كمواطن سعودي أرى وعن قناعة كبيرة ومطلقة أن المهمة الأولى لوزراء الحقائب الاقتصادية والخدمية هي رفع الكفاءة في الأداء وتحسين جذري في فرص التوظيف للسعوديين وجذب استثمارات أجنبية. هذه أهداف مطلوبة وملموسة وقابلة للقياس والتحقيق ولها انعكاسات اقتصادية صغرى وكبرى على مستوى الوزارة والقطاع نفسه، وكذلك الأمر على المستوى الاقتصادي الشامل والكلي. وهنا يتطلب الأمر توضيحا من بعض الوزارات والقائمين عليها. لماذا لم يكن يحصل حتى الآن «قفزات» نوعية جادة لسد فجوات في الوظائف؟
وزارة الصحة لا تزال عاجزة عن توطين وظائف الأطباء، والأدهى والأمر عجزها العظيم في توطين مهنة التمريض والفنيين. وكذلك الأمر بالنسية لهيئة الطيران المدني وعلاقتها بتوطين الوظائف للشركات الجوية مثل الخطوط السعودية وناس والسعودية الخليجية ونسما، وعدم إلزامهم بنسب جادة في توطين وظائف الطيارين والمضيفين والمضيفات. عدد المضيفات العاملات في هذا المجال يفوق 7 آلاف، بمعنى آخر، هذه 7 آلاف وظيفة لبنات الوطن. ولا داعي لإعادة التذكير أن العوز الاقتصادي أثبت مرة تلو الأخرى أنه أهم من التحفظ الاجتماعي.
هذه هي مجرد أمثلة على «القصور» والموجود في سرعة توطين الوظائف لدى كيانات عملاقة ومؤثرة لم تقم بمهماتها بشكل فعال للمساهمة في التعامل مع تحدي البطالة وفي جلب استثمارات عملاقة مع شركات لها خبرة في مجالاتها تضيف قيمة مميزة للاقتصاد الوطني. هيئة الطيران المدني حتى الآن لم تبين سببا تفصيليا للاستغناء عن شركة مطار شانغي (المطار الأول في العالم) لتشغيل مطار جدة واستبداله بمشغل محلي، وبالتالي فقدان لاعب عالمي ومؤثر كان سيكون له البصمة التطويرية الواضحة والمطلوبة، وما ينطبق على هيئة الطيران المدني ينطبق على وزارة الصحة في عدم قدرتها على جذب مستثمرين كبار بحلول غير تقليدية للاستثمار في القطاع الصحي الكبير والمغري، سواء أكان ذلك من الكويت والإمارات والأردن أو الهند واليابان وكوريا وألمانيا والنمسا وأمريكا وإنجلترا.
اختتمت منذ أيام مناسبة مهمة ولافتة وهي هاكاثون الحج، والتي كان الهدف الأبرز منها هو تسخير التقنية لخدمة الركن الخامس وتسهيل مهمة الحجاج والقائمين على هذه الشعيرة المقدسة، وبعد أيام تحل علينا أيام الحج نفسه، وسنرى آلاف الشباب والشابات السعوديين يتطوعون للعمل في أعمال ومهمات مختلفة بشكل مشرف كعادتهم كل سنة، وهذه تعيدنا إلى مهمة وزارة التعليم في زرع ثقافة العمل التطوعي والمدفوع كجزء من المنهج التعليمي وكجزء من متطلبات وشروط استكمال الشهادة الدراسية بدلا من الانتظار حتى نهاية فترة التعليم والدخول إلى سوق العمل بشكل صادم وغير مستعد.
الوزارات مطلوب لها أن يكون لديها هي الأخرى «نطاقات» تحاسب عليها بعدد الوظائف التي وطنتها والتي خلقتها ومدى قدرتها على جلب الاستثمارات الأجنبية، وفي حالة نجاحها ينعكس ذلك على موازنتها بشكل إيجابي والعكس صحيح. الاقتصاد تغير ولا بد أن ينعكس ذلك على ثقافة العمل داخل الوزارات والجهات الرسمية وأن تستشعر الدور الجديد المطلوب منها.
نقلا عن عكاظ