صراع الأقلية والأكثرية في الشركات المحدودة «1»

15/03/2018 0
د. ملحم حمد الملحم

تظل مسألة الصراع بين الأكثريات والأقليات إحدى المسائل التي يكثر النقاش بشأنها على جميع الأصعدة وفي مختلف المجالات، وأحد المجالات التي يدور النقاش حولها هو في مجال العلاقة التفاعلية التي تحدث بين الأقلية والأكثرية (المسيطرين) في الشركات الربحية. تحاول مجموعة من قوانين الشركات حول العالم تنظيم العلاقة بين الطرفين، ومحاولة الموازنة نسبيا بين مصالح الأكثرية وبين الحفاظ على حقوق الأقلية. في هذه المقالة أحاول أن أسلط شيئا من الضوء على هذه العلاقة في نظام الشركات السعودي وخصوصا في الشركة ذات المسؤولية المحدودة، مستصحبا شيئا من تجربة بعض الدول. ما سيتم ذكره في هذه المقالة قد ينطبق على الشركة المساهمة مع حسب الأحوال.

علاوة على إشكال زيادة رأس المال التي يشترط النظام السعودي لها أن يوافق عليها الشركاء بالإجماع، يظهر إشكال وهو عندما ينص عقد التأسيس على أن قرارات الشركة لا تصبح نافذة إلا إذا وافق عليها مثلا 90 في المائة من الشركاء، وبالمثال سيتضح المقال.

فلو فرضنا وجود ثلاثة شركاء في شركة ذات مسؤولية محدودة وتوزيع الحصص كالتالي: يملك الشريك الأول 50 في المائة ويملك الثاني 40 في المائة ويملك الشريك الثالث 10 في المائة. فإذا نص في عقد التأسيس أن القرارات حتى تكون نافذة قانونيا يجب أن يوافق على القرارات 95 في المائة، فإن هذا يعني أن أي مرة يعترض فيها الشريك المالك لـ 10 في المائة من رأسمال الشركة أو يرفض الموافقة على قرارات الشركاء فإن القرار لن يكون نافذا بغض النظر عن سبب اعتراض الشريك الثالث وبغض النظر إذا كان سبب الرفض هو سبب انتقامي أو سبب شخصي أو لغرض المساومة أو حتى بلا سبب. هذه القوة المعطاة للشريك الثالث واقعيا أو لو ترجمت بمعنى السيطرة لتبين أن الشريك الثالث لم يعد في موقف الأقلية بل قوته موازية للأكثرية. قد يقول قائل إن هذا ما تم الاتفاق عليه من قبل الشركاء، ونحن نميل إلى اعتبار التدخل التشريعي هو كالملح بحيث يستخدم قدر الحاجة، وأن الزيادة منه قد تفسد العمليات التجارية كما يفسد الملح الطعام، لكن في المقابل نرى أن يضع النظام شيئا لحماية الشركة بشكل عام يضمن عدم التعسف من قبل جميع الأطراف. أستعرض في الجزء الثاني جانبا من إحدى القضايا الأمريكية وقانون الشركات البريطاني ما يدعم ويفيد في الوصول لنتيجة هذه المقالة.

وأختم الجزء الأول من هذه المقالة بمسألة جوهرية وهي عقود التأسيس عندما يتم تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة، فقد يتفق بعض الشركاء على بنود معينة في عقد التأسيس دون أن يكونوا قد رعوها شيئا من الاهتمام غير متصورين لحجم الصراعات التي قد تنشأ عن هذا الدستور الذي اتفقوا عليه ليحكم العلاقات بينهم. من المهم أن يكون الشركاء على فهم كبير لأثر اتفاقهم في عقد التأسيس والتأكد من خدمته للمصلحة العامة للشركة وموافقته أهداف الشركاء والشركة... يتبع.

 

نقلا عن الاقتصادية