تبرر منشآت القطاع الخاص في الوقت الراهن، ارتفاع معدل البطالة، وعدم قدرتها على كبحه كما هو مأمول منها، وتعزوه إلى عديد من الأسباب؛ منها ارتفاع تكلفة التشغيل والإنتاج عليها، نتيجة لإصلاح أسعار استهلاك الطاقة "البنزين، الكهرباء"، إضافة إلى زيادة رسوم عديدة على كاهل ميزانياتها، منها ما يتبع وزارة العمل "رسوم العمالة الوافدة ومرافقيهم"، ومنها ما يتبع وزارة البلدية والشؤون القروية، ومنها يتبع الهيئة العامة للزكاة والدخل ممثلا في "ضريبة القيمة المضافة"، إضافة إلى الصعوبات الكبيرة التي تواجهها تلك المنشآت للوفاء بمتطلبات توطين الوظائف لديها، إما لعدم رغبة المواطنين الباحثين عن العمل في تلك الوظائف التي تشغلها عمالة وافدة لانخفاض أجورها، وإما لطبيعة تلك الوظائف التي لا تناسب رغبات العمالة الوطنية، ويزداد الأمر صعوبة في هذا الخصوص، إذا تبين أن أكثر من 99 في المائة من تلك المنشآت تعد متوسطة وصغيرة، ما يعجزها كثيرا عن الوفاء بكل تلك التحديات مجتمعة، ويزداد الأمر صعوبة عليها أيضا أن تم اشتراط تحققها خلال فترة زمنية قصيرة.
تضاف إلى ما تقدم الآثار العكسية غير المباشرة على تلك المنشآت، التي نتجت عن انخفاض القوة الشرائية لأفراد المجتمع نظير ارتفاع تكلفة المعيشة عليهم، إضافة إلى انخفاض أعداد السكان غير السعوديين، نتيجة ترحيل مئات الآلاف من العمالة الوافدة خلال العامين الماضيين، تضاف إليهم أسر بعض تلك العمالة الوافدة التي كانت معها. بالتأكيد، توجد أسباب وعوامل أخرى وضعتها منشآت القطاع الخاص والغرف التجارية والصناعية خلف عجزها عن الوفاء بكل تلك المتطلبات مجتمعة، مما لن يتسع المجال لذكره هنا، ووصلت نتائجه إلى تعثر وإفلاس آلاف المنشآت وتوقف نشاطها، أو تقليص فروعها وأعداد العمالة لديها من مواطنين ووافدين على حد سواء، أو لجوء المنشآت الكبرى والعملاقة إلى إعادة هيكلة مواردها البشرية، ما ترتب عليه إما توقفها عن التوطين والتوظيف بشكل عام كأخف ضرر، وإما اضطرارها إلى تقليص أعداد عمالتها الوطنية والوافدة بحد أقصى.
حين تقرأ هذه "القصة" هكذا وتقف عند صفحتها الأخيرة، كما ألفها وكتبها القطاع الخاص وغرفه التجارية والصناعية، فلا شك أن أقل ما ستفعله، أن تمسك برأسك من هول ما قرأته في أحشاء هذه "القصة" الحزينة! لكن هل فعلا بدأت هذه "القصة" من حيث ما ذكرته، وانتهت أيضا حيث ما انتهت إليه؟!
حسنا؛ نحن أمام مفترق طرق بالغ الصعوبة، هل تريد تلك المنشآت إعادة جدولة تلك الإجراءات والتدرج في تطبيقها؟ أم تريد إيقاف العمل بها والعودة إلى ما كانت عليه سابقا؟ ومن جانب آخر؛ هل يوجد أي احتمال لخطأ في صلب برامج التوطين الراهنة يقتضي العمل فورا على معالجته؟! وفي المجمل، هل يوجد طريق ثالث يمكن العبور من خلاله، وصولا إلى أهداف البرامج التنفيذية المتعلقة بإعادة هيكلة القطاع الخاص، والتحول به من أوضاعه المتردية السابقة "انخفاض مساهمته في تنويع قاعدة الإنتاج وتوطين الوظائف"؟
لا شك أن كل هذا وغيره من الاحتمالات والرؤى تمت دراسته وبحثه في إرهاصات إقرار البرامج التنفيذية، وقد ينشأ الخلاف على تقدير الآثار المحتملة آنذاك لعموم تلك الإجراءات والسياسات والبرامج في المجمل، وعلى مستواها التفصيلي حسب كل إجراء وكل برنامج. الأمر الآخر أنه كان متوقعا أن تنتج عن أي برامج إصلاح اقتصادي، مهما كانت درجتها، آثار عكسية، وقد يصل بعضها إلى درجة مؤلمة جدا، وهذا ليس تبريرا دفاعيا على الإطلاق - كما قد يفسره بعضهم - لأي من البرامج الإصلاحية الراهنة، إنما أدونه هنا تمهيدا لما كان واجبا إصلاحه بشكل كامل وشامل من تشوهات ضخمة جدا داخل أحشاء القطاع الخاص، التي لو سمح لها بالاستمرار دون تدخل علاجي، لكانت فواجع النتائج اليوم وفي المستقبل القريب أكبر مما لا يمكن تصوره بلغة أرقام الفترة الراهنة.
وهذا ليس مبالغة، بقدر ما أن كثيرا، إن لم يكن كل أطراف القطاع الخاص كمنشآت وكغرف تجارية وصناعية، لم تكن على إدراك حقيقي لنهاية الطريق الذي كان يمضي عليه القطاع، وصل به الحال إلى وقت قريب "قبل الإصلاحات" إلى أعلى درجات إدمان الدعم والعناية الحكومية "فاقت فاتورة تكلفته خلال ثلاثة عقود مضت 5.3 تريليون ريال"، ومن العجيب والغريب جدا أن يريد أرباب القطاع الخاص، صغيرهم وكبيرهم، استمرار هذا النزيف المالي الهائل من الدعم والعناية إلى ما لا نهاية، دون النظر إلى: هل بإمكان وقدرة الدولة الوفاء به أم لا؟ ودون النظر إلى الآثار الوخيمة اقتصاديا وماليا واجتماعيا، التي سيترتب عليها عند لحظة العجز التام عن الاستمرار فيه! وهي اللحظة من الزمن التي يتجاهلها تماما كل مَن له مصلحة متحققة من استدامة القطاع الخاص على تلك النمطية.
الأصعب من ذلك؛ كيف أعادت منشآت القطاع الخاص "جميل" ما حصلت عليه من الدولة ومن أفراد المجتمع على حد سواء؟ وأرجو صادقا ألا يفسر القارئ الكريم ما سيأتي أنه قسوة في غير محلها، لقد أعادت تلك المنشآت "الجميل" بأن استقدمت عدة ملايين من البشر من كل أصقاع المعمورة، وقصَّرت أيما تقصير في التقدم بنشاطاتها نحو تعزيز وتنويع قاعدة الإنتاج المحلية، وقصرت أيضا في توطين وظائفها وفتحها أمام الباحثين عنها من مواطنين ومواطنات، وكيف لها أن تفكر مجرد تفكير في ذلك، وقد صبت كل مقدراتها إما بالفوز بمناقصات الحكومة وتنفيذها كيفما اتفق، وإما في الاستيراد بالجملة من الخارج والبيع بالتجزئة في الداخل، وكلا النشاطين لا يتطلب عمالة متدربة أو متعلمة أو ذات تكلفة مرتفعة.
كل هذا تحت استدامته عقودا طويلة جدا، أوجد ثقافة من نوع فريد جدا لدى أرباب القطاع الخاص، وعلى أن تلك الثقافة التي ترسخت حتى أصبحت "هوية" للقطاع الخاص، تعد خطأ جسيما من رأسه إلى أخمص قدميه، إلا أنه - ومع الأسف الشديد - أصبح المرجعية التي دائما ما يعود إليها أرباب القطاع الخاص، دفاعا عن وجوده النمطي الراهن، ولو اعترف أربابه بذلك الخطأ الفادح، لسقطت كل التبريرات الراهنة التي ما فتئوا تقديمها في كل ميدان أمام أي إصلاحات اقتصادية تستهدف انتشال القطاع الخاص من واقعه السابق، والارتقاء به إلى المستوى الأكثر تأهيلا، ليتولى بدرجة أكفأ المساهمة في تعزيز نمو الاقتصاد الوطني، وتوسيع قاعدته الإنتاجية، وزيادة قدرته على توظيف المواطنين والمواطنات، واستثمار مؤهلاتهم وخبراتهم بما يوازيها من أجور مالية ملائمة.
باختصار شديد؛ تعني كل تلك التبريرات الصادرة من أغلب منشآت القطاع الخاص، اعترافا صريحا بأنها غير قادرة على الوفاء بمتطلبات برامج التحول الراهنة، التي تستهدف النهوض باقتصادنا الوطني، ونحن بذلك أمام خيارين: إما القبول بإرادة القطاع الخاص، وتسخير كل مقدرات الاقتصاد الوطني لأجل استدامته على ما يريد أرباب هذا القطاع! وإما أن نمضي قدما في طريق الإصلاحات الاقتصادية الراهنة، والوصول لاحقا إلى الفوز بقطاع خاص من نوع آخر مختلف تماما عن القطاع الراهن، يقوم بدعم وتحفيز الاقتصاد والمجتمع. والله ولي التوفيق.
نقلا عن الاقتصادية
اخشاءمااخشاء ياستاذعبدالحميد من تسخير كل مقدرات الاقتصاد لأجل استدامتة على مايريد ارباب العمل وياليتهم اصحاب الأعمال يكونون من أبناء الوطن وأنما تقريبا حول النصف يملكونه أجانب ويوظفون بني جلدتهم ويحاربون أبناء الوطن وهاذا معلوم لدى الجميع استبشرنا خير مع توطين 12قطاع بنسبة 100 %100ولكن تراجعت وزارة العمل وجعلتها 70في المئة هذا التراجع إنما بسبب ضغط ارباب العمل على الوزارة وهذا ديدنهم لايرغبون في التوطين لأن أغلب الأعمال لايملكونها إنما يملكونها بالإسم فقط يملكها الاجنبي انا اعتبر أن التستر التجاري هو المسبب الرئيسي للبطالة نتمنى من الجميع محاربتة وبدون مهادنة لانة استنزف اقتصاد البلد ولم يضيف للبلد غير جحافل الأجانب فقط ويحاربون من اراد منافستهم من أبناء الوطن ونسمع كلام من ان هيئة المنشئات ترغب برفع مقترح لشرعنت الشركات والمؤسسات التي يثبت عليها التستر التجاري وهاذا اعتبره مكافأة لها ونرجو عدم سن اي نظام في صالح التستر التجاري وان لانتركه لأنه سوف يطغى ويتجبر وينتشر انتشار النار في الهشيم.. وشكراً
أهلاً فيك أخي أبوأسماء مجدداً.. لا تقلق؛ فكما ذكرتُ في خاتمة المقال (كل تبريرات الصادرة من أغلب منشآت القطاع الخاص، اعترافا صريحا بأنها غير قادرة على الوفاء بمتطلبات برامج التحول الراهنة، التي تستهدف النهوض باقتصادنا الوطني) والخيار القائم ولا عدول عنه مطلقاً هو (أن نمضي قدما في طريق الإصلاحات الاقتصادية الراهنة، والوصول لاحقا إلى الفوز بقطاع خاص من نوع آخر مختلف تماما عن القطاع الراهن، يقوم بدعم وتحفيز الاقتصاد والمجتمع) من سينجح بهذه المعادلة سيبقى حيا، ومن سيفشل لا أسف عليه من قريب أو بعيد!! دمت بخير أخي الموقر
يا ابن الحال والله ان الشرهة مهيب عليك ولكن على اللي ينشر كلامك في اماكن محترمة يقرأها العقلاء والا كلامك كله كلام استراحات ولكن يبدو انك تتغذى على الواسطة او الصدفة اوالخطاب الشعبوي واتذكر قولك ان البتروكيماويات وعلى راسها سابك ستفلس اذا تخلت الحكومة عن الدعم وهاهي الكهرباء ترتفع ورسوم العمالة ترتفع واللقيم يرتفع والدعم بقل ولكن سابك تحقق افضل ارباح من جيبك وجيب المواطن بعد ان طردت السعوديين لتحسين الانتاج ورفعت الاسعار داخليا
اقتباس " لقد أعادت تلك المنشآت "الجميل" بأن استقدمت عدة ملايين من البشر من كل أصقاع المعمورة، وقصَّرت أيما تقصير في التقدم بنشاطاتها " والسؤال هو من الذى سمح لها باستقدام هذه الملايين عندما كان الاقتصاد ينمو بمعدلات مرتفعة وكانت البطالة أيضا تنمو بمعدلات مرتفعة ؟ ومن الذى أعطاها التأشيرات لاستقدام هذه الملايين ؟ لماذا دائما انت غير منطقي في طروحاتك ؟ وتحاول ان تحمل القطاع الخاص والتجار وأصحاب العقار جميع المشاكل والأزمات ؟
غربت وشرقت والسؤال بالتحديد ماهى الوظائف التى نريد تو طينها وسعودتها وكم عددها وهل يوجد مواطنين (مؤهلين) لشغلها. دعنا من هنا نبدأ إن كنا جادين !
السعوده 100÷100سوف تنهار الأعمال وسوف يتم اغلاق اكثر ١مليون محل والباطله تزيد اكثر من الاول ونحذر قبل وقوع الكوارث لانهاكارثه كبر ولا يمكن أن تعوض
كارثه كبرى تابع
اذا وزاره العمل تراجعت ببعض قرارتها فابشروبالخير
مع الاسف ان القطاع الخاص لدينا تم تأسيسه وهيلكته منذ اكثر من خمسين سنه على يد الوافدين من كل جنسيه ولون ... هو مصمم لهم كاداره وموظفين ...( الوظائف مصممه لهم والرواتب مصممه لهم )... لا وظائف تصلح لسعوديين ولا رواتب !!....والوظائف التي تناسب السعوديين اما يشغلها اجانب اوروبيين وامريكان او عرب من مصر والشام ... اما باقي الوظائف فهي وظائف حرفيه متدنيه لا يقبل عليها السعوديين ...قبل عشرين سنه او اكثر كنا نتحدث عن بطالة حملة الشهاده الثانويه ومافي حكمها واليوم نحن نتحدث عن بطالة حملة الشهادات العليا ( بكالوريوس وماجستير ودكتوراه ) وليس في تخصصات نظريه بل مهندسين بمختلف التخصصات واطباء وصيادله ....!!...وزارة العمل يجب ان تنتقي وظائف محدده تناسب مؤهلات السعوديين لتوطينها وليس اي وظيفه ... البطاله كارثه حقيقيه وعلينا تداركها ... والله المستعان اولا واخيرا.
ومن لا يوافقك في هذه الحقائق أخي عامر؟ أجدت والله تشخيص أساس داءات سوق العمل خصوصاً، والاقتصاد الوطني بشكل أوسع.. ورغم كل ذلك لن يتوقّف بمشيئة الله تعالى عمل الإصلاحات الاقتصادية الراهنة، رغم المعوقات التي قد يفتعلها من هو منتفع من التشوهات الراهنة، وحتى لو وصل صياحه إلى شرق نيوزلاندا!! البقاء للأقوى والأنفع، وما عداه درب يودي ما يرد