مسؤولية البلديات عن دعم المنشآت الصناعية الصغيرة!

01/05/2018 1
فضل بن سعد البوعينين

تعتمد بعض أهداف رؤية المملكة 2030 على وزارة الشؤون البلدية والقروية؛ وأجهزتها التنفيذية؛ الأمانات والبلديات؛ وبخاصة في تعزيز الإيرادات الاستثمارية؛ الخصخصة؛ دعم المنشآت الصغيرة؛ والتنوع في الصناعات الخفيفة؛ القاعدة الأكبر للمنشآت الصغيرة والمبادرين الشباب.

وبالرغم من أهمية أهداف رؤية 2030 ذات العلاقة بالبلديات؛ إلا أنني سأركز اليوم على المنشآت الصغيرة؛ قاعدة التنوع الصناعي الخفيف؛ ورأس الحربة في مواجهة التستر؛ وسيطرة الوافدين على الأنشطة التجارية والصناعية في المملكة.

حيث تعد الأراضي المخصصة للأنشطة الصناعية الخفيفة؛ من أكثر التحديات التي يواجهها المبادرون حين البدء في تنفيذ مشروعاتهم الصغيرة؛ وربما تسببت تكاليف الإيجار؛ أو القضايا القانونية المرتبطة بها؛ في القضاء على مشروعاتهم في مهدها.

تجتهد الأمانات والبلديات في توفير مخططات الصناعات الخفيفة؛ ونشرها بشكل جيد بين المدن والمحافظات؛ إلا أنها قد تغفل أهمية الدور التنظيمي في تخصيص تلك الأراضي؛ والإشراف والرقابة والمتابعة الدقيقة لمستخدميها ومشغليها؛ حتى تحولت كثير من أراضي الصناعات الخفيفة إلى أوعية مضاربة واستثمار؛ بدلاً من كونها حاضنة للمبادرين ومشروعاتهم الصغيرة والمتوسطة. وبالرغم من وجود شرط التشغيل الفعلي في العقد الموقع بين المستأجر المباشر والبلديات؛ كجزء من فلسفة دعم المبادرين ومنشآتهم الصغيرة؛ إلا أن كثيراً من المستأجرين يقومون بإعادة تأجير أراضيهم لمبادرين حقيقيين يبحثون عن فرصة إقامة مشروعاتهم الصغيرة. فتتحول الأراضي المخصصة لتمكين المبادرين ودعم منشآتهم؛ إلى أدوات استثمارية للتنفيع الشخصي؛ فتتضاعف الإيجارات؛ وينخفض هامش الربح؛ ويستمر سيناريو خروج المنشآت الصغيرة من السوق وتنشأ المخالفات؛ والقضايا القانونية التي تدخل أصحاب المنشآت الصغيرة في دوامة الابتزاز وربما الفساد الإداري. ولا يقتصر الأمر عند ذلك بل يتعداه للمضاربة في أصل تملكه البلدية لا المستثمر المتجاوز؛ في مخالفة صريحة للأنظمة والقوانين.

تحولت بعض أراضي الصناعات الخفيفة إلى أدوات مضاربة؛ ووسائل تنفيع لغير المستحقين لها؛ وحُجِبَت عن المبادرين الشباب ومنشآتهم الصغيرة. جَبُنت بعض البلديات في تطبيق الأنظمة الصريحة على المخالفين؛ خشية الانكشاف على قضايا لا يمكن تغطيتها بسهولة؛ أو الخروج منها بسلامة. أما المجالس البلدية فأصبحت شريكة البلديات في تقصيرها؛ وعدم اهتمامها بتصحيح التجاوزات والمخالفات؛ وإعادة تنظيم أهم القطاعات الاستثمارية الداعمة للمبادرين وأصحاب المنشآت الصغيرة. تستمد المجالس البلدية قوتها من كفاءة أعضائها؛ وإلمامهم بالأنظمة؛ وامتلاكهم رؤية تطويرية للبلديات والتشريعات غير المتوافقة مع احتياجات مرحلة ما بعد إطلاق رؤية 2030. تنتهي فاعلية أعضاء المجالس البلدية بتحولهم إلى رجع صدى لما يصدر عن البلديات والأمانات؛ أو بممارستهم التصديق بـ «حسب النظام» دون اتخاذ قرار واضح وجلي وملزم ينهي حالات الجدل؛ ويمنع استمرار الوضع على ما كان عليه إلى ما لا نهاية.

يجب على الأمانات والبلديات تحمل مسؤولياتهم تجاه أهداف رؤية 2030 ذات العلاقة بالمنشآت الصغيرة، المستوجبة الدعم وفق الأنظمة والقوانين؛ والتوجهات الحكومية الجديدة؛ وتعليمات مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية المعني بتحقيق أهداف رؤية 2030؛ ويجب عليهم إنهاء عمليات المضاربة بأراضي مخططات الصناعات الخفيفة ووقف التجاوزات وتصحيح وضع المشغلين الحقيقيين للورش الصناعية؛ الذين تكبدوا أموالاً طائلة لتنفيذ مشروعاتهم الصغيرة ثم أصبحوا تحت رحمة المخالفين الذين شرعنت بعض البلديات مخالفاتهم نظاماً. ولنا عودة لضرب الأمثلة الصريحة على التجاوزات في مخططات الصناعات الخفيفة؛ بإذن الله.

 

نقلا عن الجزيرة