تحرص الجهات التشريعية والرقابية في الشركات المساهمة، ولا سيما المدرجة منها، أن تكون محكومة بقواعد إلزامية تخص الشفافية والإفصاح للمساهمين، فتحاول إيجاد علاقة واضحة شفافة بين المساهم وبين مجلس الإدارة، من هذا المنطلق، حرصت لائحة حوكمة الشركات الصادرة عن مجلس إدارة هيئة السوق المالية في 1438هـ أن تنظم مسائل الإفصاح والشفافية بين المساهمين ومجلس الإدارة، وأعطت للمساهم حقا أصيلا يتجسد في الاستفسار وفي طلب الاطلاع على دفاتر الشركة ووثائقها، لكن في الوقت نفسه نصت اللائحة على هذا الحق بنص عام فضفاض متبوعا بقيد لا يقل عمومية عن الحق نفسه. لعلي أستعرض النص مع توضيح الإشكالات.
تنص الفقرة "5" من المادة الخامسة من لائحة حوكمة الشركات أنه من حقوق المساهم "الاستفسار وطلب الاطلاع على دفاتر الشركة ووثائقها، ويشمل ذلك البيانات والمعلومات الخاصة بنشاط الشركة واستراتيجيتها التشغيلية والاستثمارية بما لا يضر بمصالح الشركة ولا يتعارض مع نظام الشركات ونظام السوق المالية ولوائحهما التنفيذية".
الإشكال الأول: أن كلمة "دفاتر الشركة ووثائقها" هي كلمة عامة وواسعة وغير واضحة المقصود بوثائق الشركة، فلم توضح المادة ولم تضع المعايير من حيث أي نوع من الوثائق يحق للمساهم الاطلاع عليها والسؤال عنها، وفي ظل عدم وجود تعريف لهذه الوثائق والدفاتر فقد تحمل على العموم.
الإشكال الثاني: أن الفقرة ذكرت أن دفاتر الشركة ووثائقها تشمل البيانات والمعلومات الخاصة بنشاط الشركة واستراتيجيتها التشغيلية والاستثمارية، ولم تبين هذه الفقرة بشكل واضح هل هذه العبارة هي على سبيل المثال أو الحصر من ناحية نوع الوثائق التي يمكن للمساهم الاطلاع عليها.
الإشكال الثالث: إنهاء الفقرة بعبارة لطالما ملئت التشريعات بمثل تلك العبارات أو النصوص التي قد تهدم ما بنته المادة، وهي عبارة "بما لا يضر بمصالح الشركة ولا يتعارض مع نظام الشركات ونظام السوق المالية ولوائحهما التنفيذية". فأول تساؤل يرد على هذه العبارة، ما المصالح التي يمكن أن تتضرر؟ وما المعيار؟ ومن الذي يحدد المصالح التي ستتضرر؟ هذا يفتح المجال أو يعطي مجلس الإدارة العذر أو كارتا جاهزا يمكن أن يرفعه كلما طلب مساهم الاطلاع على مستندات معينة للشركة.
لا يمكن إنكار وجود مصالح وأسرار للشركة يخشى مجلس الإدارة كشفها وعرضها، الأمر الذي قد يضر بالشركة، لكن السؤال: هل كلما قام مساهم بطلب الاطلاع على وثائق معينة للشركة، يمكن لمجلس الإدارة التعذر بالسرية، الذي بدوره يفتح مجالا للتعسف في استخدام المجلس لسلطته؟!
الفقرة رغم أهميتها كونها تتعلق بالحقوق الأصيلة للمساهم والمرتبطة بأسهمه، إلا أنها اشتملت على صياغة عامة، وعند وجود مثل هذا العموم، فإنه من الممكن القول إن الفقرة تفتح المجال كذلك للمساهم بطلب الاطلاع على الوثائق التي يراها، كما قد تفتح المجال كذلك لمجلس الإدارة أن يعتذر عن تقديم الوثائق بسبب أن المجلس يعتقد أن عرض تلك الوثائق للمساهم قد يضر بمصالح الشركة، وبين حق المساهم وعذر المجلس يحصل النزاع، ما يضعف الانتفاع وتنفيذ مثل هذه الفقرات المهمة.
نقلا عن الاقتصادية
شكرا اخي د ملحم . يا ليت CMA ترفع من كفاءتها و دقتها لكي تتعامل مع الحاله السعوديه و ليس التخفي و الخجل من خلال نصوص لا تتعامل مع الواقع