من الأمور المهمة التي تبنتها الحكومة منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 مراجعة التشريعات التجارية والأنظمة وتحديثها بما يتوافق مع المتغيرات العالمية ومتطلبات الرؤية. «نظام الغرف التجارية» من بين الأنظمة المهمة التي تمت مراجعتها خلال الفترة الماضية؛ إذ اعتمد معالي وزير التجارة والاستثمار بعض التعديلات على لائحتها التنفيذية، ومنها التعديلات ذات العلاقة بآلية إنشاء الغرف التجارية والصناعية في المملكة. وخلال الأسبوع الماضي دعت الوزارة المختصين والعموم لإبداء آرائهم ومقترحاتهم حول تعديل المادة الـ14 من اللائحة التنفيذية لنظام الغرف التجارية والصناعية المتعلقة بتحديد اشتراكات رسوم الغرف التجارية.
ومن الجميل إشراك المختصين وذوي العلاقة في أي تعديل مستقبلي، قد يؤثر سلبًا أو إيجابًا على أنشطتهم التجارية، أو علاقتهم بالنظام المستهدف بالتعديل، إلا أن الأهم من ذلك التزام الوزارة بأنظمتها ولوائحها التنفيذية المعتمدة؛ لتكون مرجعًا يعتمد عليه في اتخاذ القرارات. وأضرب مثالاً بالتعديل المرتبط بآلية إنشاء الغرف، التي جاء فيها «يقدم طلب إنشاء الغرفة إلى مجلس الغرف، ويرفع المجلس توصيته إلى الوزير للنظر في اعتماده». وبالرغم وضوح المادة إلا أن تنفيذها بات معلقًا بحجة أن الوزارة تهدف إلى خفض عدد الغرف التجارية لا زيادتها، وهو أمر يمكن القبول به لولا تعارضه مع نص المادة الواردة في اللائحة التنفيذية، وتعارضه مع مبدأ العدالة.
ولعلي أستشهد بطلب قطاع الأعمال في محافظة الجبيل إنشاء غرفة تجارية وصناعية في محافظتهم التي تضم مدينة الجبيل الصناعية كبرى المدن الصناعية في المنطقة والحاضنة لقطاع صناعة البتروكيماويات، وهو القطاع الثاني في المملكة، إضافة إلى مدينة رأس الخير، الحاضنة لقطاع الصناعات التعدينية الذي يشكل القطاع الاقتصادي الثالث، وقطاع صناعة السفن، والخدمات اللوجستية، والصناعات التحويلية التي تشكل فيما بينها القطاع الاقتصادي الرابع المستهدف برؤية المملكة 2030، إضافة إلى احتضانها ثلاثة موانئ رئيسة في المملكة. ومن حيث حجم الاستثمارات الصناعية تحتل الجبيل المركز الأول محليًّا في حجم استثمارات تزيد على تريليون ريال سعودي؛ ما يجعلها الأكبر من حيث استثمارات القطاع الخاص. كما تحتل المركز الثاني على مستوى المملكة في عدد المصانع، غير أن حجم مصانعها الرأسمالية واستثماراتها يفوق في قيمتها ومنفعتها المصانع الأخرى في المملكة.
أهمية إنشاء غرفة الجبيل لا ترتبط بالمقومات الاقتصادية المستحقة، وضرورة وجودها في كبرى المدن الصناعية في المنطقة، وليس المملكة فحسب، بل ترتبط أيضًا بتحقيق أهداف رؤية المملكة 2030، خاصة ما يتعلق منها بقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، ورفع مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي، والصناعات التحويلية، ورفع حجم الصادرات.
نعتقد أن الاهتمام بالقطاع الصناعي المتخصص، كقطاعَي البتروكيماويات والتعدين، يحتاج إلى تركيز أكبر من قِبل غرفة متخصصة ينتمي مجلس إدارتها للبيئة الحاضنة لها؛ ليكونوا أكثر تفهمًا لمتطلبات القطاعَيْن والمستثمرين فيه، وكل ما له علاقة بمنشآته الصغيرة والمتوسطة وفرصه الاستثمارية والوظيفية.
أختم بالتذكير بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين لأصحاب المعالي الوزراء بزيارة المناطق بشكل دوري؛ لتفقد الأعمال، والاستماع لما لدى المواطنين.. وأتمنى على معالي وزير التجارة والاستثمار الاجتماع بقطاع الأعمال في الجبيل، الذي ينتظر رجاله لقاءه منذ عام، والاستماع لهم، ومعالجة مشكلاتهم، وتبني حاجتهم لإنشاء الغرفة، طالما أنه حق يكفله نظام الغرف الجديد الذي اعتمده معاليه مؤخرًا.
نقلا عن الجزيرة