قبل ثلاثة أعوام أجرت شركة «إي إم سكويرد» دراسة، قارنت فيها بين 107 عملات، أظهرت أن العملة الأضعف تبعها انخفاض في حجم الصادرات، وليس زيادة كما يعتقد الكثيرون؛ فأسباب الانخفاض بالعملات تحدد ملامح وضع التجارة الخارجية للدولة التي تضعف عملتها؛ إذ ترتفع تكلفة الإقراض على شركاتها. وفي الوقت الحالي يشهد العالم ارتفاعًا في قوة الدولار، أنهك عملات اقتصادات ناشئة عديدة، مثل تركيا والأرجنتين وروسيا والهند والبرازيل وغيرها؛ وهو ما يشير إلى أن الانعكاس السلبي على نمو الاقتصاد العالمي قادم، وستتشعب تأثيراته دوليًّا ما لم تُتخذ تدابير عاجلة لصده.
فالدولار الأمريكي يعيش أفضل مراحله. ورغم معارضة الرئيس الأمريكي لرفع أسعار الفائدة إلا أن البنك الفيدرالي ماضٍ في رفعها وفق خطة معلنة؛ إذ يرى ذلك هو الأنسب لحماية الاقتصاد الذي يحقق معدلات نمو جيدة، وتراجعت البطالة فيه لمستويات غير مسبوقة دون 4 %. وعلى النقيض تعيش أغلب اقتصادات العالم من أوروبا إلى الدول الناشئة حالة اقتصادية سلبية نظير قوة الدولار، وتغيير سياسات أمريكا النقدية منذ ثلاثة أعوام. أما السبب الأهم فهو عدم اتخاذ هذه الدول قراراتها الجيدة «في التوقيت المناسب»؛ فجُل هذه الدول تعلم بمكامن الخلل باقتصادياتها لكنها تأخرت في معالجتها، وهو ما يظهر - على سبيل المثال - بقرارات تركيا والأرجنتين في معالجة أزمة انهيار عملتَيْهما؛ إذ تتأخر القرارات الصحيحة، وإذا اتُّخذت يأتي تأثيرها محدودًا.
لكن من المهم النظر إلى ما يدور في العالم اليوم على أنه يمثل تحديًا لكل اقتصادات العالم ومن بينها المملكة؛ فالدول الناشئة انفتحت على أسواق الائتمان الدولية بنطاق واسع، وهو ما أثر عليها سلبًا حاليًا مع ارتفاع أسعار الفائدة على الدولار؛ إذ ارتفعت تكلفة هذه الديون؛ وهو ما يعني ضرورة أخذ الحيطة والحذر في حجم الإقراض الدولي، سواء السيادي أو للقطاع الخاص مستقبلاً، وخصوصًا خلال العامين القادمين اللذين سيشهدان أعلى معدلات أسعار الفائدة، حسبما أعلن الفيدرالي الأمريكي؛ فقد سبق لمعالي وزير المالية أن أكد التزام الحكومة بأن يبقى الدين العام نحو 30 % من الناتج المحلي، وحاليًا يقف عند 17 % تقريبًا، لكن هل تشمل هذه النسبة فقط إصدارات مكتب الدين العام أم أي جهة حكومية؟ فمثلاً قد تتجه أرامكو للاقتراض دوليًّا من أجل الاستحواذ على حصة صندوق الاستثمارات العامة بشركة سابك.
فهل سيعتبر ذلك من ضمن نسبة الدين السيادي المستهدفة كونها شركة حكومية؟ فحجم القروض الخارجية السيادية للمملكة حاليًا محدود جدًّا عند 206 مليارات ريال وفق تقرير مكتب إدارة الدين العام حتى نهاية مارس 2018 م، ويمثل نحو 8 % من إجمالي الناتج العام. فمع تطورات الاقتصاد العالمي المربكة، وخصوصًا قوة الدولار التي قد تخدمنا بخفض كلفة الواردات، لكنها في المقابل ستشكل عبئًا من خلال رفع أسعار الفائدة التي قد لا تتسق مع خطط النمو الاقتصادي. وفي المقابل فإن الحرب التجارية إذا استمرت بين أمريكا وكبار شركائها (الصين وأوروبا وكندا)، إضافة لانكماش أغلب الاقتصادات الناشئة، سيكون لها ضرر بنمو الاقتصاد العالمي، وسيؤثر ذلك على أسعار السلع، ومن أهمها النفط بالانخفاض؛ وهو ما يستوجب أخذ كل هذه العوامل وأكثر بعين الاعتبار للتحوط ضد الأزمات العالمية المحتملة.
القاعدة الاقتصادية للمملكة قوية - والحمد لله -، وما زال الدين العام منخفضًا جدًّا والاحتياطيات المالية ضخمة، وتغطي أكثر من 45 شهرًا للواردات، أي بمعدل يفوق عشرة أضعاف المعدل العالمي. كما أن الإصلاحات الاقتصادية تسير بخطى ثابتة مع استقرار مالي قوي، وتصنيف ائتماني مرتفع.. لكن يبقى التحوط وحساب المخاطر الدولية مهمًّا جدًّا للسير بخطط التنمية نحو أهدافها.
نقلا عن الجزيرة
شخصيا اشوف اسعار البترول ستنخفض ان الزبون اساسي للبترول هي الدول الناشئة وعند عدم شراها سيزداد المعروض ويقل الطلب وتنهار الاسعار
مقال ثري جدا شكرا لك هذا الصباح الجميل يكتمل مع مثل هذه مقالات
أتمنى من كاتبنا ان يكتب عن كيف يتحوط الافراد وصغار المستثمرين في ظل الأوضاع الراهنة وما هو افضل خيار
أتمنى تفعيل حساب للكاتب في توتر يوجد خلل اعتقد