في ظل انخفاض معدل الادخار والتوفير عند الأفراد بالمملكة، ترتفع أهمية الاستثمار في الأوقاف نظرا لاستهدافها «للعائد الاجتماعي أكثر بكثير من العائد الربحي»، الأوقاف أداة مهمة في «الشمول المالي»، وهي الأس المهم للقطاع الثالث والمصدر المهم لشبكة الأمان الاجتماعي.
«الأوقاف شريك التنمية وفق رؤية 2030»، هكذا كان عنوان ورقة العمل التي شارك بها الدكتور محمد العصيمي الأسبوع الماضي خلال «ملتقى الأوقاف الرابع»، والذي نظمته لجنة الأوقاف بغرفة الرياض.
أعمال القطاع الثالث عموما متخلفة كثيرا في التنظيم والتكامل والتنمية والحوكمة، وغالبية الأعمال القائمة سواء كانت خيرية أو وقفية أو غيرها هي بمثابة «اقتصاد خفي»، والاقتصاد الخفي دائما ما يولد تشوهات في السوق ويضعف الإنتاجية وأضراره كثيرة، ولذلك يلزم التنظيم.
من أهم الأهداف الاستراتيجية لرؤية المملكة 2030 تمكين المسؤولية الاجتماعية التي سترفع من مستوى تحمل ومفاهيم المواطن والمستثمر بها، وتمكين الشركات من المساهمة الاجتماعية وتحقيق أثر أكبر للقطاع غير الربحي، من خلال تعزيز وتمكين التخطيط المالي (كالتقاعد والادخار) وتشجيع العمل التطوعي، وتمكين المنظمات غير الربحية للمساعدة في دعم المحتاجين في التعليم والسكن والعلاج والعمل وغيرها.
ربما تختلف مفاهيم «الوقف» أو «الأوقاف» عند البعض لتغير تركيباتها، فهناك من يتبرع ليبني عقارا يؤجر وتصرف أرباحه في الأعمال الخيرية، وهناك من يبني جامعة من «تبرع» وتستثمر أموالها في أعمال مربحة لتساهم في تطوير وتشغيل وتوسع هذه الجامعة (هذا مطبق في جامعات عالمية مثل هارفارد وستانفورد، ومحليا بعض الجامعات لديها أوقاف).
ومن خلال ورقة العمل التي قدمها «د. العصيمي»، ذكر أن القطاع الوقفي بحاجة لكثير من التطوير مع إدراك أهمية ودور وحيوية القطاع الثالث ليواكب رؤية المملكة 2030 وبرامج التحول الوطني 2020، وأهمية تطوير وتغيير جذري للقطاع الوقفي ليواكب الطموحات. التطوير يجب أن يشمل تطويرا لأنظمة الهيئة العامة للأوقاف والزكاة والعمل والشركات ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بالإضافة لأنظمة الجمعيات والمؤسسات الخيرية والصناديق العائلية والشركات الوقفية وغير الربحية.
متطلبات تطوير الأنظمة كما ذكر في ورقة عمل الدكتور العصيمي (مع حفظ حقوق نشره) هي تعديلات جوهرية في الجوانب الإدارية والنظامية والموارد المالية والبشرية، والمسؤولية المدنية والجزائية والجنائية لأعضاء المجالس العليا، والعقوبات الجزائية والقانونية والنظامية المترتبة على تلك المسؤوليات، والمطالبة بأعلى درجات الحوكمة والإفصاح والشفافية والالتزام، أيضا المطالبة بنظام إمساك الدفاتر المحاسبية والقوائم المالية المدققة، وحفظ الوثائق المالية ذات العلاقة لمدة عشر سنوات (وهذا مهم للرجوع إليها)، وتطوير الموارد البشرية والمراقبة من قبل الأجهزة الحكومية المنظمة.
الأوقاف حفظ للثروات ودعم مستدام للمحتاجين بجميع النواحي، ويلزم تنظيم ما سبق ذكره لمضاعفة ممكناته وقدراته.
الأوقاف بحاجة إلى «خارطة طريق» ويقوم على تنفيذها أهل الاختصاص، وتشرف عليها الجهات الحكومية المعنية بالأوقاف. الأوقاف بحاجة إلى التداخل والإشراف من قبل هيئة السوق المالية لرفع مستوى منتجاتها ودعمها وحمايتها، وبحاجة لإيجاد آلية للتأمين على ممتلكاتها،
وبحاجة لإصدار صكوك بأنواعها للتوسع والتطور، وأيضا تخصيص حصص إلزامية للأوقاف في الاكتتابات العامة الكبرى أسوة بصناديق التقاعد والتأمينات الاجتماعية.
أخيرا، ورد في ورقة العمل مطالبات لتنظيمات بشأن إعفاءات لبعض الرسوم الحكومية والضرائب عن الأوقاف، وتوجيه نظام الزكاة بقبول دفع الشركات نسبة من زكواتها للمصارف الخيرية والوقفية والنفع العام، كما هو معمول به في كثير من الدول المتقدمة في أنظمة الضرائب.
نقلا عن مكة