نتائج الشركات بين المصارف والأسمنت

18/11/2018 7
د. عبدالله بن ربيعان

انتهت يوم الأحد الماضي مهلة الشركات المساهمة للإعلان عن نتائجها للربع الثالث من العام الجاري وحصيلة أدائها خلال الأشهر التسعة الأولى من 2018، وكانت الحصيلة النهائية للنتائج للأشهر التسعة الماضية مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي بحسب موقع أرقام، هي أن 65 شركة ارتفعت أرباحها في مقابل 100 شركة مساهمة تراجعت أرباحها منها 44 شركة حققت خسائر، وهناك ثماني شركات لم تعلن أي نتائج. وبالتأكيد إن للركود الذي يشهده اقتصادنا منذ أربعة أعوام أثرا واضحا في نتائج الشركات في السوق، لكن من الواضح أيضا أن هناك سوءا أو عدم جودة في إدارة بعض من الشركات المساهمة في سوقنا، لذا سرعان ما كشف الركود المستمر عورة تلك الإدارات السيئة، وإلا كيف نفسر تحقيق شركتين في نفس النشاط والقطاع نتائج متناقضة، إحداهما تحقق أرباحا جيدة وأخرى تحقق خسائر كبيرة؟ بالنظر إلى نتائج السوق إجمالا، يتضح أن قطاع المصارف هو القطاع الأفضل أداء في السوق، وكذلك حققت شركات البتروكيماويات في مجملها نتائج جيدة جدا بقيادة "سابك" التي جاوزت أرباحها 18 مليار ريال، وفي قطاع الاتصالات نمت أرباح شركة الاتصالات السعودية بشكل مقبول ونجحت "موبايلي" في تخفيض خسائرها بدرجة جيدة، في حين جاءت نتائج "زين" سيئة جدا.

بالطبع، شركات الأسمنت ما زالت تواصل نزيفها المستمر وحققت سبع من شركات القطاع خسائر هذا العام وانخفضت أرباح السبع الأخرى بدرجات كبيرة راوحت بين 20 في المائة لـ "أسمنت السعودية" و79 في المائة لـ "أسمنت أم القرى"، ولحقت بالأسمنت شركة الخزف السعودي التي تفاقمت خسائرها لتصل 135 مليون ريال في مقابل خسارة 35 مليون ريال في فترة المقارنة من العام الماضي. ولا يمكن بالتأكيد تحميل إدارات شركات الأسمنت ولا شركة الخزف السعودي أي لوم، لأن الطلب على منتجات هذه الشركات شبه متوقف نتيجة الركود الضخم الذي يشهده قطاع العقار بمجمله. قطاع التأمين شهد انخفاضا كبيرا ومفاجئا في أرباح "التعاونية" الشركة القائدة في القطاع، وانخفضت أرباحها من 569 مليون خلال الأشهر التسعة الأولى من 2017 إلى 57 مليون ريال هذا العام بانخفاض نسبته 90 في المائة، في حين حافظت شركة "بوبا" على نموها المستقر وحققت 8.4 في المائة زيادة في أرباحها هذا العام، ونجحت "ميد غلف" في تخفيض خسارتها من 478 مليون ريال في العام الماضي إلى 116 مليونا فقط في هذا العام، وهذه الشركات الثلاث تمثل ما يزيد على نصف قطاع التأمين الذي تم حشوه بشركات صغيرة لم تضف إلى القطاع شيئا بقدر ما أصبحت عالة عليه.

وبالعودة إلى الحديث عن الإدارة، فليس هناك مثال أوضح من شركة صافولا، فالشركة انخفضت أرباحها مما يزيد على مليار ريال للأشهر التسعة من العام الماضي إلى 5.6 مليون ريال فقط للأشهر التسعة من هذا العام، وحتى مع تبرير الشركة بأن الأرباح الكبيرة في العام الماضي نتجت عن بيعها جزءا تملكه في "المراعي" وغيرها من الشركات، إلا أن تحول دخل العمليات من عوائد قدرها 118 مليون ريال في العام الماضي إلى خسارة قدرها 91 مليون ريال لهذا العام يعني أن هناك مشكلة في إدارة الشركة نفسها وفي إدارة استثماراتها.

والخلاصة، أن نتائج السوق للأشهر التسعة جاءت جيدة جدا للشركات الكبيرة والقائدة في السوق، وجاءت مقبولة لبعض الشركات الصغيرة التي تفوقت على نفسها واستمرت في تحقيق الأرباح رغم تأثير الركود في مبيعاتها، وجاءت سيئة جدا لقطاع الأسمنت بكامله، وهو ما لا يمكن مع وضعه الحالي سوى التفكير في الاندماج بين شركات القطاع أو تغيير نشاطه، وأخيرا جاءت سيئة ومحبطة لبعض الشركات نتيجة سوء الإدارة والاستثمار، وهو ما يتطلب من هذه الشركات البحث عن إدارة أكفأ وأفضل من إداراتها الحالية. والأخيرتان - الأسمنتات والشركات ذات الإدارات السيئة - علامتا خطر على السوق يجب التدخل لإنقاذهما قبل فوات الأوان وقبل أن تصلا إلى اللعبة المعروفة "خفض رأس المال... ارفع رأس المال" والضحية هم المساهمون الصغار في هذه الشركات.

نقلا عن الاقتصادية