وجه نظر استشاري : استحواذ ارامكو على سابك

25/09/2018 4
فواز حمد الفواز
نشرت شركة ود مكنزي ( Wood Mackenzie ) - تختلف عن شركة مكنزي المعروفة في الوسط الاداري في المنطقه - شركه متخصصه في أبحاث واستشارات الطاقه تقريرا مختصرا عن الاستحواذ ، وصلني من احد المهتمين . نظرا لأهميه الصفقة و التقرير القصير حولها رأيت عرضه و تعريضه للنقاش .

يذكر التقرير ان هناك ثلاث محفزات للاستحواذ ؛ المحفز الاول ان هناك تكامل راسي بين الشركتين، والثاني التوسع الجغرافي ، والثالث نقل التقنية . إثارني ذكر المحفزات إيجابيا دون توصيه واضحه بالاستحواذ ( لا اعرف العلاقة بين الشركة الاستشاريه  واي من الطرفين ولكن ليس غريب على الاستشاريين الحذر بغرض كسب العملاء )، ولكن بعيدا عن النوايا دعنا نناقش حيثيات الموضوع على مستويين، الاول ما ذكره التقرير عن المحفزات، والثاني عن المستوى الكلي لمحفظة المملكه إداريا واقتصاديا والمخاطر المحتمله .

هناك درجه من التداخل في تحليل المحفزات و التصور الكلي، يذكر التقرير ان هناك تكامل راسي نظرا لقاعدة سابك في الصناعات البلاستيكية الرابحة  في المملكه وان الاستحواذ سوف يمكن ارامكو من التوسع بسرعه .

في هذا الشان أيضاً عرج على ذكر الطاقة البشرية حين قال ان منظومه المهارات تختلف بين صانع البتروكيماويات وشركة نفط وفي جمله مختلفة لاحقه يذكر ان الاستحواذ سوف يعجل بالتطور بينهما في هذا المجال . لا اعرف إذ كان الكاتب خبير متخصص في الصناعه او محامي- اقتصادي - استشاري، خاصه ان اختلاف الثقافة الإداريه والتجانس البشري احد عوائق نجاح الاستحواذات وحتى فشلها . استطاعت سابك ان تكون قاعده تصنيعية ناجحه وبالحجم المؤثر عالميا وخاصه بعد عدة استحواذات بعضها قد لايكون مثالي ولكن ربحيتها وتجربتها وكفاءة مؤسسيها مكنتها من مواصلة النجاح.

ارامكو بدأت نسبيا متأخرة ولكن سيطره ارامكو على اللقيم و قوتها الماليه والفنية مكنتها من تأسيس عده شراكات في نفس المجال وان اختلفت المنتجات عن سابك احيانا وكان اخر هذه شركه صداره العملاقة مع داو ( انتهت برئيس داو عضو في مجلس أداره ارامكو ومستشار لصندوق الاستثمارات العامه ) . هذه الشراكات جاءت بالحجم المناسب والقادر عضويا على التوسع أفقيا وراسيا خاصه ان مجال المنتجات متعدد ومعقد وبالتالي سوف تجد سابك و ارامكو ما يشغلهما لسنوات . وأخيرا ليس هناك في الصناعه عالميا ما يشير الى الحاجه للتكامل راسيا كشرط للنجاح . بل ان خط النجاح في المملكة يقود للتعمق في down streams - للمنتجات الاكثر قرب للمنتجات النهائية وليس up streams للربط مع منتج اللقيم .  
ذكر التقرير التوسع الجغرافي ولعل هذا ليس محفز رئيس إذ ان كليهما لديه حضور من خلال مكاتب ووكلاء وشراكات واستثمارات خاصه في أسواق اسيا المهمه وبالذات في الصين ، قد يرى البعض ان الاستحواذ يقلل التكاليف بسبب تكاثر هذه القنوات وبالتالي لايصبح التوسع الجغرافي محفز ولكن عامل مساعد ولكن هذا شان اخر خاصه ان بعض هذه القنوات تسويقه  في الاساس .

أخيرا ذكر التقرير ان التشارك والتعاون في التقنيه عامل محفز ولكن مع اختلاف المنتجات وتجانسها من ناحيه يصعب ان تسيطر على القيمه المضافة من خلال الدمج ( التقنيه بين الشركتين مختلفه عن نقل التقنيه للمملكه وهذا هو الاهم ) خاصه ان التقرير لم يذكر تصور واضح في آليات وقنوات نقل التقنيه، كما ان كليهما بالحجم القادر على تمويل أبحاث مستقله وفرصه اخرى للتنافس . فقد يقول قائل التقنيه للشركتين في المملكه افضل من نقلها لشركه واحده نظر للحاجه لشيوع ونشر المعرفة . التقرير لم يتطرق للكلي والاستراتيجي ولو ان الإيحاء بالإيجابيات يدل على التوصية . يبدو لي ان كل هذه المحفزات ذات علاقه ولكنها ليست حاسمه ولم يستطيع التقرير الدفاع عنها بدرجه مقبوله من الدقة والوضوح .

اهم حافز ضد الاستحواذ مدى الحاجه للمنافسة في الاقتصاد خاصه ان  الميزة النسبيه  في الاقتصاد الوطني في الصناعات الهيدروكربونيه وان حجم الشركتين كبير بالمعايير العالميه مما يمكنهما من المنافسة عالميا . كما ان هناك مخاطر معتبره في دمج ثقافتين مختلفتين خاصه، اعتقد ان هذه نقطه مهمه لا ينبغي الاستهانه بها حيث الثقافة العامه سريعه التكيف مع أحاديه التفكير. كما ان هناك محاذير إداريه قانونيه حيث سابك في جزء معتبر منها يتداول في السوق الماليه بينما ارامكو شركه عامه وهذا تحدي فريد حيث هناك توجه عام للتخصيص. فهناك درجه من التضارب في التوجهات من خلال الاستحواذ ( لعلها فرصه لإعادة احياء فكره طرح جزء من سابك من خلال GDR ). قد يكون هناك تحديات في متطلبات المنافسة عالميا ولكن هذه قد لا تشكل تحدي كبير. يبدو لي ان الافضل توجه لدمج الشركات البتروكيماوية الاخرى في شركه ثالثه لتشكل عمود ثالث في الصناعه . احد الاختلافات المؤثرة بين سابك وارامكو ياتي في سياسه وتجربة التسويق.

صدر حديثاً خبر يذكر ان الموضوع لازال قيد الدراسة ولذلك من السابق لأوانه ان نتساءل عن تاكيد الصفقه ناهيك عن المبررات والاهداف واليه التمويل، ولكن الاحرى ان تبقى سابك مستقله إداريا وان ينشط المنظم لتكون أسس المنافسة اكثر وضوحا وان يعاد النظر جزئيا في اقتصاديات الصناعه من حيث النظر في استقلال الصناعه عن ارامكو من ناحيه وخلق منافس ثالث ولو انه اصغر وان يكون تسعير اللقيم خاضع للمنظم  ليكون جميع اللاعبين على نفس المسافه.

خاص_الفابيتا