تتوجه أنظار العالم؛ وفي مقدمها الولايات المتحدة الأمريكية؛ نحو السعودية كلما تأثرت أسواق النفط لأسباب مرتبطة بحجم الإنتاج؛ أو مخاطر استدامة إمدادات النفط؛ ما يؤثر سلباً على الاقتصاد والنمو العالمي. تعامل قيادة المملكة المسؤول مع المتغيرات العالمية؛ وحرصها على ضمان الإمدادات وتحقيق المصالح المشتركة للمنتجين والمستهلكين على حد سواء؛ إضافة إلى امتلاكها قدرة إنتاجية فائضة تمكنها من لعب دور أكبر في ضمان الإمدادات النفطية، وتعويض النقص الطارئ في حجم الإنتاج العالمي؛ مكنها من لعب دور مهم في استقرار الأسواق وضمان الإمدادات، وجَعَلَها مصدراً للثقة والطمأنينة المعززة لاستقرار الأسواق العالمية.
تتعامل المملكة بمسؤولية تجاه المجتمع الدولي؛ ما حملها لتطوير قدراتها الإنتاجية من أجل الاحتفاظ بطاقة احتياطية كافية لمواجهة الطوارئ العالمية. مئات المليارات أنفقتها لتطوير قطاعها النفطي، وزيادة طاقتها الإنتاجية بما يسهم في ضمان الإمدادات، واستقرار الأسواق؛ ومن الطبيعي أن تستغل تلك الطاقة الفائضة لتعويض أي نقص طارئ في الإمدادات العالمية. يخطئ من يعتقد أن استخدام المملكة لطاقتها الإنتاجية الفائضة؛ قد يذكي بعض النزاعات العالمية، أو يسهم في التحفيز على تبني مواقف عسكرية، أو اقتصادية متشددة تجاه دول مارقة تُهدد أمن واستقرار المجتمع الدولي.
قدر المملكة أن تكون «البنك المركزي» للنفط العالمي، والمسؤولة عن تعويض النقص الطارئ في الأسواق، وموازنة العرض بما يضمن تحقيق الاستقرار والنمو الاقتصادي؛ وكما أن البنوك المركزية تهتم بموازنة السيولة، وضبط التضخم؛ فالمملكة معنية بموازنة كميات النفط المتاحة في الأسواق العالمية، وضبط الأسعار؛ ومن الظلم تفسير قراراتها النفطية الداعمة لاستقرار الاقتصاد العالمي، بالعدائية.
وبعيداً عن تعويض النقص المتوقع حدوثه في حال فرض عقوبات اقتصادية على إيران؛ فإن السوق النفطية تشهد حالياً نقصاً في الإمدادات تتم تغذيته من جهات مختلفة. حيث يشهد النفط الليبي انقطاعات حادة، ما تسبب في خفض حجم الإنتاج بما يقرب من 500 ألف برميل يومياً؛ كما طالت الانقطاعات فنزويلا وكندا والنرويج والمكسيك لأسباب مختلفة.
ترتبط العقوبات الاقتصادية المتوقع فرضها على إيران بممارساتها العدائية؛ وأنشطتها النووية؛ ودعمها الإرهاب الدولي؛ وأياً تكن العقوبات القادمة؛ فهي صادرة من دول قائمة يُفترض أن تتحمل تبعات قراراتها، بمعزل عن الدول الأخرى. التهديد الإيراني المتكرر بتعطيل الملاحة في مضيق هرمز وعرقلة الصادرات النفطية لن يكون موجهاً ضد دول الخليج فحسب؛ بل ضد المجتمع الدولي الذي لن يقف صامتاً متى نفذت تهديداتها على أرض الواقع.
عوداً على بدء؛ فتعويض السعودية لنقص الإمدادات في أسواق النفط العالمية لم يكن موجهاً ضد أي دولة، بل هو جزء من مسؤولية المملكة تجاه المجتمع الدولي لتلبية الطلب؛ وتحقيق توازن السوق؛ ورفد العجز الطارئ في الإمدادات يظهر ذلك جلياً في تأكيد مجلس الوزراء السعودي، على أن «أحد أهم أهداف سياسة المملكة البترولية هو السعي دوماً لتحقيق التوازن والاستقرار في أسواق البترول» وتأكيده على استعداد المملكة لاستخدام طاقتها الإنتاجية الاحتياطية عند الحاجة للتعامل مع أي متغيرات مستقبلية في معدلات العرض والطلب على النفط.
نقلا عن الجزيرة