من المهم في التشريعات التجارية بشكل عام أن تكون مدركة أو مطلعة على جوانب متعددة من حوافز ومخاوف الشركات والمستثمرين بشكل عام، وتسعى للموازنة، حسب سياستها أو الأهداف المراد تحقيقها. أحد الجوانب التي تهتم بها التشريعات التجارية هو دخول الاستثمار وانتهائه أو خروجه. والتخارج أو الانتهاء أو الخروج للاستثمار له عدة صور، ومن صوره التي تهمنا هو الانتهاء أو حل الشركة. مع تفهمنا لفكرة بعض التشريعات من وضع حوافز أو قيود مربوطة بحوافز تجعل من التخارج ألا يعد أحسن الخيارات، حسب هدف كل استثمار، لكن يهم وجود آلية واضحة للتخارج أو انتهاء الشركات، وتحديدا في حالة الشركات ذات المسؤولية المحدودة في حالة بلوغ الخسائر نصف رأس مال الشركة، وفق نظام الشركات السعودي (1437هـ).
من المسائل التي تغيرت نسبيا بصدور نظام الشركات هي خسائر الشركات المساهمة والمسؤولية المحدودة، وذلك عند بلوغ الخسائر نصف رأس المال، فإن على المديرين أن يبلغوا المساهمين أو الشركاء للنظر في الاستمرار أو الحل خلال مدة محددة أو تنحل بقوة النظام. ولكون الشركة ذات المسؤولية المحدودة لها حكمها الخاص، فمحور نقاشنا في هذه المقالة هي المسؤولية المحدودة.
تنص المادة (181) من نظام الشركات على أن على المديرين تسجيل واقعة خسائر الشركة من تاريخ العلم بها في السجل التجاري وإبلاغ الشركاء بذلك والدعوة لاجتماع الشركاء خلال 90 يوما لاتخاذ قرار إما بالاستمرار أو الحل. وقررت المادة نفسها أن الشركة تعد منقضية بقوة النظام في حال أهمل المديرون دعوة الشركاء أو في حالة لم يتمكن الشركاء من إصدار قرار بالاستمرار أو الدعم. من خلال قراءة المادة وحدها يمكن أن يقال إن الشركاء يفترض أن يتخذوا قرارا بالاستمرار أو الحل بناء على ما نص عليه في عقد تأسيس الشركاء من حيث الحد الأدنى اللازم لصدور قرارات الجمعية العامة للشركاء، سواء كانت 50 أو 60 أو 100 في المائة أو حسب ما ينص عليه عقد التأسيس.
قد يقال إنه لكي يقرر الشركاء الاستمرار أو الحل، فإن الحل على الأقل يتطلب اتفاق جميع الشركاء استنادا إلى المادة (16) من نظام الشركات، التي تذكر حالات انقضاء الشركات ومنها الحل الاختياري، الذي يطلب النظام فيه اتفاق الشركاء لنفاذه. وفي الوقت نفسه قد يجاب عن هذا بأن هذا النوع من الحل هو دائر بين الإجباري والاختياري؛ حيث إنه اختيار للشركاء، لكنه إجباري من ناحية إذا لم يصدر الشركاء قرارا فيه، فإن الشركة ستكون منحلة بقوة النظام.
والذي يظهر أن المادة لم تشترط له نصابا معينا، كما فعلت في القرارات الأخرى كالإجماع في حالة زيادة رأس المال، وتغيير جنسية الشركة، وموافقة ثلاثة أرباع رأس المال في حالة تعديل عقد التأسيس، وأعطت خصوصية لحالة خسارة رأس المال في وجود اتخاذ قرار شركاء، ولم تشترط له اشتراطا؛ الأمر الذي يجعل تفسير الحل الاختياري في الأوضاع العادية لا يشمل حالة خسارة نصف رأس المال، فيفترض أن يكون قرار الشركاء في استمرار الشركة يصدر بقرار الجمعية العامة للشركاء مثلها مثل أي قرار، حسب عقد التأسيس، سواء كان 50 أو 60 أو 100 في المائة أو أي نسبة فوق الـ50 في المائة.
ويكون الشركاء الرافضون للاستمرار ملزمين بقرارات الشركة مثلها مثل أي قرار أو قد يكون لهم التخارج علما أن التخارج لم تنص عليه المادة، إلا أنه يمكن القول إنه يمكن الاستفادة من مبدأ التخارج المنصوص عليه في مادة زيادة أمد الشركة. كما ينبغي النظر في مسألة إقحام ذمم الشركاء في خطابات الدعم.
ختاما، من خلال هذا العرض المختصر لمناقشة حالة خسارة الشركة ذات المسؤولية المحدودةنصف رأسمالها، يمكن التأكيد على أهمية إيجاد آلية واضحة ومرنة لحل الشركة بشكل عام، ووجود آلية أو السماح بآليات للتخارج والسعي نحو الموازنة بين مصلحة الراغبين في استمرار الشركة وعلى استعداد لدعمها بشكل عام، وبين الراغبين في التخارج بشكل عام. ويمكن تغليب أحد الطرفين بناء على الهدف الأسمى المراد تحقيقه بشرط إيجاد البدائل المعقولة التي توجد مرونة للشركات وملاكها والمتعاملين معها ومن له مصلحة فيها.
نقلا عن الاقتصادية