يقف الفساد بأشكاله كافة حجر عثرة كأداء في وجه أي تقدم مأمول للاقتصاد والتنمية في أي بلد حول العالم، كما تسبب وجوده واستشراؤه بدرجة كبيرة جدا في تشكل كثير من التحديات والمعوقات التنموية الأخرى، كتفاوت الدخل الكبير بين شرائح أفراد المجتمع، وتسببه في تفشي أنماط الفقر وارتفاع المديونيات على الشرائح الأدنى والمتوسطة الدخل، ما يسهل استسلامها لإغراءاته لاحقا والوقوع فريسة سهلة المنال له.
وقد ثبت للجميع وقوفه بأشكاله كافة خلف أغلب التشوهات والمعوقات التنموية، بدءا من ترهل أداء الأجهزة الحكومية، وانخفاض مستوى خدماتها، وتعثر تنفيذ كثير من مشاريعها، عدا تشبع إجراءات التعامل معها بما لا حصر له من المعوقات البيروقراطية، التي أفضت لاحقا إلى رواج أشكال الفساد الإداري والمالي للقفز على تلك المعوقات المفتعلة. مرورا بسيطرة أشكال الاحتكار على الأراضي، وتحويل أحد أهم عناصر الإنتاج في الاقتصاد والانتفاع المجتمعي إلى مخزن للثروات والأموال، زاد من لهيب أسعارها اندفاع جزء من الأموال الباحثة عن فرص استثمارية ولم تجدها نحو المضاربة على ما بقي محررا من تلك الأراضي، ليغوص على أثر ذلك كل من البلاد والعباد في براثن شبكة هائلة من حلقة التضخم المتصاعدة، ضربت بآفاتها الآثمة تكاليف الإنتاج والتشغيل وتكلفة المعيشة، وأعاقت عاما بعد عام أغلب محفزات النمو والاستقرار الاقتصاديين، وضغطت كثيرا على دخول الأسر والأفراد وأوقعتها في ورطة قروض بنكية لا نهاية منظورة لها، إما نتيجة ارتفاع تكلفة تمويل شراء المساكن، وإما نتيجة اضطرار أغلب الأفراد للاقتراض استهلاكيا لمواجهة ارتفاع أعباء المعيشة والإيجارات تحديدا، كان غول تضخم أسعار الأراضي والعقارات المسؤول الأكبر عن كل هذا.
بناء عليه فإنك إذا بحثت وراء أسباب أغلب التحديات التنموية الراهنة، ستجد أن خطر الفساد جاثم خلفها منشأ ومغذيا وراعيا، والأهم من كل ذلك اكتشاف أن أي سياسات أو برامج لحلول مقترحة لتلك التحديات التنموية، سرعان ما ستشهد سقوطها المدوي، وفشلها في تحقيق الأهداف المأمولة، نتيجة غياب المعالجة الجذرية لأشكال الفساد الجاثمة في الخلف، التي كما أنها تسببت بداية في وجود تلك التحديات وتحولها إلى أزمات تنموية واقتصادية واجتماعية، فإن استدامة وجودها واتساع دوائرها الخفية، أسهما أيضا في زيادة مناعة تلك التحديات أمام أي حلول أو سياسات لحلها ومعالجتها.
النتيجة المؤكدة هنا، أن نشهد جميعا تهاوي وانهيار كثير من تلك التحديات التنموية الكأداء "فقر، بطالة، أزمة إسكان، غش وتستر تجاري.. إلخ"، بعد أن قامت الدولة ـــ أيدها الله ـــ بالتعامل الجاد والجسور مع الفساد من قمة رأسه، والانطلاق من الأعلى نحو الأسفل، والدخول في تفاصيل مبهمة لعالم خفي طالما غابت عنه يد النظام والعقاب، أؤكد لا غرابة أن نرى جميعا كيف سيتهاوى كثير من تلك التحديات التنموية، أو التشوهات الهيكلية بمعنى أدق، بعد أن قامت الدولة بقطع الشريان الرئيس المغذي لوجودها.
كما سنشهد انفتاح كثير من الفرص الاقتصادية والاستثمارية المجدية أمام الجميع على قدم من العدالة والمساواة والمنافسة، وتقدم كثير من المزايا الإيجابية لتلك الفرص إلى الأمام، بعد أن غيبتها لعقود طويلة آفات الفساد خلف كثير من الجدران والمعوقات، التي سيسهم استثمارها بصورة كبيرة جدا في تعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، ويسهم أيضا في زيادة ممكنات النمو الاقتصادي وتنويع قاعدته الإنتاجية، وإيجاد فرص العمل المجدية أمام أفراد المجتمع دون تمييز أو إقصاء لأحد، وهو الأمر الذي لا يتطلب سوى منحه وقتا كافيا ليأخذ مفعوله وتأثيره. وهذا الأمر قد لا يستغرق أكثر من عقد من الزمن من تاريخه، علما أن الإيجابيات المنتظرة ستتدافع مرحلة بعد مرحلة، حتى يكتمل بناء منظومة الاقتصاد الوطني بناء على الأسس الجديدة، الأسس النقية من أشكال الفساد بجميع أنماطه وتشوهاته وأخطاره، وهو ما يجب أن يكون مستقرا في أذهان الجميع والأطراف كافة.
سيؤدي التوجه الجاد والجسور للدولة نحو محاربة الفساد بأشكاله كافة، واعتماد منهجية ضربه من الأعلى إلى الأسفل إلى عكس كل ما تقدم ذكره، والعودة بمقدرات الاقتصاد والمجتمع على حد سواء نحو مناطق تخدم الجميع، لا مجرد تسخيرها لخدمة الأيادي العابثة والمفسدة على حساب البلاد والعباد. المنهجية التي ستقضي في ضوء ما تم إعلانه حتى تاريخه على مختلف أشكال سرقة ونهب أراضي الدولة، التي أظهرت الإجراءات الجادة لوزارة العدل بتوجيه سام من خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، باستعادة تلك الأراضي وإلغاء الصكوك التي صدرت دون وجه حق عليها، التي تجاوزت مساحاتها عدة مليارات من الأمتار، وإعادة توجيهها نحو تلبية احتياجات الاقتصاد الوطني والمجتمع، من شأنها في أول مرحلة أن تهوي بالفقاعة العقارية المفتعلة من جذورها إلى أسفل قاع، وأن تخرج البلاد من براثن إحدى أكبر أزماتها التنموية ممثلة في أزمة الإسكان، ولا غرابة حينئذ أن تجد أسعار الأراضي والمساكن حتى تكلفة إيجاراتها قد فقدت أكثر من ثلاثة أرباع قيمتها، وأن يتسبب القضاء على أكبر وأهم أسباب الأزمة العقارية والإسكانية (الاحتكار، المضاربة) في عودة التوازن المفقود إلى السوق، وإنهاؤه لدوامة مفرغة من العشوائية العقارية دامت لأكثر من أربعة عقود، دفع ثمنها الباهظ الاقتصاد الوطني والمجتمع على حد سواء، فيما حظي بفائدتها الضيقة جدا حفنة من المستفيدين حصريا، كان أرباب الفساد المالي والإداري على رأس هرم تلك الحفنة من المستفيدين.
كما سيثمر الإصلاح ومحاربة الفساد عن تنقية وتطهير بيئة الأعمال المحلية من كثير من الآفات، التي تشكلت وجاءت نتيجة وجود واتساع الفساد، وتحولها من ثم إلى بيئة أكثر تنافسية، تتخلص أولا من أشكال الاحتكار وعدم المنافسة، لتفتح الأبواب والنوافذ المغلقة سابقا، وتصبح هناك عدالة تامة في الفرص أمام جميع الأفراد دون تمييز، وتتخلص من الحظوة غير العادلة التي طالما حظي بها أفراد على حساب أفراد، وتحديدا تلك التي أستأثرت بها جنسيات أخرى غير مواطنة، إضافة إلى زيادة اجتذاب الأموال والثروات الوطنية نحو الاستثمار والتشغيل والإنتاج، على عكس ما كانت عليه سابقا من زيادة توجهها نحو شراء وبيع مجرد أراض قفار دون أي تطوير أو استخدام، ما سيؤدي بدوره إلى إيجاد مئات الآلاف من الوظائف وفرص العمل الكريمة أمام المواطنين والمواطنات، ويسهم بدوره في زيادة تحسن مستويات معيشتهم، ويحصن بذلك من الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي بشكل عام. والله ولي التوفيق.
نقلا عن الاقتصادية
وقد ثبت للجميع وقوفه بأشكاله كافة خلف أغلب التشوهات والمعوقات التنموية، بدءا من ترهل أداء الأجهزة الحكومية، وانخفاض مستوى خدماتها، وتعثر تنفيذ كثير من مشاريعها، عدا تشبع إجراءات التعامل معها بما لا حصر له من المعوقات البيروقراطية، التي أفضت لاحقا إلى رواج أشكال الفساد الإداري والمالي للقفز على تلك المعوقات المفتعلة. مرورا بسيطرة أشكال الاحتكار على الأراضي، وتحويل أحد أهم عناصر الإنتاج في الاقتصاد والانتفاع المجتمعي إلى مخزن للثروات والأموال، زاد من لهيب أسعارها اندفاع جزء من الأموال الباحثة عن فرص استثمارية ولم تجدها نحو المضاربة على ما بقي محررا من تلك الأراضي، ليغوص على أثر ذلك كل من البلاد والعباد في براثن شبكة هائلة من حلقة التضخم المتصاعدة، ضربت بآفاتها الآثمة تكاليف الإنتاج والتشغيل وتكلفة المعيشة، وأعاقت عاما بعد عام أغلب محفزات النمو والاستقرار الاقتصاديين، وضغطت كثيرا على دخول الأسر والأفراد وأوقعتها في ورطة قروض بنكية لا نهاية منظورة لها، إما نتيجة ارتفاع تكلفة تمويل شراء المساكن، وإما نتيجة اضطرار أغلب الأفراد للاقتراض استهلاكيا لمواجهة ارتفاع أعباء المعيشة والإيجارات تحديدا، كان غول تضخم أسعار الأراضي والعقارات المسؤول الأكبر عن كل هذا.
بناء عليه فإنك إذا بحثت وراء أسباب أغلب التحديات التنموية الراهنة، ستجد أن خطر الفساد جاثم خلفها منشأ ومغذيا وراعيا، والأهم من كل ذلك اكتشاف أن أي سياسات أو برامج لحلول مقترحة لتلك التحديات التنموية، سرعان ما ستشهد سقوطها المدوي، وفشلها في تحقيق الأهداف المأمولة، نتيجة غياب المعالجة الجذرية لأشكال الفساد الجاثمة في الخلف، التي كما أنها تسببت بداية في وجود تلك التحديات وتحولها إلى أزمات تنموية واقتصادية واجتماعية، فإن استدامة وجودها واتساع دوائرها الخفية، أسهما أيضا في زيادة مناعة تلك التحديات أمام أي حلول أو سياسات لحلها ومعالجتها.
النتيجة المؤكدة هنا، أن نشهد جميعا تهاوي وانهيار كثير من تلك التحديات التنموية الكأداء "فقر، بطالة، أزمة إسكان، غش وتستر تجاري.. إلخ"، بعد أن قامت الدولة ـــ أيدها الله ـــ بالتعامل الجاد والجسور مع الفساد من قمة رأسه، والانطلاق من الأعلى نحو الأسفل، والدخول في تفاصيل مبهمة لعالم خفي طالما غابت عنه يد النظام والعقاب، أؤكد لا غرابة أن نرى جميعا كيف سيتهاوى كثير من تلك التحديات التنموية، أو التشوهات الهيكلية بمعنى أدق، بعد أن قامت الدولة بقطع الشريان الرئيس المغذي لوجودها.
كما سنشهد انفتاح كثير من الفرص الاقتصادية والاستثمارية المجدية أمام الجميع على قدم من العدالة والمساواة والمنافسة، وتقدم كثير من المزايا الإيجابية لتلك الفرص إلى الأمام، بعد أن غيبتها لعقود طويلة آفات الفساد خلف كثير من الجدران والمعوقات، التي سيسهم استثمارها بصورة كبيرة جدا في تعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، ويسهم أيضا في زيادة ممكنات النمو الاقتصادي وتنويع قاعدته الإنتاجية، وإيجاد فرص العمل المجدية أمام أفراد المجتمع دون تمييز أو إقصاء لأحد، وهو الأمر الذي لا يتطلب سوى منحه وقتا كافيا ليأخذ مفعوله وتأثيره. وهذا الأمر قد لا يستغرق أكثر من عقد من الزمن من تاريخه، علما أن الإيجابيات المنتظرة ستتدافع مرحلة بعد مرحلة، حتى يكتمل بناء منظومة الاقتصاد الوطني بناء على الأسس الجديدة، الأسس النقية من أشكال الفساد بجميع أنماطه وتشوهاته وأخطاره، وهو ما يجب أن يكون مستقرا في أذهان الجميع والأطراف كافة.
سيؤدي التوجه الجاد والجسور للدولة نحو محاربة الفساد بأشكاله كافة، واعتماد منهجية ضربه من الأعلى إلى الأسفل إلى عكس كل ما تقدم ذكره، والعودة بمقدرات الاقتصاد والمجتمع على حد سواء نحو مناطق تخدم الجميع، لا مجرد تسخيرها لخدمة الأيادي العابثة والمفسدة على حساب البلاد والعباد. المنهجية التي ستقضي في ضوء ما تم إعلانه حتى تاريخه على مختلف أشكال سرقة ونهب أراضي الدولة، التي أظهرت الإجراءات الجادة لوزارة العدل بتوجيه سام من خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، باستعادة تلك الأراضي وإلغاء الصكوك التي صدرت دون وجه حق عليها، التي تجاوزت مساحاتها عدة مليارات من الأمتار، وإعادة توجيهها نحو تلبية احتياجات الاقتصاد الوطني والمجتمع، من شأنها في أول مرحلة أن تهوي بالفقاعة العقارية المفتعلة من جذورها إلى أسفل قاع، وأن تخرج البلاد من براثن إحدى أكبر أزماتها التنموية ممثلة في أزمة الإسكان، ولا غرابة حينئذ أن تجد أسعار الأراضي والمساكن حتى تكلفة إيجاراتها قد فقدت أكثر من ثلاثة أرباع قيمتها، وأن يتسبب القضاء على أكبر وأهم أسباب الأزمة العقارية والإسكانية (الاحتكار، المضاربة) في عودة التوازن المفقود إلى السوق، وإنهاؤه لدوامة مفرغة من العشوائية العقارية دامت لأكثر من أربعة عقود، دفع ثمنها الباهظ الاقتصاد الوطني والمجتمع على حد سواء، فيما حظي بفائدتها الضيقة جدا حفنة من المستفيدين حصريا، كان أرباب الفساد المالي والإداري على رأس هرم تلك الحفنة من المستفيدين.
كما سيثمر الإصلاح ومحاربة الفساد عن تنقية وتطهير بيئة الأعمال المحلية من كثير من الآفات، التي تشكلت وجاءت نتيجة وجود واتساع الفساد، وتحولها من ثم إلى بيئة أكثر تنافسية، تتخلص أولا من أشكال الاحتكار وعدم المنافسة، لتفتح الأبواب والنوافذ المغلقة سابقا، وتصبح هناك عدالة تامة في الفرص أمام جميع الأفراد دون تمييز، وتتخلص من الحظوة غير العادلة التي طالما حظي بها أفراد على حساب أفراد، وتحديدا تلك التي أستأثرت بها جنسيات أخرى غير مواطنة، إضافة إلى زيادة اجتذاب الأموال والثروات الوطنية نحو الاستثمار والتشغيل والإنتاج، على عكس ما كانت عليه سابقا من زيادة توجهها نحو شراء وبيع مجرد أراض قفار دون أي تطوير أو استخدام، ما سيؤدي بدوره إلى إيجاد مئات الآلاف من الوظائف وفرص العمل الكريمة أمام المواطنين والمواطنات، ويسهم بدوره في زيادة تحسن مستويات معيشتهم، ويحصن بذلك من الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي بشكل عام. والله ولي التوفيق.
نقلا عن الاقتصادية