للمملكة العربية السعودية شراكات مع مصافي التكرير في أكبر الدول المستهلكة للنفط في العالم: أمريكا - الصين - اليابان - كوريا الجنوبية ، ولذلك فإن امتلاك حصة في مصافي التكرير الهندية سيعتبر خطوة استراتيجية بغاية الأهمية نكمل فيها هذا العقد الفريد الذي نحن نشكل أهم حلقاته كأحد أكبر الطاقات التكريرية لمصافي التكرير في العالم.
ينظر إلى الهند على أنها الإقتصاد القوي القادم للطلب العالمي على النفط ، وبما أن الهند تتطلع إلى أن تحقق الشراكة مع أرامكو السعودية ليس كمستورد للنفط الخام فقط ، ولكن من المنتظر أن هذه الشراكة في مشاريع لتكرير النفط والبتروكيماويات في الهند في وقت تشتد فيه المنافسة على الساحة الدولية ، وتحول السوق المحلية الهندية إلى سوق جذابة لمشتقات النفط بعد توسيع الطلب على المنتجات. وذلك لأن الهند هي ثالث أكبر مستهلك للنفط الخام في العالم حيث تستهلك اكثر من 5 مليون برميل يوميا ، ولا زالت تعزز وارداتها النفطية لتغذية قدرتها التكريرية المتوسعة - لتلبية الطلب المتزايد على الوقود ، الذي سيرتفع في المدى المتوسط إلى قرابة ستة ملايين برميل يوميا ومن ثم يصعد إلى نحو عشرة ملايين برميل يوميا على المدى الطويل بحلول عام 2040 - لتصبح بعدها الهند أكبر محرك لنمو الطلب العالمي على النفط!
أرامكو السعودية حافظت على مكانتها المتقدمة ، في أهم أسواق النفط الآسيوية: الصين واليابان وكوريا الجنوبية والهند ، خلال عقود من الزمن ، ما يجعلنا نتطلع إلى المحافظة على استمرار هذه الزعامة! هذا التطلع يأتي في ظل نقص تصدير الخام العربي الثقيل ، بعد انشاء مصافي جديدة في المملكة مصممة لتكرير الخام الثقيل - ما سيكون له الأثر على خليط صادرات النفط السعودي - (زيادة تصدير الخام الخفيف ونقص في تصدير الخام الثقيل) - مما قد لا يتواكب مع اقتصاديات مصافي التكرير المتطورة. ولكن في الجهة المقابلة أصبحت المملكة أحد أكبر الطاقات التكريرية وتنافس أكبر مصدري المنتجات النفطية في العالم - مع استمرار المملكة كأكبر مصدري للنفط! الشراكات في مصافي التكرير في الدول الكبرى المستهلكة للنفط له جدوى اقتصادية ليست محصورة في العائد من هوامش الربح فقط (Refining Margins) - بل حتى لضمان الحصة السوقية (Market Share) - فعلى سبيل المثال - المملكة أكبر مصدري النفط إلى كوريا الجنوبية بلا منازع بفضل امتلاكها الحصة الأكبر في مصفاة إس أويل الكورية ، ولا شك أن أرامكو السعودية قادرة على تعزيز مكانتها في أسواق النفط العالمية ، وقد أثبتت في مواقف عديدة أنها الرقم الصعب في المحافظة على توازن الأسواق.
الحكومة الهندية تواجه تحديات في الطاقات الإستيعابية للمصافي (Refining Capacity) ، لتغطية النمو المتزايد في الطلب المحلي ، في ظل قيود استيراد المنتجات النفطية ، لذلك فإنها تشجع زيادة الطاقة الاستيعابية لمصافي التكرير للإستفادة من الهوامش الربحية ، لذلك سعت الحكومة الهندية إلى رفع الدعم عن ضوابط أسعار الديزل الذي يمثل %40 من مبيعات مشتقات النفط المحلية ، بعد أن حررت أسعار البنزين في عام 2010 وتلاها تحرير أسعار الديزل في 2014 بهدف جذب الإستثمارات.
شركات التكرير الحكومية في الهند التي تغذي الأسواق المحلية بمنتجات النفط، كلها تخطط لدفع مليارات الدولارات لزيادة القدرات الإستيعابية لمصافي التكرير لمواكبة الطلب المتنامي على الوقود - وتبلغ الطاقة التكريرية الحالية لمصافي التكرير الهندية بما في ذلك مصافي القطاع الخاص (مصفاتي ريلاينس وإيسار) التي تصدر المشتقات النفطية عالميا - الى نحو 4.6 مليون برميل يوميا. أما مصفاة هندوستان فلديها نطاق محدود لتوسيع مصفاتها المتطورة في مومباي ، لكنها أيضا تسعى جاهدة في السنوات الأخيرة إلى بناء مصفاة جديدة على الساحل الغربي ، في ضوء هذا الطلب المتزايد على الوقود ، ولذلك فقد أمرت الحكومة الهندية مصافي هندوستان وبهارات وشركة النفط الهندية ببناء مصفاة جديدة بطاقة استيعابية قدرها نحو 1.2 مليون برميل يوميا على الساحل الغربي لشبه القارة الهندية الأقرب لنا بتكلفة تبلغ نحو 22 مليار دولار لتلبية الطلب المحلي المتزايد على الوقود.
الإعلام النفطي الغربي يركز كثيرا على صدارة العراق كأكبر مصدري النفط إلى الهند بعد عقود من زعامة السعودية ، ولكنهم نسوا أو تناسوا التالي:
* الطاقات التكريرية للمصافي السعودية والقدرة على تصدير المشتقات النفطية!
* السعودية أكبر مصدري النفط في العالم ، وتقود سفينة أسواق النفط عبر الممرات الآمنة للوصول إلى المرافئ المستقرة - تحملت العبء الأكبر في تخفيض الإنتاج بتحمل تخفيض ما نسبته أكثر من 41% من اجمالي نسبة التخفيض ، على الرغم من أن نسبة إنتاجها من إجمالي إنتاج اعضاء أوبك هو %31.
وهناك أسباب أخرى وهي زيادة صادرات العراق من خام البصرة الثقيل المرغوب في أسواق مصافي التكرير المتطورة ، ولذلك فإن تفوق صادرات العراق يأتي بعد زيادة إمدادات خام البصرة الثقيل الذي قفز بصادرات العراق إلى أسواق تحتاج فيها المصافي إلى هذا الخام الثقيل. وتجدر الإشارة إلى أن بعض شركات التكرير الهندية تستورد الخام الثقيل أيضا من إيران وأمريكا اللاتينية لتنويع مصادر خليط مصافي التكرير (Crude Diet Mix) لتحقيق ربحية أكبر بإستيراد النفط الثقيل الأرخص ثمنا وتكريره في مصافيها المتطورة.
خاص_الفابيتا