تعد إحدى أهم المسائل في التشريعات هي كون التشريع أو المواد المضمنة في التشريع قابلة للتطبيق أو على الأقل يتوافر للعموم أو المخاطبين بهذا التشريع حد معين من الوضوح عن كيفية تطبيقها. أما أن يكون التشريع متضمنا لمواد صعبة التنفيذ أو غير قابلة للتطبيق أو غامضة في فهمها فهذا ما يفتح بابا للنزاع حول تفسير النصوص، وهنا أتحدث عن النصوص أو المبادئ الأساسية في التشريع. فمن الطبيعي أن تأتي النصوص لتعالج مسألة أو مسائل معينة قابلة للقياس عليها حيث تشمل حالات كثيرة، وإحدى ميزات هذه النصوص أن تكون محكمة وواضحة.
أستعرض في هذه المقالة مثالا على أحد النصوص الواردة في لائحة حوكمة الشركات، التي خطت بخطوة كبيرة نحو الحوكمة على الأقل من الناحية التشريعية. هذا المثال هو الفقرة (أ) من المادة (14) من لائحة حوكمة الشركات، التي تنص على أنه" على مجلس الإدارة عند إعداد أعمال الجمعية العامة أن يأخذ في الاعتبار الموضوعات التي يرغب المساهمون في إدراجها. ويجوز للمساهمين الذين يملكون نسبة (5 في المائة) على الأقل من أسهم الشركة إضافة موضوع أو أكثر إلى جدول أعمال الجمعية العامة عند إعداده".
فهذه الفقرة على أهميتها إلا أن آلية تطبيقها قد لا تكون واضحة على الرغم من أهمية هذه المادة من جهتين أولاها أن اللائحة أفردت لها فقرة ما يعني أهميتها للمشرع والأخرى أن مسألة إدراج ما يريد المساهمون إضافته إلى بنود الاجتماع تعد حقا أصيلا للمساهم مع مراعاة أن المشرع أعطى الحق لمن يملك 5 في المائة من أسهم الشركة بإضافة موضوع فأكثر لبنود اجتماع الجمعية العامة.
هذه الفقرة على الرغم من أنها لم تحدد الآلية لتطبيقها ورتبت مسؤولية القيام بهذه المهمة على مجلس الإدارة، ولكون مجلس الإدارة لن يمكنه أداء هذه المهمة وهي معرفة ما يرغب المساهمون في إدراجه دون اتخاذ أي خطوة من قبله، فإن التطبيق المثالي لهذه الفقرة إن لم يكن الأساسي هو أن تقوم الشركة بنشر إعلان عن عزم مجلس الإدارة الدعوة لعقد اجتماع جمعية عامة للمساهمين، وأنه على أي مساهم يرغب في اقتراح مواضيع أو إدراجها أن يرسل للشركة عن تلك المواضيع أو تلك البنود قبل إعلان الدعوة عن الاجتماع ليتم إدراجها في جدول أعمال الجمعية. هذه إحدى أهم الطرائق الواضحة لتفعيل هذه الفقرة الواردة في لائحة حوكمة الشركات والالتزام بها لكونها فقرة إلزامية.
نص الفقرة الوارد في لائحة حوكمة الشركات صريح في إلزامية هذه الفقرة ما يعني أن هذه الخطوة هي من مسؤوليات مجلس الإدارة التي في حالة عدم مراعاتها أو تنفيذها فإنها قد تعرض مجلس الإدارة للمسؤولية واعتبارها مخالفة للائحة حوكمة الشركات الصادرة عن مجلس إدارة هيئة السوق المالية.
والأسئلة تكمن في التالي: هل هذه المسألة تعد من أساسيات وحقوق المساهمين؟ ومن ثم يبقى التساؤل هل النص النظامي بين بشكل واضح آلية تطبيقه؟ وفي حالة عدم تنفيذه فما النتيجة القانونية لهذه المسألة؟
نقلا عن الاقتصادية