من ضمن الأمور التي ستشجع المستثمرين على الاقبال على الصكوك هو وجود تشريعات تعالج مسألة الزكاة على ارباح هذه السندات الاسلامية.بحسب برنامج تطوير القطاع المالي، فإن من ضمن أهم مبادرات تعميق سوق الدين هو تولي هيئة السوق المالية لمسألة معالجة المعاملة الزكوية وطريقة الاحتساب وكذلك ضريبة الاستقطاع، وهذه المسألة تحظى بأهمية كبرى لدى المستثمرين لأنها تؤثر على نسبة ما يتحصلونه من الأرباح الدورية للصكوك. وشخصياً أستغرب للأمانة تأخرنا في معالجة هذه القضية الحيوية (أي الزكاة وضريبة الاستقطاع) التي في العادة يتم حسم أمرها في المراحل الأولى قبل بداية تطور أسواق الدين لأي دولة بالعالم.
بخصوص الزكاة، فمعظم الفقهاء يرون أن ما ينطبق على الأسهم ينطبق على الصكوك. فمن يشتري الصكوك بغرض المضاربة، فإن الزكاة تجب فيها وفي أرباحها. ومن يشتريها بغرض الاستثمار، فيخرج الزكاة على الأرباح الدورية.
هناك أيضاً بعض الدول التي تقدم اعفاءات ضريبية على شركات الغرض الخاص التي يستعان بها مع اصدارات الصكوك وكذلك يتم اعفاء جهة الاصدار عن رسوم التسجيل المتعلقة بنقل ملكية الممتلكات العقارية المتصلة بصكوك الاجارة.
ضريبة الاستقطاع
تفرض ضريبة الاستقطاع على أي مستثمر غير مقيم بالمملكة وذلك عن أي تدفقات نقدية قادمة من السعودية. بحيث تقوم جهة الإصدار السعودية بإستقطاع الضريبة لصالح الهيئة العامة للزكاة والدخل.
على العموم دائماً ما يفضل المستثمر الأجنبي اجراء استثماراته بأدوات الدخل الثابت من دون تكاليف ضريبية عالية. وعليه نرى بعض الدول تشجع الاستثمار الاجنبي عبر اعفاء المستثمر من دفع الضريبة على أرباح أدوات الدين السيادية فقط.
حبذا لو يتم معالجة المسائل المتعلقة بالزكاة وضريبة الاستقطاع لنكون مستعدين للمستثمرين الأفراد والأجانب الذين يتوجب علينا تحفيزهم من أجل الإستثمار.
لقاء الكتاب الإقتصاديين
شاركت بجانب زملاء من الكُتاب الإقتصاديين بإجتماع مع الهرم القيادي لهيئة السوق المالية. وكان الهدف من اللقاء هو تبادل الآراء مع صُناع الرأي الاقتصادي بالمملكة والاستفادة من التجارب المهنية للآخرين. لم تتوفر لي الفرصة لتقديم بعض المشورة في اللقاء حول جوانب التطوير الخاصة بأسواق الدين ولكن بحول الله سنقوم بتقديمها كتابياً عبر التحليلات التي ستنشر بصحيفة الجزيرة أو اللقاءات التلفازية. ولكن ماشدني خلال اللقاء هي المهنية في تقبل النقد الوطني الهادف رغم قسوته في بعض الأحيان (بعكس بعض الجهات الحكومية التي قد تشخصن مثل هذه الآراء المهنية وتخرجها عن نطاقها). أمر آخر يحسب للهيئة وهو مقدرتها في تبسيط شرح خدماتها الجديدة للمستثمر العادي بلغة مبسطة، مما يساهم في نشر الثقافة المالية بالمجتمع. لعل ما ننصح به هو الإطلاع على الأنموذج الماليزي (ببورصة ماليزيا) الخاص بأسواق الدين (وأقصد بذلك الجانب التشريعي والعملي ورأس المال البشري والذي تشكل بإدارة متخصصة في هذا الجانب). فأدوات الدين تعتبر من التخصصات النادرة والدقيقة وتتطلب الإستعانة بكوادر متخصصة من أجل أن تكون المُخرجات متوائمة مع ما يتطلعة العاملون بأسواق الدين بالمملكة وخير مثال لنا هو الأنموذج الناجح لمكتب الدين العام.