عمان : الحالة المالية

30/07/2019 21
فواز حمد الفواز

من فترة لأخرى لابد من مراجعة جوانب من اقتصاديات الدول المهمة و المجاورة في المنطقة ، فعمان تربطها بالمملكة حدود و شراكة في مجلس التعاون و تشرف على مضيق الخليج مع ايران و كذلك وجود مركز المراقبة البحرية الأمريكية . بدأت عمان 1995 برؤية 2020 على مدى خطط خمسية و لكن ربما بسبب انخفاض اسعار النفط و الغاز و التباطؤ في الإصلاحات لم تحقق الرؤية أهدافها العامة مثل تنويع القاعدة الاقتصادية و التوطين و الاستقرار المالي وكذلك الفرعية مثل تعظيم دور القطاع الخاص و نمو الشركات الصغيرة و السياحة و التدريب و جذب الاستثمارات الأجنبية ( على الأقل بالمستوى القادر على خلق تحول معتبر ) . سأكتفي بالحديث عن المالية العامة في هذا العمود للتركيز على الضغوط المالية و كذلك بسبب المساحة الممكنة . 

   بالرغم من التحسن الطفيف في النمو و الوضع المالي في 2019 مقارنة مع 2018 إلا أن عمان لا زالت في وضع صعب ، و ربما غير قابل للاستدامة إذ لم يحدث تحسن مؤثر في النمو و اسعار النفط و الغاز أو اصلاحات هيكلية ، فمثلا أثرت عمان تأجيل تطبيق الضريبة المضافة إلى 2020 و ربما بعد ذلك . هيكليا لا تزال الميزانية عالية كنسبة من الدخل القومي الاجمالي إذ تبلغ 40٪ ، خاصة أن 74% من الإيرادات مصدرها النفط و الغاز و التي تمر بحالة انكماش منذ 2015 . تعاني عمان من عجز في الميزانية و ميزان المدفوعات الجاري ، بلغ عجز الميزانية لعام 2018 2.9 مليار ريال عماني ( 7.5 مليار دولار ) أي حوالي 22% من الإيرادات ، تستهدف الحكومة تقليص العجز بنسبة 7% و لكن قد لا تستطيع خاصة أن المصروفات لعام 2019 تبلغ 12.9 مليار ريال مقارنه ب 12.5 لعام 2018 . تنوعت مصادر تمويل العجز - 69% من قروض خارجية ، 17% مصادر داخلية و 14% سحب من الصندوق السيادي ، من المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه لعام 2019 بالرغم من تخفيض التصنيف الائتماني لعمان ، إذ تبلغ نسبة الفوائد على سندات عمان 7.5% تقريبا (بسبب التصنيف الغير استثماري ) بينما تقدر ميزانية 2019 أن تكون الفوائد على القروض تشكل 5% تقريبا من المصروفات العامة . 

    في ظل هذه الأوضاع تواصل احتياطيات عمان من العملة الصعبة في الانخفاض لتمويل العجز ، فالعملة الصعبه لعمان كانت حوالي 20 مليار دولار في 2016 ( تغطي واردات 7 شهور ) مقارنه بحوالي 17 في 2018 ( تغطي واردات 5.7 شهور ) . استمرار الحالة سيرفع نسبة الدين العام إلى حوالي 67% من الدخل القومي الاجمالي في نهاية 2020 ما يجعل خيارات عمان المالية و الاقتصادية قليلة ، إذ سوف تؤثر على الثقة في الاقتصاد و بالتالي تخوف المستثمرين الأجانب خاصة أن عمان تعتمد في الاساس على الصين كأكبر مستثمر أجنبي و كذلك ارتفاع تكلفة التمويل تباعا ، فمثلا تبلغ ميزانية الدفاع و الأمن نسبة 27% من الميزانية كواحدة من أعلى النسب في العالم . هذه الضغوطات المالية سوف تؤثر على الحالة المعيشية خاصة في ميدان البطالة في ظل تزايد العمالة الوافدة وهروب الأموال ، تقليص الوافدين سوف يضغط على القطاع الخاص و بالتالي استيعاب النمو الكبير من طالبي الوظائف العمانيين خاصة أن 40% من السكان أقل من عمر 25 سنة . قد تستطيع عمان مقاومة الضغوطات لمدة سنتين أو ثلاث و لكن بعد ذلك لابد من تعديلات هيكلية في المصروفات العامة قد تصل لتخفيض الريال العماني مقابل الدولار أو تحسن في اسعار النفط أو دعم مالي مؤثر من دول مجلس التعاون ( قد لا يكون في الحسبان نظر للضغوط المالية في المنطقة بسبب انخفاض اسعار النفط ) أو التوصل إلى تأليفة معينة تجمع هذه العلاجات بالصيغة المناسبة في حينه .