تم تأسيس صندوق النقد الدولي (المشهور باسم الصندوق) العام 1945 ويختص عمل الصندوق - كما هو واضح من اسمه - بالمعاملات النقدية والمالية بين الدول الأعضاء (تقريباً جميع دول العالم)، والحد من التقلبات في أسعار صرف العملات. وكذلك يُقدم الصندوق القروض - بشروطه الإلزامية - للدول التي تعاني عجزاً في ميزان مدفوعاتها. لكن الصندوق أحياناً يقوم بدراسات وتوصيات لا علاقة لها بأسعار صرف العملات ولا بموازين المدفوعات وليست من اختصاصه.
من أهم الدراسات والتوصيات التي يحاول صندوق النقد أن ينشرها رغم أنها ليست من اختصاصه هو التنبؤ بأسعار البترول. في تقرير الصندوق الجديد (W.E Outlook) الصادر في أبريل 2019 (قبل ثلاثة أشهر) يقول الصندوق: إن متوسط سعر البترول سيكون 59.16 دولاراً للعام 2019، وإن سعر البترول سيكون 59.02 دولاراً للعام 2020. ثم سيبقى متوسط سعر البترول عند هذا المستوى بالسعر الثابت (الحقيقي) على المدى المتوسط (أي إلى نحو العام 2031 تقريباً).
قد يقول البعض من حق الصندوق - مثله مثل الجهات الأخرى - أن يتوقع السعر وحجم الطلب على البترول؛ لأنهما يؤثران تأثيراً كبيراً على أسعار صرف العملات، وكذلك يؤثران على التوازن في موازين المدفوعات للدول المستوردة والدول المصدرة للبترول.
ورغم أن هذا صحيح، لكن الملاحظ أن تقديرات الصندوق لأسعار البترول تخالف الواقع (كما يُثبته التاريخ)، ويُخالف معظم التقديرات للجهات المختصة الأخرى، وهذا بالتأكيد يتعارض مع تحقيق هدف الحد من تقلبات أسعار صرف العملات واستقرار موازين المدفوعات، وبالتالي ستكون النتيجة لتوقعات الصندوق الخاطئة نتائج عكسية فتزيد من تقلبات أسعار صرف العملات وزيادة الاختلالات في موازين المدفوعات.
السؤال الذي يتبادر إلى الذهن، لماذا صندوق النقد دائماً يتوقع أن أسعار البترول ستبقى منخفضة؟ والجواب لأن الصندوق يتوقع في دراساته أن الطلب على البترول (بالذات البنزين والديزل) سيتحول بسرعة إلى السيارة الكهربائية بنفس السرعة التي تحول الإنسان من استخدام الحصان كوسيلة للمواصلات إلى وسائل الاحتراق الداخلي (سيارة البنزين والديزل) في بداية القرن الماضي. (انظر المقال الوارد في هذه الزاوية بعنوان: صندوق النقد يُخطئ في تطبيق قواعد المحاكاة بتاريخ 31 ديسمبر 2017).
لو افترضنا صحة توقعات صندوق النقد بأن متوسط سعر البترول سيكون 59.02 دولاراً العام 2020، وأن السعر سيبقى ثابتاً بالسعر الثابت في المدى المتوسط (أي إلى العام 2031 تقريباً) فإن هذا يعني أن متوسط السعر الجاري (الاسمي) للبترول سيصبح 69.52 دولاراً العام 2031 مع افتراض أن متوسط نسبة التضخم ستكون 1.5 % في السنة.
الخطأ الذي يرتكبه صندوق النقد هو أنه يبني سيناريوهاته على افتراضات عشوائية، فيفترض أن الطلب على البترول يقتصر على استهلاكه كوقود في المواصلات.. وبالتالي يقوم الصندوق بعملية استقراء (extrapolation) رياضية لقراءة وتوقع مستقبل الطلب على البترول.
نقلا عن الرياض
صندوق النقدالدولي معلوم انه غير مستقل اومحايد ..إلخ. وبالتالي كل ما يقال فيه من انتقاد فهو يستحقه ، وعلى طريقة اشقائنا المصريين ،، هو اللي جابه لنفسه ! مقال جميل ، شكرا للكاتب والشكر موصول لأرقام.