تشهد بعض مناطق المملكة مهرجانات للتمور لعل أبرزها مهرجان التمور في بريدة، ومن خلال زيارتي لها كل عام أجد أن هذه المهرجانات لم تتطور ولم تستغل بشكل مرض، وما زالت تتعامل مع هذه الفعالية على أنها سوق لبيع التمور جملة ومفرقا وحراج للتمور بالطريقة نفسها التي كانت عليها قبل 30 عاما لم يتغير شيء ما عدا بعض التفاصيل والتحديثات البسيطة التي لم تغير من طبيعة المهرجان ولم تنقله إلى مستوى أكثر فائدة وشمولية وعالمية.
نموذج المهرجان اليوم عبارة عن موقع لبيع التمور من المزارع إلى العملاء ومعرض بسيط جدا لبعض الصناعات التحويلية البسيطة فقط. هل يعقل أن يكون مهرجان واحدة من أهم السلع لدينا بعد النفط بهذه الطريقة؟! إن الزائر للمهرجانات المقامة في كثير من دول العالم يعلم أن المهرجان بوضعه الحالي غير مرض بل بدائي في طريقته.
إذن ما الذي تحتاج إليه مثل هذه المهرجانات كي يرتقي مستوى الخدمات والفعاليات فيها، وبالتالي تجذب مزيدا من الزائرين وتوجد سلسلة من التفاعلات الإيجابية؟ الإجابة في عدة خطوات وهي:
أولا: تحويل إدارة هذه المهرجانات والفعاليات إلى القطاع الخاص عبر إنشاء شركة خاصة تملك حقوق إدارة المهرجان.
ثانيا: وضع أهداف محددة للشركة -مالكة الامتياز- تضمن تحقيق المطلوب منها: 1- زيادة التفاعل. 2- زيادة المشاركات. 3- إثراء المحتوى. 4- تنمية الصناعة في الأساس.
تحقيق هذه الأهداف يتم عبر عدة مبادرات منها: تبني التقنية في كل الفعاليات، وأولها السوق من ناحية البيع والشراء باستخدام التقنية، وذلك إما باستخدام طرق مثل الحراج الإلكتروني، شاشات التسعير عبر برامج وتطبيقات خاصة تعرض الصفقات والأسعار لكل صنف في لحظة الصفقة نفسها، النقل الحي للسوق عبر الإنترنت، وثائق البيع والشراء الإلكترونية، إدخال التقنية المالية في السوق وغيرها من المجالات حيث يمكن الاستفادة من التقنية لتطوير السوق وتكبيرها، وفتح السوق لشرائح أوسع وأكبر من العملاء.
كذلك إدخال التمويل إلى السوق وذلك أن تقوم الشركة التي تدير المهرجان بالتعاقد مع أطراف خارجية لتمويل السوق عبر توفير خدمات التمويل الفوري للمشترين بصيغة واتفاقية واضحة تحمي كل الأطراف وهذا سيزيد قوة السوق بكل تأكيد.
من الأدوات التي يجب على الشركة عملها لزيادة التفاعل: إقامة منتديات وورش عمل علمية بالتعاون مع الجامعات السعودية لتطوير الزراعة خصوصا النخيل ومناقشة المشكلات مع المزارعين، حيث تكون المنتديات حلقة وصل سنوية ويتم استعراض أهم الإنجازات في الهندسة الزراعية وإطلاع المزارعين عليها والسماع كذلك منهم، وبالتالي تنمي مثل هذه الندوات وورش العمل الصناعة والزراعة وتكون حدثا سنويا ينتظره الجميع لمعرفة الجديد في هذا القطاع. ولزيادة التفاعل تتم استضافة علماء ومستثمرين ومزارعين من دول أخرى مثل كاليفورنيا التي أصبحت اليوم من أهم مزارع النخيل في العالم، وكذلك من إفريقيا وآسيا وغيرها، ما يتيح تبادل الخبرات وترسيخ عالمية مهرجان التمور في القصيم.
كذلك الاهتمام بقطاع الصناعات التحويلية لصناعة التمور، حيث تقام ورش عمل ومؤتمرات لها بالتعاون مع المصانع العالمية مثل نستله وغيرها، ومع المصانع والمستثمرين في الصين الذين لديهم تصنيع خطوط الإنتاج كي تتم مناقشة سبل تطوير الصناعات التحويلية للتمور التي ما زالت ضعيفة إلى الآن، ويكون المهرجان منصة لتخرج منه مبادرات وتوصيات بخصوص تطويرها، ويكون معه معرض مصاحب كبير لأصحاب الصناعات التحويلية وكذلك للمصانع التي تنتج خطوط الإنتاج من الصين وغيرها ومن أي شركات عالمية لديها اهتمام بالصناعة التحويلية عبر منصات في المعرض تعرض فيها منتجاتهم.
من الأنشطة التي تجب إضافتها: معارض للزائرين والعائلات للترفيه وكذلك متحف يضم أبرز ما في الزراعة ويتكلم عن تاريخها خصوصا النخيل ويضم عينات من التمور لجميع الأصناف، وكما أعلم أنه يوجد عدد كبير من الأصناف غير معروف لدى أغلب الناس "على سبيل المثال مزرعة هضيم وحدها لديها أكثر من 120 صنفا من التمور" حيث يقدم المتحف معلومات عن أجزاء النخلة وتسميتها ويستعرض مراحل النخلة من بداية اللقاح إلى جني التمور وما بعدها للعناية بالنخل، وإرشادات للطرق الصحيحة لتخزين التمور وطرق تجفيف وعمل الضميد وغيرها من المعلومات الكثيرة التي أجزم أن الناس تحتاج إليها وتريد أن تشاهدها في مكان يعرضها بطريقة احترافية.
إن الأفكار لتطوير مثل هذه المهرجانات كثيرة جدا لا يمكن استعراضها هنا، لكن بكل تأكيد البداية "وحسب ما أراه" تبدأ من التخصيص والتحول إلى القطاع الخاص كامتياز يعطى لشركة لتطبق الأهداف المطلوبة منها، حيث إذا فشلت تستطيع الجهة المخولة فسخ الامتياز منها، أما كيف تستفيد الشركة منها فعبر عدة مستويات منها الرعايات، وهذه ستتم مع الشركات التي تعمل في هذا المجال، كذلك من رسوم تسجيل البائعين والمشترين مع الارتقاء بالخدمات المقدمة لهم، ورسوم على المتاحف، ورسوم رعاية المؤتمرات والندوات وغيرها كثير لن أستعرضه هنا.
إذن هناك فرصة ضائعة اليوم لزيادة حجم هذه المهرجانات والقيمة المضافة منها، وفي الوقت نفسه بالإمكان تحسين نموذج عملها لتكون مربحة بشكل ممتاز للاستثمار فيها. كل ما تحتاج إليه هو إرادة التغيير وتبني الطرح من قبل المسؤولين والإيمان بالفرصة والقوة المتمثلة في مهرجان التمور ليكون فعالية عالمية يتطلع لها كل عام في هذا الوقت، وإن لم يتم استغلاها وتطبيقها اليوم فبكل تأكيد ستطبق في مكان آخر وهنا نكون قد فوتنا فرصة أن نكون القادة في هذا المجال.
نقلا عن الاقتصادية
نموذج المهرجان اليوم عبارة عن موقع لبيع التمور من المزارع إلى العملاء ومعرض بسيط جدا لبعض الصناعات التحويلية البسيطة فقط. هل يعقل أن يكون مهرجان واحدة من أهم السلع لدينا بعد النفط بهذه الطريقة؟! إن الزائر للمهرجانات المقامة في كثير من دول العالم يعلم أن المهرجان بوضعه الحالي غير مرض بل بدائي في طريقته.
إذن ما الذي تحتاج إليه مثل هذه المهرجانات كي يرتقي مستوى الخدمات والفعاليات فيها، وبالتالي تجذب مزيدا من الزائرين وتوجد سلسلة من التفاعلات الإيجابية؟ الإجابة في عدة خطوات وهي:
أولا: تحويل إدارة هذه المهرجانات والفعاليات إلى القطاع الخاص عبر إنشاء شركة خاصة تملك حقوق إدارة المهرجان.
ثانيا: وضع أهداف محددة للشركة -مالكة الامتياز- تضمن تحقيق المطلوب منها: 1- زيادة التفاعل. 2- زيادة المشاركات. 3- إثراء المحتوى. 4- تنمية الصناعة في الأساس.
تحقيق هذه الأهداف يتم عبر عدة مبادرات منها: تبني التقنية في كل الفعاليات، وأولها السوق من ناحية البيع والشراء باستخدام التقنية، وذلك إما باستخدام طرق مثل الحراج الإلكتروني، شاشات التسعير عبر برامج وتطبيقات خاصة تعرض الصفقات والأسعار لكل صنف في لحظة الصفقة نفسها، النقل الحي للسوق عبر الإنترنت، وثائق البيع والشراء الإلكترونية، إدخال التقنية المالية في السوق وغيرها من المجالات حيث يمكن الاستفادة من التقنية لتطوير السوق وتكبيرها، وفتح السوق لشرائح أوسع وأكبر من العملاء.
كذلك إدخال التمويل إلى السوق وذلك أن تقوم الشركة التي تدير المهرجان بالتعاقد مع أطراف خارجية لتمويل السوق عبر توفير خدمات التمويل الفوري للمشترين بصيغة واتفاقية واضحة تحمي كل الأطراف وهذا سيزيد قوة السوق بكل تأكيد.
من الأدوات التي يجب على الشركة عملها لزيادة التفاعل: إقامة منتديات وورش عمل علمية بالتعاون مع الجامعات السعودية لتطوير الزراعة خصوصا النخيل ومناقشة المشكلات مع المزارعين، حيث تكون المنتديات حلقة وصل سنوية ويتم استعراض أهم الإنجازات في الهندسة الزراعية وإطلاع المزارعين عليها والسماع كذلك منهم، وبالتالي تنمي مثل هذه الندوات وورش العمل الصناعة والزراعة وتكون حدثا سنويا ينتظره الجميع لمعرفة الجديد في هذا القطاع. ولزيادة التفاعل تتم استضافة علماء ومستثمرين ومزارعين من دول أخرى مثل كاليفورنيا التي أصبحت اليوم من أهم مزارع النخيل في العالم، وكذلك من إفريقيا وآسيا وغيرها، ما يتيح تبادل الخبرات وترسيخ عالمية مهرجان التمور في القصيم.
كذلك الاهتمام بقطاع الصناعات التحويلية لصناعة التمور، حيث تقام ورش عمل ومؤتمرات لها بالتعاون مع المصانع العالمية مثل نستله وغيرها، ومع المصانع والمستثمرين في الصين الذين لديهم تصنيع خطوط الإنتاج كي تتم مناقشة سبل تطوير الصناعات التحويلية للتمور التي ما زالت ضعيفة إلى الآن، ويكون المهرجان منصة لتخرج منه مبادرات وتوصيات بخصوص تطويرها، ويكون معه معرض مصاحب كبير لأصحاب الصناعات التحويلية وكذلك للمصانع التي تنتج خطوط الإنتاج من الصين وغيرها ومن أي شركات عالمية لديها اهتمام بالصناعة التحويلية عبر منصات في المعرض تعرض فيها منتجاتهم.
من الأنشطة التي تجب إضافتها: معارض للزائرين والعائلات للترفيه وكذلك متحف يضم أبرز ما في الزراعة ويتكلم عن تاريخها خصوصا النخيل ويضم عينات من التمور لجميع الأصناف، وكما أعلم أنه يوجد عدد كبير من الأصناف غير معروف لدى أغلب الناس "على سبيل المثال مزرعة هضيم وحدها لديها أكثر من 120 صنفا من التمور" حيث يقدم المتحف معلومات عن أجزاء النخلة وتسميتها ويستعرض مراحل النخلة من بداية اللقاح إلى جني التمور وما بعدها للعناية بالنخل، وإرشادات للطرق الصحيحة لتخزين التمور وطرق تجفيف وعمل الضميد وغيرها من المعلومات الكثيرة التي أجزم أن الناس تحتاج إليها وتريد أن تشاهدها في مكان يعرضها بطريقة احترافية.
إن الأفكار لتطوير مثل هذه المهرجانات كثيرة جدا لا يمكن استعراضها هنا، لكن بكل تأكيد البداية "وحسب ما أراه" تبدأ من التخصيص والتحول إلى القطاع الخاص كامتياز يعطى لشركة لتطبق الأهداف المطلوبة منها، حيث إذا فشلت تستطيع الجهة المخولة فسخ الامتياز منها، أما كيف تستفيد الشركة منها فعبر عدة مستويات منها الرعايات، وهذه ستتم مع الشركات التي تعمل في هذا المجال، كذلك من رسوم تسجيل البائعين والمشترين مع الارتقاء بالخدمات المقدمة لهم، ورسوم على المتاحف، ورسوم رعاية المؤتمرات والندوات وغيرها كثير لن أستعرضه هنا.
إذن هناك فرصة ضائعة اليوم لزيادة حجم هذه المهرجانات والقيمة المضافة منها، وفي الوقت نفسه بالإمكان تحسين نموذج عملها لتكون مربحة بشكل ممتاز للاستثمار فيها. كل ما تحتاج إليه هو إرادة التغيير وتبني الطرح من قبل المسؤولين والإيمان بالفرصة والقوة المتمثلة في مهرجان التمور ليكون فعالية عالمية يتطلع لها كل عام في هذا الوقت، وإن لم يتم استغلاها وتطبيقها اليوم فبكل تأكيد ستطبق في مكان آخر وهنا نكون قد فوتنا فرصة أن نكون القادة في هذا المجال.
نقلا عن الاقتصادية