استكمالا للمقال الماضي حول أهم التوجهات العالمية في موضوع حوكمة الشركات، ذكرنا خمسة توجهات تسيطر على اهتمام المختصين والمتعاملين في موضوعات حوكمة الشركات corporate governance وكانت تمثل التقلبات والاضطرابات المحيطة بالأعمال، الاهتمام بتحقيق العدالة التنظيمية، موضوعات المساواة بين الجنسين في بيئة العمل، أهمية الحوكمة كأداة لتحقيق مكاسب سياسية أو فرض تغييرات على مستويات سياسية مختلفة، استخدام التقنية والذكاء الاصطناعي في مجال الاعمال. في هذا العدد نستكمل التوجهات الخمسة التالية:
6 - المسؤولية والمساءلة: يعاني كثير من أعضاء مجالس الإدارات BoDs مخاطر المسؤوليات الملقاة عليهم، ونتائج المساءلة التي قد تلحق بهم نظير سعيهم إلى تحقيق الأهداف الاستراتيجية للشركات. الوقوع في مخاطر المساءلة القانونية يحد من إقبال وإقدام أعضاء مجالس الإدارات في اتخاذ قرارات تتسم بالمخاطرة العالية. وهذا نتيجة للسياسات العدلية التي تفرط أحيانا في استخدام السلطة مقابل قرارات الأفراد، ما يجعل كثيرا من أعضاء مجالس الإدارات يسعون إلى حماية أنفسهم بشكل كبير وقد يتسبب في ضعف أداء مسؤولياتهم دون قصد.
7 - مشاركة مجلس الإدارة BoDs في صياغة توجهات المسؤولية الاجتماعية للشركات SCR: نتيجة لاختلاف التوجهات بين الملاك والإدارة والمجتمع، مجالس الإدارات مطالبة بإيجاد التوازنات بين مبادرات المسؤولية الاجتماعية للشركات والمسؤوليات تجاه المساهمين والملاك ومجموعات أصحاب المصالح الأخرى Stakeholder group. من المسلم به أن المديرين التنفيذيين أصبحوا أكثر اهتماما بموضوعات المسؤولية الاجتماعية للشركات استجابة لرغبات وتأثير عملاء الألفية الجديدة وهذا يتطلب دورا أكبر للحوكمة لإحداث التوازن بين الأهداف الاقتصادية والاجتماعية لكل أصحاب المصلحة.
8 - التعامل مع الموضوعات الساخنة والمهمة An Enforcement Hot-Button: تشير الإجراءات العدلية الحكومية لإنفاذ القانون والتحقيقات الداخلية Internal Audit للشركات بشكل متزايد إلى العيوب المزعومة في أخلاقيات الشركات Corporate Ethics وثقافة القوى العاملة workforce culture باعتبارهما العوامل المحركة لمخالفات الشركات. لذلك يحتاج مجلس الإدارة إلى مزيد من تركيز الوقت والموارد لمراقبة الثقافة التنظيمية organizational culture ونبرة القيادة leadership بحثا عن مؤشرات تنبئ بوجود تحفيز للسلوك الذي لا يتماشى مع مهمة وأغراض الشركةmission and purposes of the company.
9 - تطور مفهوم تضارب المصالح: تؤدي زيادة تنويع الشركات وتطور نماذج الأعمال إلى إعادة معايرة مفاهيم المنافسة بطريقة تقلل من فعالية سياسات تضارب المصالح conflict of interest policies. وللمضي قدما، قد يحتاج أعضاء مجالس الإدارات والتنفيذيون إلى التفكير بشكل أكثر شمولية حول الكيفية التي قد تؤدي بها علاقاتهم وترتيباتهم إلى تضارب محتمل أو فعلي في المصالح بشأن القضايا المعروضة على المجلس. وهذا سيؤدي إلى مزيد من المطالبات لزيادة الإفصاح Disclosure.
10 - صنع القرار الراديكالي: آليات صنع القرار في الشركات تنطوي على مستوى مقبول من المخاطر، متى تجاوزته تصبح المخاطر أكبر وعواقبها أكبر على الشركات بسبب قرارات وخيارات استراتيجية غير ناجحة. منهجيات مجالس الإدارات التقليدية في اتخاذ القرارات الرئيسة تقل بشكل متزايد. لذلك تستحق عملية صنع القرار الأكثر تنظيما، وهي عملية جذرية نوعا ما في التصميم لكنها ما زالت ترتكز على مبادئ مسؤوليات الأعضاء وقدرتهم على اتخاذ القرارات.
إن هذه التوجهات العشرة تشكل أهمية كبرى للباحثين والمختصين والممارسين في مجالات حوكمة الشركات، وتأتي كمؤشرات ذات دلالة لمستقبل الشركات والاقتصاد، لذا تحتاج إلى عناية واهتمام لمعالجتها قبل الوقوع في المخاطر.
نقلا عن الاقتصادية