التستر التجاري مشكلة.. كيف نحوله إلى فرصة؟

23/07/2018 4
حسين بن حمد الرقيب

قرار توطين الاثني عشر قطاعاً في مجال التجزئة بنسبة 100 % كان هو الحل الأمثل للقضاء على التستر التجاري مع ما يحمل في طياته من آثار سلبية على حركة التجارة الداخلية وخروج للمستثمر الأجنبي غير المرخص له والذي كان يمارس النشاط التجاري تحت مظلة التستر التجاري وخروج لرؤوس الأموال إلا أن تلك الآثار ربما تكون أقل بكثير من بقاء مشكلة التستر التجاري التي كانت من أهم مسببات البطالة والمنافسة غير الشريفة والتي ساهمت في تحييد المواطن عن ممارسة النشاط التجاري وتحويله من صاحب عمل إلى متستر أو موظف بينما الأجنبي يعبث بمقدرات الوطن ويمارس كل أنواع الغش والتدليس وتحويل الأموال للخارج بالطرق المشروعة وغير المشروعة وزيادة الأعباء على المرافق الخدمية والصحية والتعليمية ولذلك كان من المهم جداً إنفاذ قرار التوطين بنسبة 100 % في قطاعات تجارة التجزئة.

أما وقد ظهرت في الأيام الماضية نسخة من مسودة قرار معدل صادر عن وزارة العمل وفيها تراجع عن القرار السابق وتعديل نسبة التوطين إلى 70 % وإن صحت هذه المسودة وتم اعتمادها رسمياً فإن ذلك سوف يعيدنا إلى المربع الأول وهو بقاء التستر التجاري حتى لو كانت نسبة التوطين 95 % فإن مجرد فتح نافذه بسيطة للأجنبي سوف تكون فرصة لبقاء المتستر عليه يمارس ويدير نشاطه تحت مظلة النسبة المسموح بها للأجنبي، إما إذا كان القرار فيه تغليب لمصالح عامة قد يراها صانعو القرار فنرجو أن تُعالج مشكلة التستر التجاري بطرق أكثر نجاعة وتحويل هذه المشكلة إلى فرصة يستفيد منها الاقتصاد الوطني ألا وهي عمل تنظيم جديد لتحويل التستر التجاري إلى استثمار أجنبي وفق متطلبات تصب في مصلحة الاقتصاد منها على سبيل المثال ضريبة دخل لا تقل عن 20% وتنظيم ساعات العمل ونسبة من التوطين والسماح للمستثمر الأجنبي بفتح حسابات بنكية باسمه وتحويل الأموال للخارج والحصول على التمويل البنكي وهذا من شأنه التقليل من عمليات التحويلات المالية غير المشروعة التي يقوم بها الأجنبي للهروب من المساءلة وقد تصنف تلك التحويلات ضمن عمليات غسل الأموال ونعتقد بأن 90 % من التحويلات المالية ماهي إلا أموال وافدين يعملون في التجارة وليس لهم وسيلة لتحويل أموالهم بعيداً عن الرقابة إلا بالطرق غير المشروعة ودفع عمولات عالية مقابل تلك التحويلات المالية وهذه العمليات قد تساهم في إشغال الجهات الرقابية عن عمليات المتابعة والتحقق وتشتيت الانتباه عن عمليات غسل الأموال الحقيقية من العميات القذرة مثل تجارة المخدرات والأسلحة ودعم الإرهاب، كما أن كثيراً ممن يمارسون التجارة تحت مظلة التستر التجاري ربما يكونون من مواليد المملكة وليس لهم إلا هذا البلد ويمتلكون من الأموال ما قد يتجاوز مئات الملايين موزعة في عدة دول خوفاً من المساءلة، ولو وجدوا بعضاً من الاطمئنان الذي يكفله لهم نظام الاستثمار الأجنبي سوف تعود تلك الأموال إلى المملكة وتساهم في عمليات نمو الاقتصاد ودعم السيولة واستقطاع ما يتم فرضه من رسوم أو ضرائب أو توطين وبهذا نستطيع حل مشكلة التستر التجاري والاستفادة من الأموال الأجنبية في تنمية الاقتصاد الوطني ومعالجة مشكلة البطالة إما بالتوظيف أو منح الفرصة للمواطن ليكون صاحب عمل بعدما تكون فرصة المنافسة مع الأجنبي متساوية أو ربما تكون له الأفضلية للمنافسة بعدم دفع ضريبة دخل.

من عجائب الأنظمة لدينا أنه يتم السماح للمستثمر الأجنبي عندما يكون خارج المملكة ويمنح كل التسهيلات لاستقطاب استثماراته أما إذا كان المستثمر الأجنبي في الداخل وعمل لعدة سنوات داخل المملكة فإنه لا يمنح الفرصة لكي يتحول إلى مستثمر أجنبي.

في الرسم البياني الأول عن النقد المتداول خارج المصارف يظهر النمو المستمر له بالرغم من تطوير مؤسسة النقد بالتعاون مع المصارف تقنيات الدفع من خلال نقاط البيع والتحويلات البنكية وذلك بسبب احتفاظ المستثمر الأجنبي غير المرخص له بالنقد وعدم إدخاله في النظام خوفاً من المساءلة فلذلك نجد كثيراً من المتاجر التي تعمل تحت مظلة التستر ترفض عمليات الدفع من خلال نقاط البيع أو التحويل البنكي إلا في أضيق الحدود وربما تخفض السعر إذا كان الدفع نقدياً وهذا الإجراء يتسبب في زيادة النقد خارج النظام المصرفي وما يتبعه من آثار سلبية على الاقتصاد، أما الرسم البياني الآخر فهو يوضح نمو التحويلات المالية للأجانب عبر القنوات الرسمية وهي تثمل ما يقارب 20 % من ميزانية الدولة وهو استنزاف كبير للاقتصاد الوطني، قطعاً ليست كل هذه التحويلات هي عبارة عن مرتبات وأجور للعمالة الوافدة ولكن جزءًا كبيراً منها يمثل إيرادات الأنشطة التجارية للوافدين.






نقلا عن الرياض