الشفافية والإفصاح في الشركات المساهمة

01/11/2018 1
د. ملحم حمد الملحم

تهتم قوانين السوق المالية - بشكل عام - برفع مستوى الشفافية في الشركات المساهمة المدرجة، التي في الوقت نفسه تسعى إلى الفصل بين الملكية والإدارة، فالمساهم في الشركة وإن كان هو المالك للشركة، إلا أنه يحتاج إلى السلطة؛ كونه مديرا؛ كي يكون في موقع يتحمل الالتزامات الناتجة عن إدارته. والذي يظهر أن العلاقة طردية في مسألة الفصل بين الملكية والإدارة، فكلما ازداد الفصل بين الملكية والإدارة، تطلب الأمر أكثر شفافية وإفصاحا من قبل الإدارة. وكلما قيد تدخل المساهمين في إدارة الشركة، تطلب أو وجب أن تكون الشفافية والإفصاح عالية؛ كي يتمكن المساهم من معرفة وضع الشركة.

نجد أن هيئة السوق المالية حاولت وبذلت جهودا مهمة فيما يتعلق بالإفصاح والشفافية من الناحية التشريعية، بدءا من قواعد طرح الأوراق المالية والالتزامات المستمرة، مرورا بلائحة حوكمة الشركات، وانتهاء بالتعليمات الخاصة بإعلانات الشركات المعدلة من مجلس إدارة الهيئة في 27/ 10/ 1439هـ.

تنص قواعد طرح الأوراق المالية والالتزامات المستمرة على أن تكون الإفصاحات كاملة وواضحة وصحيحة وغير مضللة، وجاءت كذلك لائحة حوكمة الشركات لتؤكد هذا المبدأ وهذه المواصفات للإفصاحات، ولتضيف أنه ينبغي أن يكون الإفصاح في الوقت المناسب وعلى نحو منتظم ودقيق؛ لتمكن المساهمين والمستثمرين كذلك من الوقوف على الوضع المتكامل عن الشركة، وكي يمكن للمساهمين ممارسة حقوقهم على أكمل وجه، كما نصت على ذلك اللائحة والقواعد. لن أخوض في الصياغة نفسها، فهي الواقع الآن، لكن سأنتقل إلى موضوع مقال اليوم.

جاءت التعليمات الخاصة بإعلانات الشركات لتحوي 61 صفحة، تشتمل على قوالب للإعلانات المطلوبة على الشركات، كما احتوت التعليمات على تعليمات عامة، تؤكد مبادئ أساسية في الإعلانات، منها ما ورد في اللوائح الأخرى، وتنص على أن المعلومات المطلوبة في هذه التعليمات هي معلومات أساسية. وعلى الرغم من أن هذه التعليمات من ناحية المبدأ تعد خطوة إيجابية، إلا أن هذه القوالب المضمنة في التعليمات قد تكون نوعا من التحجيم والتضييق لما ينبغي أن تكون عليه الشركات في الإفصاح والحوكمة. كأن التعليمات ترسل رسالة مفادها أن هذه القوالب تمثل الحد الأدنى من المعلومات المطلوبة، وأنه إذا تم ذكرها فهي كأنها حماية للشركات، بينما المتأمل لهذه القوالب قد يجد أنها لا تعطي معلومات كافية للمساهم أو المستثمر. الأصل والمعيار في إعلانات الشركات المساهمة وإفصاحها هو عمل نسبي، يختلف من شركة إلى شركة، ومن حدث إلى حدث، لكن المعيار الذي ينبغي أن يكون أمام الشركات هو تقديم معلومات كاملة وصحيحة وغير مضللة، وفي الوقت المناسب، ما يجعل المساهم أو المستثمر يقف وقوفا واقعيا على وضع الشركة، بغض النظر عما إذا كان وضع الشركة جيدا أو سيئا.

أما على الصعيد العملي، فلو طبق هذا المعيار، وهو "تقديم معلومات كاملة صحيحة وغير مضللة وفي الوقت المناسب، ما يجعل المساهم أو المستثمر يقف وقوفا واقعيا على وضع الشركة" على الإعلانات الموجودة، لربما ظهرت نتائج تدعو إلى التأمل في وضع الإعلانات والإفصاحات من جهة، وفي مبدأ وضع قوالب ومدى جدواه العملية في تحقيق المراد من جهة أخرى.

إن الإفصاح وإن كان يعد فنا من فنون العرض، يمكن استخدامه لأغراض كثيرة، لكن فيما يتعلق بإفصاح الشركات المساهمة، فإنه على الأقل ينبغي أن تعكس الإفصاحات ما يحصل في الشركة للمساهمين من المسائل الجوهرية.

 

نقلا عن الاقتصادية