الإنفاق العام والديون وأثرها على الاقتصاد الخليجي

21/12/2017 0
عامر ذياب التميمي

تشير بيانات إلى أن اقتصادات دول الخليج تتجه للتعافي، على رغم هبوط أسعار النفط على مدى السنوات الثلاث الماضية. ولا شك في أن هناك تفاوتاً في الأداء المتوقع لاقتصادات المنطقة، إذ يتوقع لبلدان مثل قطر والبحرين وعمان، أن تعاني من صعوبات مهمة نظراً إلى طبيعة اقتصاداتها والمشاكل التي تمر بها، خصوصاً قطر. لكن هناك توقعات بأن أسعار النفط ستتراوح بين 50 و60 دولاراً للبرميل، وهذا النطاق السعري سيمكن من مواجهة التزامات الإنفاق الجاري والرأسمالي في المنطقة وربما يخفض عجز الموازنات، ومن ثم مستويات الاستدانة وإصدارات السندات والأذونات أو الصكوك. ويجب ألا يعني هذا الأداء المتوقع، صرف النظر عن الإصلاح الاقتصادي أو تعطيل مراجعة السياسات المالية.

هناك أهمية لخفض مستويات الإنفاق العام وتفادي ارتفاع الديون الحكومية، التي أصبحت تشكل هاجساً للسلطات الإقتصادية والتي قد تثقل الأعباء على النظام المصرفي وتزيد انكشافاته على الديون الحكومية، وربما تخفض المتاح من الائتمان لنشاطات القطاع الخاص والذي يعول عليه في عمليات الإصلاح الهادفة إلى تنويع القاعدة الاقتصادية في بلدان المنطقة.

يشكل القطاع المصرفي في دول الخليج قاطرة مهمة للعمل الاقتصادي، بعد الإنفاق العام، وتقدر مصادر اقتصادية عالمية حجم الإصول المصرفية للبنوك الخليجية بـ2.1 تريليون دولار، ما يعزز إمكانات نمو الإئتمان. وبموجب تقديرات وكالة «موديز»، فإن الائتمان قد ينمو خلال عام 2018، بنسبة 5 في المئة، وهو معدل نمو متميز. وقد يشجع المشاريع المهمة المتعلقة بخطط التنويع البنيوي في السعودية، والمعارض مثل «إكسبو 2020» في دولة الإمارات. لكن هذا النمو المتوقع في الإئتمان مرتبط أيضاً بالنمو الاقتصادي العام والمتوقع أن يصل إلى 2.5 في المئة. ولا شك في أن معدل النمو المشار إليه يمكن أن يتحسن إذا أصلحت قطر أوضاعها مع دول المنطقة، بما يحسن التجارة البينية ونطاق الإستثمارات في المنطقة. ولا شك في أن المسؤوليات الواسعة أو الإلتزامات الحكومية، والتي أصبحت منذ عام 2014 تزيد كثيراً على الإيرادات الناتجة من الصادرات النفطية وصادرات الغاز، ما حمل الموازنات عجزاً واضحاً، يجب أن تخفض لصالح دور متوسع لنشاط القطاع الخاص. ويتضح من إمكانات المصارف الخليجية أن هناك مقداراً مهماً لتمويل المشاريع الخاصة والتي قد تتزايد بفعل عمليات التخصيص. وبطبيعة الحال فإن هذا الأمر رهن بإتباع سياسات إصلاح اقتصادي ناجعة.

وكما سبقت الإشارة، فإن التوقعات الوردية لمعدلات النمو والأداء الإقتصادي في بلدان الخليج يجب ألا تكون من عوامل تثبيط عملية الإصلاح الإقتصادي في أي من هذه البلدان. هناك أهمية لتحسين التحكم بالإنفاق العام وضرورة إنجاز عملية إصلاح متدرجة تدفع لتوسيع دور القطاع الخاص وتحميله المسؤوليات الطبيعية للكثير من النشاطات ومنها المرافق كالكهرباء والمياه والبنية التحتية وبعض النشاطات النفطية. من دون ذلك فإن إمكانات تراكم الدَين العام تظل واردة حتى لو استقرت أسعار النفط في النطاق السعري الآنف الذكر، اي 50 - 60 دولاراً للبرميل، إذ تظل إحتمالات زيادة الإنفاق واردة ما لم تتطور عمليات الإصلاح الإقتصادي والمالي. وعملية الإصلاح تتطلب أيضاً مراجعات مهمة لأنظمة سوق العمل في الخليج والتأكيد على أهمية الارتقاء بدور اليد العاملة الوطنية وتطوير مهنيتها من خلال برامج التعليم والتدريب والتأهيل وإستيعاب متغيرات التقنيات الحديثة. ويمكن التأكيد، بهذا الصدد، على أهمية الإبداع والتطوير وتعزيز الانتقال إلى اقتصادات المعرفة.

نقلا عن الحياة