطلب بحثا عن حل أنسب.
جاء في المبادئ والضوابط تعليمات بإعادة جدولة المديونية تبعا لتغير ظروف العميل. لكن هناك حالات كثيرة خاصة لا تعاد جدولتها بما يحقق قاعدة لا ضرر ولا ضرار. بل هي في الوضع الحالي تخضع لاجتهاد وتفسير المصارف وشركات التمويل والعملاء. وقد لا ينسجم هذا الاجتهاد مع أهداف المبادئ. إن الأمر يستدعي تدخل مؤسسة النقد وفق القاعدة الشرعية السابقة. ينبغي للمؤسسة زيادة توضيح وتفصيل المبادئ والضوابط لحالات كثيرة. وهنا أمثلة لحالات.
ينبغي لمؤسسة النقد التدخل في موضوع إيقاف الخدمات لتضييق نطاق تطبيقها إلى أدنى ما يمكن. وينبغي أن تكون الحدود العليا لنسبة الاستقطاع العقاري، أقل مما يمارس في بعض الحالات. وينبغي توضيح مسؤوليات السداد في حالة ظهور عيوب كبيرة في المبنى.
ينبغي تحديد مبلغ الاستقطاع الشهري في حالة القرض الشخصي للعاطل، حيث لا يزيد على ألف ريال، إذا لم يثبت أن عنده مصادر دخل أخرى معتبرة. وممكن وضع مدة له. وبعدها يزاد المبلغ تدريجيا وفق جدول يرتب بالتفاهم بين مؤسسة النقد والمصرف ثم العميل.
ينبغي مراعاة أحوال الذين سددوا أكثر التمويل. فهؤلاء ينبغي التساهل معهم أكثر من غيرهم. وفي حال وجود تمويلين من مصرفين مختلفين، فينبغي أن تفرض المؤسسة تحويل الراتب أو المعاش التقاعدي إلى المصرف صاحب المديونية الأعلى، وتلزم المصرف الآخر بإعادة الجدولة دون تحويل مباشر، بل بتحويل مرتب بين المصرفين.
مما يلاحظ أن المبادئ ساوت بين دخول متفاوتة كثيرا في حجمها، من جهة التمويل المرتبط فقط بالاستقطاع الشهري من الراتب. ومن ثم أرى أن هذه المساواة بحاجة إلى مراجعة. وفي هذا أرى أن تتبنى المؤسسة شرائح أكثر للدخل.
أخيرا ما سبق لا يعني ترك الإشادة بجهود مؤسسة النقد. المؤسسة لها جهود ملموسة قوية عالية المستوى في ضبط ومراقبة أمور التمويل. لكن كل عمل بشري عرضة للنقص، والكمال لله وحده.
نقلا عن الاقتصادية