لعب البنك الدولي دوراً مهماً في دعم مشروعات الطاقة النظيفة في الدول النامية ومنها المملكة المغربية التي نجحت في رفع إنتاجها من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح خلال فترة زمنية قصيرة. تحدثت مع أحد مسؤولي البنك الدولي عن انسيابية برامج الدعم المقدمة للمغرب؛ مقارنة بالدول الأخرى؛ التي مكنتها من تنفيذ أربعة مشروعات للطاقة المتجددة في فترة زمنية قصيرة.
وبشفافية مطلقة؛ أكد أن جدية العمل، والالتزام بتنفيذ البرنامج؛ ووضوح الرؤية لدى الحكومة المغربية، واستكمال التشريعات والإجراءات التنظيمية الفاعلة والشفافية الداعمة للتنافسية في قطاع الطاقة بشكل عام؛ والطاقة المتجددة بشكل خاص، من أهم الأسباب التي ساعدت على إنجاح برنامج دعم إنتاج الطاقة النظيفة هناك.
نجحت المغرب في تحقيق متطلبات البنك الدولي؛ والتزمت باستكمال التشريعات وتهيئة السوق ما ساعدها على تنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة؛ وفق برنامج دعم منخفض التكاليف. لم تقتصر جهود البنك؛ والجهات الداعمة الأخرى؛ على دعم برامج الطاقة النظيفة فحسب؛ بل أسهمت أيضاً في خلق الفرص الاستثمارية وتحفيز شركات الطاقة،على النمو والتوسع ورفع كفاءتها وتنافسيتها وتطوير تقنياتها وخفض أسعارها بشكل لافت.
ولعلي أشير إلى شركة «أكوا باور» السعودية التي تمكنت من تنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة في أكثر من 11 دولة؛ من بينها المملكة المغربية؛ التي دشنت فيها مؤخراً مشروع خلادي لطاقة الرياح بحجم إنتاج 120 ميجاواط. شراكة «أكوا باور» مع الحكومة المغربية من جهة؛ والبنك الدولي، والبنك الأوروبي للتعمير والتنمية وصناديق التمويل الدولية من جهة أخرى ساعدها في تنفيذ مشروعات متعددة ذات كفاءة عالية ومردود اقتصادي واستثماري متميز؛ وبناء جسور من الثقة؛ ودعم العلاقات السعودية المشتركة من خلال الشراكات الاقتصادية التي تشكل جانباً مهماً من الدبلوماسية الناعمة.
تشكل تجربة «أكوا باور» في المغرب امتداداً لتجارب أخرى في جنوب أفريقيا ودبي وتركيا وعمان؛ وهي تجارب متميزة مكنتها من تعزيز تنافسيتها وتحقيق جودة تنفيذ المشروعات وكفاءة التشغيل وتنافسية الأسعار متفوقة على شركات عالمية كبرى. مشروعات الطاقة المتجددة في حاجة دائمة إلى تحسين البيئة الاستثمارية واستكمال التشريعات وتعزيز التنافسية والشفافية؛ إضافة إلى التزام الحكومات بمشروعاتها المجدولة.
من الجميل أن تركز رؤية المملكة على الطاقة المتجددة؛ وأن تضع ضمن أهدافها إنتاج ما يقرب من 9.5 جيجا واط بحلول عام 2030. وضع الأهداف الطموحة في حاجة إلى الالتزام والمراجعة للتأكد من حسن التنفيذ وعدم تضارب الأهداف أو تداخلها وبما لا يؤثر سلباً على الخطط المرسومة؛ وثقة الشركات والمستثمرين.
الأكيد أن المملكة تأخرت في إطلاق مشروعات الطاقة المتجددة ما يستوجب التسريع فيها؛ والالتزام بتنفيذ مشروعاتها وفق مسارها الزمني المعلن؛ وإزالة المعوقات من أمامها.
برغم جهود الحكومة المتميزة في إعادة هيكلة سوق الطاقة وبنائها على أسس تنافسية وفق تشريعات عادلة ومنضبطة؛ إلا أن تعدد الجهات المؤثرة في القرار وتقاطع مصالحها؛ وتداخل الصلاحيات؛ وربما تغليب مصلحة شركة الكهرباء؛ أو تمكينها من التأثير على القرار وبرامج الإستراتيجية الوطنية للطاقة المتجددة؛ يؤثر سلباً في برامجها؛ وعدالة المنافسة؛ ونتائجها المتوقعة.
كل ما أخشاه؛ أن يسهم بطء حركة تنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة؛ كما حدث في مشروع دومة الجندل الذي قدمت عطاءاته قبل عام دون النظر فيها وترسيتها؛ في تعثر برامجها، وعرقلة عملية تخصيص قطاع الكهرباء؛ وإلغاء بعض المشروعات؛ وتقليص الأهداف المعلنة؛ والعودة إلى المربع الأول من جديد.
نقلا عن الجزيرة