السوق قائمة على وجود عرض وطلب. وأهم أساس للطلب هو وجود علاقة عكسية بين الأسعار والكمية المطلوبة، بافتراض أو مع تجاهل العوامل الأخرى. ومن المهم أن يفهم أن المقصود بالكميات المطلوبة الكميات التي يرغب المستهلكون -وبصفة أعم المشترون- فعلا في دفع مقابل لها، وليس مجرد حب الحصول عليها.
أما العرض فيقوم على أساس وجود علاقة طردية بين السعر والكمية التي يرغب المنتجون في إنتاجها وبيعها عندما تبقى الأشياء الأخرى على حالها. وهي طردية لأن المنتجين يرغبون في الحصول على الربح. لكن هذا الكلام يتجاهل ركنا أساسيا وهو عامل الوقت. من العادة في كل مجتمع أن يرتب ويضع المنتجون أو البائعون خطط الإنتاج والبيع حسب السعر السائد الآن. لكن العرض نفسه سيكون متاحا في غير وقت التخطيط. مثال آخر. يطلب أحدهم عمل دراسة لمشروع. وتقوم الدراسة على اعتبار للأوضاع السعرية القائمة، لكن تنفيذ المشروع المدروس يتطلب وقتا. الحديث السابق جر إلى تبني نظرية تسمى أحيانا بنظرية بيت أو نسيج العنكبوت cobweb theorem. تقوم هذه النظرية على فكرة أو فرضية أن العرض لهذه السنة أو لهذا الوقت اعتمد على السعر في وقت مضى. من أشهر الأمثلة الزراعة، والعقار. لنأخذ مثالا الزراعة. من المتوقع أن المزارعين يرتبون خططهم الزراعية بناء على الأوضاع والأسعار اليوم. لكن التنفيذ يتطلب وقتا. أي أن ما يبدأون بزراعته الآن لن يكون متاحا في السوق للبيع إلا بعد وقت معتبر، لنقل بعد عام.
وهذه الفترة المتأخرة، تسمى فترة الإبطاء أو التأخير الزمني. وتبين النظرية كيف أن هذه الفجوة الزمنية وما يتبعها ويحصل فيها من تغيرات تتسبب في تقلب السعر والكمية. زيادة في التوضيح. لنفرض أن تغيرا ما قد حدث في الطلب أو العرض. لنتتبع التغيرات التالية. لنفترض سعرا ما هذا العام، ولنسمه السعر عام 1439، وبناء عليه تقرر الإنتاج الذي سيظهر جاهزا للبيع عام 1440. في حال حدوث تغيرات تسببت باتجاه الطلب إلى الانخفاض وفق الأسعار القائمة، فإنه سينتج من ذلك فائض عرض عام 1440. وهذا الفائض سيضغط تجاه انخفاض السعر عام 1440 مقارنة بالسعر عام 1439 وانخفاض السعر . هذا الانخفاض في السعر لن يشجع المزارعين كثيراً على التخطيط لإنتاج الكمية نفسها عام 1441. وتبعا سيعملون على إنتاج كمية أقل. والنتيجة أن السعر سيرتفع عام 1441. وهكذا نمر في دورات مستمرة من ارتفاع وانخفاض في العرض والطلب والأسعار. ويشبه شكل هذه الدورات نسيج العنكبوت. كم مدة الدورات؟ نسبية في مدتها، اعتمادا على طبيعة الظروف، فقد تكون قصيرة وتتكرر كل عام أو كل وقت زمني قصير نسبيا، وهي أحد أسباب وجود التخفيضات في أوقات.
وقد تكون طويلة تستمر سنوات، بما يسمى دورات الأعمال business cycles, السؤال التالي: كم متوقعا أن يكون الانخفاض أو الصعود في العرض والطلب؟ يعتمد الجواب على المرونة. والمرونة في التعبير الاقتصادي العلمي تعني مدى تأثر العرض أو الطلب بسبب حدوث تغير في عامل آخر كالسعر. مثال: أجور العاملين تتغير وتبعا لتغير أجورهم تتأثر وتتغير تكلفة توظيفهم. وتغير تكلفة توظيفهم يؤثر ويغير في الطلب على توظيفهم. ويؤثر في مساعي إحلال عوامل إنتاج أخرى كالآلة بدل العمل. تكاليف الإنتاج تتغير وتبعا لتغيرها يتأثر ويتغير سعر السلع والخدمات المنتجة، وتتأثر وتتغير أرباح المنشآت أو أصحاب الأعمال. السؤال التالي: كم مقدار التأثر أو التغير؟ مثلا: كم يتغير الإنتاج أو العرض بناء على تغير السعر؟ كم يتغير السعر بناء على تغير تكاليف الإنتاج؟ لو زادت تكلفة الإنتاج 20 في المائة هل يعني ذلك أنه لابد أن يزيد السعر 20 في المائة؟ الجواب ليس بالضرورة، بل المتوقع عادة أن الزيادة في السعر أقل. لماذا؟ لتداخل عوامل أخرى في تحديد السعر.
نقلا عن الاقتصادية
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع