بينت نتائج استطلاع للرأي عن برنامج الادخار الشخصي والأسري شارك به 1,413 سعوديا وسعودية أن 67 % من المشاركين لا يملكون أي نوع من برامج الادخار، بينما قال 21 % من المشاركين بأن لديهم ادخارا ولكنه ضعيف، في حين قال 12 % فقط بأن لديهم برامج جيدة للادخار يمكنهم الاعتماد عليها وهي نتائج ملفتة تمثل إلى حد ما سلوك المجتمع تجاه الادخار يقابلها طبيعة استهلاكية عالية للمواد الأساسية والاستهلاكية غيبت بنود التوفير طويلة المدى عن ميزانية الأسرة والفرد لأسباب أهمها ضعف الوعي المرتبط بإحساسنا العميق بالأمن الاجتماعي والمادي بفضل الله ثم بفضل خيرات بلادنا.
وبلا شك فإن غياب التخطيط المالي الفعال للفرد والأسرة يؤثر على الاستقرار الاجتماعي والأسري وعلى إحساس الفرد بالثقة والأمن تجاه ضغوط المستقبل المفاجئة وهو ما اهتمت به السعودية وخططت للتأثير عليه من خلال بعض الإصلاحات الاقتصادية التي تهدف لتقنين الاستهلاك الذي يحتاج معه المجتمع السعودي إلى وقت وتجربة أطول للخروج من شعور الطفرة والبداية في التعامل مع الادخار والاستثمار كحاجة ماسة.
ولوصول السلوك الاجتماعي لهذا المستوى الناضج من الممارسة أرى أنه من الضروري لمنشآت القطاع الخاص والحكومي التفكير في الدخول في شراكات مع البنوك للاستفادة من تلك الفرص من خلال برامج الولاء الوظيفي التي تعود على المنشأة بالفائدة وتساعد الموظفين في تنظيم عملية الادخار وذلك بإطلاق برامج ادخار متوسطة أو طويلة المدى يتم من خلالها استقطاع جزء من الراتب الشهري للموظف وادخاره أو استثماره وإعادته للموظف بعد خمس سنوات أو عند انتهاء الخدمة وفق آلية معينة؛ وهو ما سيحسن وضع الموظف المالي بمساندة حقوق نهاية الخدمة والتقاعد للعاملين ويوفر للمنشأة سيولة واستقرارا وظيفيا يقلل تكلفة تدوير الموظفين. وتجارب برامج الادخار لموظفي شركة أرامكو ومجوعة سامبا المالية تجارب فريدة ومفيدة وهو ما أقترح على وزارتي العمل ووزارة الخدمة المدنية الاطلاع عليه ودراسة إمكانية تعميمه على منشآت القطاع الخاص والحكومي بسن قانون تنظيم الادخار وجعله إلزاميا.
وبلا شك أن تغيير الثقافة المالية للفرد والمجتمع وخلق سلوك إيجابي جديد من أصعب الأمور التي لا يمكن أن تحدث بسرعة، وهي بالتالي تتطلب الوقت واستمرار الجهد والعمل لخلق التغيير المطلوب وسيكون قانون الادخار المقترح أفضل بداية لعملية التغيير السلوكي المقنن الذي تزيد أهميته كلما انخفض دخل الفرد أو الأسرة وهو ما يعظم الاحتياج لعملية تنظيم مرحلية لهذا الجانب المالي المهم بنفس الأسلوب الذي نظمت فيه الدولة برامج أخرى هدفت لمساندة أهداف الرؤية.
نقلا عن الرياض