تدخل السوق العقارية المحلية مرحلة جديدة، محملة بعديد من المنعطفات المهمة، التي ستكون آثارا ملموسة إلى حد بعيد في مسار واتجاهات أسعار الأصول العقارية على اختلاف أنواعها، يتوقع أن تسهم في مزيد من الضغوط على الأسعار المتضخمة من جانب، ومن جانب آخر في عوائد الإيجارات السكنية والتجارية على حد سواء، وهو الأثر الإيجابي دون شك، الذي سيسهم في تحسن مستويات المعيشة بالنسبة لأفراد المجتمع، ويسهم أيضا في خفض تكاليف التشغيل والإنتاج بالنسبة لمنشآت القطاع الخاص.
تبدأ تلك المنعطفات المهمة بدخول السوق العقارية موسم الصيف، الذي يشهد عادة ركودا كبيرا على تعاملات السوق. والجديد بالنسبة إليه خلال الفترة الراهنة، أنه يتزامن مع حالة ركود شديدة تخضع لها السوق العقارية للعام الرابع على التوالي، فوفق ما أظهرته أحدث البيانات الصادرة من وزارة العدل، المتعلقة بأداء السوق خلال العام الجاري، وصلت نسبة انخفاض المتوسط الأسبوعي لهذا العام مقارنة بمثيله خلال عام 2014 "ذروة السوق العقارية" إلى 68.4 في المائة، بمعنى أن تعاملات السوق قد فقدت نحو سبعة أعشار سيولتها مقارنة بالمتوسط الأسبوعي للفترة التي وصلت إليها السوق العقارية إبان ذروتها، وتدني مستويات سيولة السوق المدارة أسبوعيا لأدنى من ثلث مستوياتها المعهودة سابقا، ما أدى بدوره إلى إحداث مزيد من الضغوط السوقية على المستويات السعرية المتضخمة لمختلف الأصول العقارية المنقولة.
إذا والحال تلك، فدخول السوق العقارية وهي في الأصل تعاني ركودا طويل الأجل خلال المرحلة الراهنة، إضافة إلى تصاعد تأثير العاملين الآخرين الذين سآتي على ذكرهما بعد قليل، تبين أن حجم الضغوط القائمة الآن والقريبة الحدوث، ستسفر عن كثير من النتائج البالغة الأهمية على مستويات الأسعار المتضخمة، وهو الأمر الإيجابي دون أدنى شك بالنسبة لكثير من أفراد المجتمع، الساعين منذ أعوام طويلة إلى تملك مساكنهم دون جدوى، وقف في طريق تحقيق أهدافهم المشروعة تلك، عوائق عديدة، من أبرزها الغلاء الفادح الذي وصلت إليه أسعار الأراضي والوحدات السكنية، وقف خلفه ترسب كثير من التشوهات والاختلالات التي تجذرت في أعماق السوق العقارية، كان من أبرزها سيطرة الاحتكار والمضاربات المحمومة على أغلب الأراضي، عدا ما كانت تعانيه السوق العقارية لعدة عقود من غياب الأنظمة والإجراءات المنظمة لعمل السوق، وهو ما أصبح كثير منه في عداد المنتهي، بعد أن قامت الدولة بضخ عديد من الأنظمة البالغة الأهمية، التي تنظم عمل السوق وتراقبه.
المنعطف الثاني، الذي سيكون أثقل وزنا من سابقه، يتمثل في الزيادة المتوقعة والكبيرة في رحيل مئات الآلاف من الوافدين وأسرهم بعد انتهاء الفصل الدراسي خلال العام الجاري، كإحدى نتائج الإصلاحات الاقتصادية الراهنة، خاصة تلك المرتبطة بتصحيح أوضاع العمالة الوافدة في سوق العمل المحلية، وارتفاع تكلفة رسومها إضافة إلى رسوم المرافقين والتابعين لها، ما سيزيد كثيرا من إخلاء مئات الآلاف من المساكن المستأجرة، تضاف إلى مئات الآلاف من الوحدات السكنية الشاغرة، سواء تلك المتاحة للتأجير، أو للبيع، الذي سيؤدي لمزيد من خفض تكلفة إيجارات المساكن "العائد على الاستثمار العقاري"، ويؤدي بدوره إلى مزيد من انخفاض الأسعار السوقية المتضخمة للأصول العقارية على اختلاف أنواعها، ذلك أن انخفاض حجم القوة الشرائية للسكان نتيجة خروج مزيد من الوافدين، سيترك آثاره بالتأكيد في مبيعات مختلف محال البيع المحلية، ويحدث انكماشا في التدفقات الداخلة على مختلف منشآت القطاع الخاص، الذي سيترتب عليه مستقبلا مزيد من الاستغناء عن خدمات العمالة الوافدة، وهو الأمر الإيجابي في الأجلين المتوسط والطويل على رفع معدلات التوطين، واستمرار انخفاض الأسعار وتكاليف الإيجارات في السوق العقارية بصورة أكبر مما شهدته السوق خلال العامين الماضيين.
المنعطف الثالث، المتمثل في حلول موعد البدء بتنفيذ المرحلة الثانية من نظام الرسوم على الأراضي البيضاء في المدن الرئيسة، الذي سيشمل الأراضي المطورة بمساحات تبدأ من عشرة آلاف متر مربع، بعد أن أتمت المرحلة الأولى من رسوم الأراضي أكثر من 18 شهرا المحددة نظاميا لكل مرحلة. لا شك أن البدء بتنفيذ المرحلة الثانية سيسفر عن نتائج أثقل وزنا من نتائج المرحلة الأولى من التطبيق على كاهل السوق العقارية، خاصة خلال هذه المرحلة الراهنة التي تعبرها السوق المتأثرة بالركود السابق، إضافة إلى كل من ركود موسم الصيف ورحيل مزيد من الوافدين وأسرهم، وفي الوقت ذاته الذي تكتظ السوق بفائض عرض يتجاوز 1.0 مليون وحدة سكنية من الوحدات السكنية الشاغرة "المعروض للإيجار، المعروض للبيع" ولا تجد مشترين، كلها عوامل سيؤدي اجتماعها خلال الفترة الراهنة والقصيرة إلى مضاعفة الضغوط على الأسعار المتضخمة، التي على الرغم من انخفاضها في الوقت الراهن بأعلى من ثلث مستوياتها السابقة خلال 2014، إلا أنها ما زالت في منأى بعيد عن قدرة الشراء لأغلب الأفراد، وهو بلا شك أحد الأهداف المنشودة لـ "رؤية المملكة 2030"، التي تستهدف مزيدا من تمكين المواطنين لتملك مساكنهم والخروج من براثن أزمة الإسكان المحلية، والمساهمة ضمن أهداف أوسع في تحسين مستويات معيشة ورفاهية المواطنين والمواطنات، على حساب التغلب على التشوهات التي أضرت كثيرا بسوق العقار تحديدا، وألحقت أضرارا واسعة وكبيرة بمختلف نشاطات الاقتصاد الوطني.
إننا على موعد قريب بمشيئة الله مع نقلة جديدة لأوضاع السوق العقارية المحلية، التي ستؤتي ثمارها من خلال مزيد من انخفاض تكلفة تملك المساكن أو انخفاض تكلفة إيجاراتها، الكاسب الأكبر فيها هو المواطن، كونه الهدف الأهم بالنسبة لبرامج الإصلاحات الاقتصادية الراهنة، والتقدم على طريق تحسين وتوسيع خياراته الحياتية في وطنه المعطاء. والله ولي التوفيق.
نقلا عن الاقتصادية
كلام سليم 100/100العقار في نزول كل المعطيات تدل على انتهاء عصر ارتفاع أسعار العقارات بسبب وصول الأسعار إلى ارقام خرافية استاذ عبدالحميد العمري اتمنى ان تعطينا توقعاتك عن التستر التجاري وماهو مصيرهم هم وأصحاب الشركات الممتنعين عن توظيف الشباب وإعطائهم الفرصة وتدريبهم حتى يكونوا ذوي مؤهلات تؤهلهم للمنافسة مع الأجنبي وشكرا لك ياستاذعبدالحميد
ارتفاع أسعار العقار لا يشكل مشكلة للمواطن فحسب ، بل يشكل مشكلة امام توسع القطاع الخاص والصناعات وحتى على المشاريع السياحية قيمة التكلفة للإقامة في جدة اكثر من كلفة الإقامة في احد الدول الأوروبية كسياحة. ومازال المشوار طويل حتى يكون العقار مكون رئيسي لتشجيع الاستثمارات الأجنبية .
هناك شخص او جهة ما كلامه خطأ ويرتجل بدون أي دراسات ممنهجة اما ان يكون الكاتب او تكون هيئة الإحصاءات العامة فبناء على مسح السكان والمساكن الذى تنشره هيئة الإحصاءات العامة على موقعها الرسمي فأن تعداد سكان المملكة بنهاية عام 2017 هو 32,552,336 نسمة بينما كان هذا العدد 31,742,308 بنهاية عام 2016 و بنسبة نمو تبلغ 2.52 % فإيهما على صواب الكاتب ام هيئة الإحصاءات العامة ؟