السعر الأعلى (أو السقف لسعر البترول)

27/05/2018 2
د. أنور أبو العلا

وصل -لأول مرة في التاريخ- متوسط السعر للبترول 110.53 دولار للثلاثة السنوات التالية: 2011، 2012، 2013. ثم بدأ السعر السنوي ينخفض بسرعة إلى: 98.95 دولارا لعام 2014، ثم 52.39 دولارا لعام 2015، ثم 43.64 دولارا لعام 2016.

لكن لم يلبث طويلا حتى بدأ السعر السنوي للبترول يرتفع تدريجيا فوصل 54.15 دولارا لعام 2017. ثم منذ بداية العام الحالي 2018 بدأ يرتفع سريعا فوصل متوسط الأربعة شهور الأولى من هذا العام 68.13 دولارا للبرميل.

ثم كانت المفاجأة التي لم يكن أحد يتوقعها في هذا الشهر (مايو) حيث بدأ السعر اليومي يتراوح بين 75 - 79 دولارا بل تجاوز في بعض الأيام 80 دولارا للبرميل.

هذه التطورات السريعة دفعت معظم المحللين الذين كانوا يتوقعون بأن سعر البترول سيبقى في الخمسينات حتى العام 2020 جعلتهم يغيرون توقعاتهم فبعضهم توقع 300 دولار لسعر البرميل ولكن الأغلبية تراوحت توقعاتهم بين 85 - 100 دولار للبرميل.

السؤال الجوهر هو: ما السعر السنوي الأعلى (أو السقف) الذي لا يمكن أن يتجاوزه سعر البترول؟ والجواب عن هذا السؤال وفقا للنظرية الاقتصادية للموارد الناضبة هو: أن المورد الناضب الضروري للنمو الاقتصادي (كالبترول) لا يوجد سقف أعلى لسعره إلا في حالة وجود بديل كامل يؤدي نفس الغرض الذي يؤديه المورد الناضب.

لا يوجد في الوقت الحالي هذا البديل الكامل في جميع الاستخدامات للبترول. ولكن حتما سيوجد هذا البديل كوقود (بنزين وديزل) في يوم ما في المستقبل ويسمى هذا البديل في النظرية الاقتصادية: تكنولوجيا باكستوب (backstop technology).

وتكنولوجيا باكستوب هي -وفقا للنظرية- مصدر (لم يتم اكتشافه بعد) من صنع الإنسان يُمكن إنتاجه بتكاليف ثابتة للوحدة بكميات لا محدودة. ويصبح سعر البرميل المكافئ من هذا البديل هو السعر الذي لا يمكن أن يتجاوزه سعر برميل البترول الخام؛ لأنه في حالة ارتفاع سعر برميل البترول فوق سعر بيع هذا البديل الكامل سيتحول الطلب من شراء برميل البترول الخام إلى شراء البرميل المكافئ من هذا البديل (المعروف باسم: تكنولوجيا باكستوب).

أكثر المصادر المرشحة بأن تكون هي البديل الكامل للبترول كوقود للمواصلات هو الاندماج النووي. ورغم أن الاندماج النووي يعتمد على مصادر غير متجددة ولكن استخدام الاندماج النووي يكفي لتشغيل السيارات الكهربائية لمدة تتجاوز 100 مليون سنة (المصدر: الصفحة 49 من رسالتي للدكتوراه نقلا من Nordhaus - 1973).

الخلاصة: واضح كل الوضوح أن البديل الكامل لا يعني بأي حال الاستغناء عن البترول بل يعني فقط أن السعر الأعلى للبترول لن يتجاوز مستوى سعر البديل. وهكذا فإن البترول المتبقي الذي لن تتجاوز تكاليف إنتاجه سعر البديل سيبقى مُستخدما إلى الأبد.

نقلا عن الرياض