ساهمت ثلاثة أحداث رئيسية شهدتها السعودية في ظرف 10 أيام في إحداث "موجة صعود" ملحوظة على أداء كافة إصدارات المملكة ( 11 إصدار من الإصدارات الدولارية بالسوق العالمية). ولتوقف بذلك أدوات الدين السعودية هبوطها الذي تزامن مع موجة مبيعات ضربت أسواق الدخل الثابت بالأسواق الناشئة خلال فترة الأشهر الماضية.
وجاءت أول الأحداث في 20 يونيو وهو اليوم الذي شهد ترقية البورصة السعودية لتنظم لمؤشر ( MSCI) في إشارة إلى ترحيب مستثمري الأسهم بالإصلاحات التي تم إحداثها خلال فترة وجيزة. ثم تبع ذلك اتفاقية أوبك بزيادة الإنتاج (والتي ستنعكس إيجابياً على السعودية وروسيا نظراً لعدم استطاعة معظم دول أوبك من خاصية زيادة الطاقة الإنتاجية للنفط). وفي 24 يونيو تم السماح بقيادة المرأة وهذا القرار يحمل معه فوائد جمة على منظومة الاقتصاد الوطني.
وذلك نظرا لان هذا قرار يساهم بضخ المزيد من القوى العاملة الوطنية مما يساهم في تعظيم الإنفاق المحلي بدل من ان يتم ارسال هذه الأموال للخارج من قبل المقيمين. فبحسب بلومبرج فيمكن لهذه الخطوة أن تضيف ما يصل إلى 90 مليار دولار إلى الناتج الاقتصادي بحلول عام 2030، مع زيادة الفوائد إلى ما بعد ذلك التاريخ. وبوجهة نظر المستثمرين فان هذين الحدثين (الأول والثالث) يعيدان التأكيد على جدية الحكومة بالمضي قدما بالإصلاحات الاقتصادية.
أداء السندات وثبات الصكوك
فالسندات التي يحين أجلها في 2049 كانت في السابق تتداول في نطاق ال 93 سنت للدولار ولكن بعد الإصلاحات الاقتصادية أخذت تتداول في نطاق قريب من 97 سنت للدولار. وكان اللافت للنظر خلال موجة البيوعات التي ضربت الأسواق الناشئة هو عدم تذبذب إصداري السعودية من الصكوك. ويعود ذلك لكون المستثمرين من المؤسسات المالية الإسلامية تفضل الاحتفاظ بهذه الأدوات في محفظتها إلى أن يحين موعد أجلها. في حين معظم حملة السندات من المستثمرين المتمركزين بالولايات المتحدة والقارة الأوربية (وعليه كان من الطبيعي أن تحصل عمليات البيع من قبلهم).
مبيعات لافته تشهدها أسواق الدين العالمية
بكل تأكيد فقد هبت "العاصفة المثالية" على سندات الأسواق الناشئة وتأثيرها ضرب كافة السندات العربية. اللافت للنظر أن هذه الأحداث لم تشهد تغطية تليق بالحدث في إعلامنا العربي.
فسندات الأسواق الناشئة تشهد عمليات بيع قوية بسبب تخارج بعض المستثمرين، الأمر الذي أرغم صناديق السندات الى تقليص حيازتهم من أدوات الدين العربية. فعمليات التخارج التي قامت بها "صناديق السندات" مردها الى أربعة أسباب : 1) الارتفاع القياسي لعوائد سندات الخزانة الأمريكية، مما انعكس بشكل سلبي على عوائد السندات القديمة التي سبق أن أصدرناها (والتي تم تسعيرها ارتكازا على عوائد الخزانة).
2)ساهم ارتفاع الدولار في التأثير على خدمة الدين للدول التي تضعف عملتها بارتفاع العملة الأمريكية. فكلما انخفضت قيمة العملة فإن سداد الديون المقومة بالدولار يكون أكثر صعوبة. وبسبب انعدام السيولة كان من الصعب تسييل سندات تلك الدول المتأثرة عملتها، مما دفع هذه الصناديق لاستهداف حيازتاهم من الديون الخليجية ذات السيولة العالية (بعبارة أخرى فنقص السيولة تفوق على الأساسيات الاقتصادية لبعض الأسماء البارزة من المُصدرين).
3) ارتفاع الفائدة بسبب الفدرالي وقيام البنوك المركزية حول العالم بتقفي أثر ذلك.
4) تبعات الحرب التجارية بين الصين وأمريكا وكيف أن أي تصعيد بها قد يقود لركود اقتصادي عالمي.
وفي خضم تلك المبيعات،التي يراها البعض كعمليات تصحيحية، تم ملاحظة كيف أن السيولة الذكية تقتنص فرصة الدخول خلال مراكز معينة لبعض الفرص. فبعض عوائد السندات السيادية تعتبر استثنائية مقارنة مع بداية السنة. فعلى سبيل المثال يبلغ العائد على السندات الأرجنتينية 40% وذلك بسبب انخفاض عملتها بنسبة 40%. في حين تقدم زامبيا عائد يصل الى 11% بدل من 7%.
تأجل الإصدارات
وساهمت تلك الأحداث جميعاً في إحداث اضطراب بأداء أدوات الدين مما يصعب الأمر على المُصدرين الجدد (بسبب حساسية الجانب التسعيري على ارتفاع كلفة التمويل). شخصياً أرى أن تلك الأحداث مؤقته ولن تدوم وسوف نرى السيولة الذكية تزداد في قادم الأيام تجاه بعض الإصدارات السيادية لدول الخليج التي تتفوق في أساسياتها على نظيراتها بمنظومة الأسواق الصاعدة.