صندوق النرويج السيادي للمتقاعدين يعود إلى الواجهة

02/09/2018 0
د. أنور أبو العلا

عاد مُجدداً الحديث -المثير للجدل- عن صندوق النرويج السيادي للمتقاعدين إلى الواجهة مرة أخرى في وسائل الإعلام. بعد أن أثار الجدل في مثل هذا الوقت من العام الماضي 2017 عندما أعلن المشرفون على الصندوق فجأة حينذاك بأنهم سيتخلصون ببيع جميع الأسهم المملوكة للصندوق في شركات البترول بحلول الربع الأخير من العام الحالي 2018.

لكن الآن عاد الصندوق النرويجي بالخبر المفاجئ الجديد أنه تراجع عن بيع أسهمه في شركات البترول البالغة 35 مليار دولار. مُعظمها في الشركات الكبيرة: شل 5.36 مليارات دولار، واكسونموبيل 3.06 مليارات دولار، وشيفرون 2.04 مليار دولار، والشركة البريطانية 2.03 مليار دولار، وتوتال 2.02 مليار دولار.

لعله من الصُدف النادرة ولكنها تتكرر أحياناً في الحياة بدون قصد أو مواعيد مسبقة أن التاريخ المقترح لبيع أسهم الصندوق النرويجي في شركات البترول كان يتطابق مع التاريخ الذي كان مقرراً لطرح أسهم أرامكو. وأن تاريخ التراجع عن بيع الأسهم الآن يتطابق مع إشاعة (نفاها معالي وزير الطاقة) التخلي كلياً عن طرح أسهم أرامكو.

من المتفق عليه أن صندوق النرويج للمتقاعدين هو أكبر الصناديق (أنا أسميها الحصّالات) في قيمته السوقية التي تُقدّرُ بحوالي تريليون دولار. لكن القليلون يعرفون أن الصندوق النرويجي لم تتحقق ضخامته من عوائده الحقيقية (أي أرباحه القابلة للسحب من غير أن ينقص رأس ماله) بل من تراكم مبيعات البترول والارتفاع في قيمة أصوله السوقية.

سأفترض أن النرويج دولة أفريقية ليس لها مصادر دخل غير البترول وبأن بترول النرويج نضب (وهو فعلاً أوشك على النضوب في بحر الشمال وتحاول النرويج الانتقال إلى القطب) وبالتالي فلن يكون أمام النرويج إلاّ أن تعتمد على دخلها من عوائد صندوقها للمتقاعدين.

يوتوبيا التنظير: نظرياً تبلغ قيمة أصول صندوق النرويج تريليون دولار ومتوسط عوائده الصافية السنوية (وفقاً لموقع الصندوق) تساوي 4 % ومعنى هذا نظرياً بإمكان النرويج أن تسحب 40 مليار دولار في السنة من غير أن ينقص رأس مال الصندوق.

الواقع المرير: لقد كانت الصدمة المؤلمة لوزيرة مالية النرويج عندما طلبت لأول مرة منذ إنشاء الصندوق السحب منه بنسبة عوائده لسد عجز الميزانية عام 2016. ففوجئت بتحذير رئيس البنك المركزي (المشرف على الصندوق) بأنه لا يمكن الاعتماد على عوائد الصندوق وقد يؤدي السحب إلى إفلاسه ويجب البحث عن طرق أخرى لسد عجز الميزانية.

الخلاصة: الصناديق السيادية في الخارج قد تصلح أن تكون لخدمة أغراض محددة كتسهيل المعاملات التجارية بين الدول، أو للاحتفاظ باحتياطيات ميزانيات بعض الدول، أو لتغطية العملات ولكنها بالتأكيد لا تصلح أبداً أن تكون مصدر دخل للدول.

نقلا عن الرياض