تأتي القوانين والتشريعات كإحدى الوسائل التي ينبغي أن تنظم قطاعا أو نشاطا أو إجراءات محددة، ويهدف عدد من هذه التشريعات إلى ضمان سير عمل هذه القطاعات على نحو مؤسسي. ومن ذلك قوانين الشركات التي تختلف من دولة لأخرى في المدى الذي ترغب فيه بتغطيتها وتضمينها التشريع، ومن ذلك نظام الشركات السعودي الحالي، الذي يعد امتدادا لنظام الشركات السابق، حيث بقيت كثير من الأحكام كما هي، وحصل تعديل لمجموعة من المسائل وإضافة مجموعة أخرى. أحاول اليوم أن أسلط الضوء على معالجة نظام الشركات لمسألة زيادة رأس المال والإجماع والاندماج.
في البداية، على الرغم من أن زيادة رأسمال الشركة ذات المسؤولية المحدودة يعد حدثا جوهريا في الشركة، إلا أن زيادة رأسمال هذا النوع من الشركات يتطلب إجماع الشركاء، وهذا أمر يحتاج إلى إعادة نظر. فلو رغب الشركاء المالكون 99 في المائة في شركة ذات مسؤولية محدودة أن يزيدوا رأسمال الشركة، بينما لا يرغب الشريك الذي يملك 1 في المائة من الشركة في هذه الزيادة، فهذا يعني أن تلك الشركة لن تستطيع أن تزيد رأسمالها حتى لو كان قرار زيادة رأسمال الشركة له فوائد وعوائد كبيرة على الشركة، ما يعني أن شرط الإجماع في رأسمال الشركة ذات المسؤولية المحدودة قد يكون عائقا أمام قرارات الشركاء الاستثمارية والاستراتيجية المستقبلية في حال رفض شريك يملك نسبة 1 في المائة من الشركة حتى لو كان هذا الشريك لا يعلم شيئا عن هذا القرار، بل حتى لو كان سبب الرفض هو العناد أو النكاية أو الضغط أو أي سبب شخصي أو غير منطقي. بهذا يكون نظام الشركات قد أعطى الشريك المالك 1 في المائة من الشركة ــ في هذا الموضوع ــ قوة تعادل الشركاء المالكين 99 في المائة مجتمعين. قد يكون السبب في هذا الاشتراط هو محاولة حفظ حقوق الأقلية في الشركة، لكنها في المقابل هي على حساب الشركاء المالكين 99 في المائة، بل قد يكون ذلك على حساب الشركة ككل. قد يسعى نظام الشركات لمحاولة حفظ حقوق الأقلية بهذه الطريقة، إلا أنه لن يكون دون أثر في الأطراف الأخرى. وأنا في هذه الإشارة أؤكد أن لأقلية الشركاء حقوقا أساسية يجب أن تحفظ لكن لا بد أن تكون هناك تضحية وضمانات. بمعنى أن يختار نظام الشركات أن يتحفظ على شيء من حقوق الشركاء الأقلية مع وضع ضمانات قوية لهم، علما بأن قرار زيادة رأس المال للشركة هو قرار قد تتحمل تبعته الشركة، فاشتراط الإجماع قد يشكل في حالات عديدة عقبات تمنع الشركة من التوسع أو أي قرار استراتيجي يقتضي زيادة رأسمال الشركة.
ولعلي أستعرض مثالا من ذلك الذي قد يشكل تعارضا بين النصوص؛ هذا المثال هو مثال حالة الاندماج الذي يشتمل على زيادة رأسمال للشركة الدامجة، حيث ينص النظام على أنه لا بد في حالة الاندماج أن يصدر قرار شركاء من الشركتين، لكن في حالة كان الاندماج يشتمل على زيادة رأسمال الشركة الدامجة "المستحوذة" لتعطي حصصا للشركة المستحوذ عليها، فلن يكون بمقدورها تحقيق ذلك إذا رفض على الأقل شريك واحد قرار زيادة رأس المال أو على الأقل ستسبب إشكالا قانونيا. بينما لا نجد هذا الإشكال في المساهمة كون الاندماج وزيادة رأس المال يشترط له موافقة 75 في المائة من الأسهم الممثلة في الاجتماع حسب الأحوال.
نقلا عن الاقتصادية