"دمج مصافي تكرير ارامكو ومصانع بتروكيماويات سابك!"

13/12/2017 11
د. فيصل الفايق

كم من الوقت والجهد والمال استنزفنا حتى توصلت ارامكو وسابك الى مرحلة توقيع مذكرة التفاهم لتطوير مجمع عالمي متكامل لتحويل النفط الخام إلى منتجات كيماوية؟!

قبل خمس سنوات تقريبا بدأت أرامكو السعودية بإنشاء قطاع للبتروكيماويات ووضعت خطة لزيادة إنتاجها (من خلال الشراكة مع شركات متخصصة في الصناعات البتروكيماوية) ... ولكن مالذي حققه قطاع البتروكيماويات في أرامكو إلى الآن رغم المصروفات الفلكية وعوائد الاستثمار المتواضعة (Retuen of Investment)؟! ولا اريد هنا ان اناقش الهدر المالي في بعض المشاريع! ... فبالرغم من انقضاء خمس سنوات على إنشاء هذا القطاع في أرامكو الا انه لايزال يحتاج إلى خبرة كبيرة تشابه خبرة سابك التي بنتها خلال اكثر من اربعة عقود في هذا المجال!

لقد شهدت الصناعة البتروكيماوية العالمية زيادة ملحوظة في نشاط الاندماج والاستحواذ مع تواصل نمو الشركات، وأعادت التنظيم وتحسين الكفاءات، وتستمر عمليات الدمج الهائلة بين شركات البتروكيماويات، حتى وإن كان بعض هذه الاندماجات على الأقل لم تنبع من الرغبة في التوسع من جانب الشركات، بل من ضروريات السوق وخفض التكاليف، هذا بالإضافة إلى نقاط القوة المكملة ليستفيد منها المساهمين والموظفين وحتى العملاء! ولا أدل على ذلك من الاندماج الذي حصل مؤخرا بين شركتي داو و دوبونت وكلاهما من اكبر عشر شركات بتروكيميائية في العالم.

أليست رؤية المملكة 2030 تهدف إلى تعزيز الصناعات التحويلية في المملكة عبر التكامل الشامل في سلسلة الصناعات الهيدروكربونية، والإسهام في التنويع الاقتصادي من خلال تعزيز الصناعات التحويلية المعتمدة على البتروكيماويات والبلاستيك والأسمدة والحديد والصلب والألمنيوم والصناعات الأساسية الأخرى المحققة لهذا التنوع الاقتصادي بتعزيز استراتيجية تكامل عمليات تكرير البترول وصناعة البتروكيماويات!

ولذلك فإن دمج مصافي تكرير أرامكو السعودية وقطاع البتروكيماويات فيها مع مصانع البتروكيماويات في شركة سابك تحت منظومة واحدة سوف يدعم قطاع الصناعة في المملكة ويعزز الإيرادات غير النفطية، ويحول عملية التنافس إلى تكامل اقتصادي، وهذا من أهم أهداف رؤية 2030! كما انه يتماشى مع الشفافية التي تدعو إليها رؤية 2030 بإيضاح الأخطاء وتصحيحها! كما ان لدينا نموذج وطني ناجح عند اندماج شركة فيلا البحرية العالمية المحدودة، المملوكة بالكامل لـ"أرامكو" السعودية، مع الشركة الوطنية السعودية للنقل البحري "البحري".

ان اندماج شركتي "البحري وفيلا" نتج عنه اسطول ضخم للنقل البحري العملاق يمثل أحد اكبر شركات العالم من حيث ملكية ناقلات النفط العملاقة، حيث بزغت شركة وطنية رائدة على المستوى العالمي في مجال النقل البحري، تقوم بدور وطني رائد يطور صناعة نقل بحري وطنية مزدهرة، تسهم في إيجاد الوظائف وفرص الأعمال التجارية، وكسب "البحري" المزيد من القوة والتنوع والارتقاء بعد دمج شركة فيلا!

أما دمج أنشطة مصافي التكرير وقطاع البتروكيماويات في أرامكو السعودية لمصانع البتروكيماويات في شركة سابك تحت كيان واحد عملاق هو الأول على مستوى العالم في حجم نشاطاته سيؤدي بإذن الله إلى تعزيز الدور الاستراتيجي للمملكة في التكرير وصناعة البتروكيماويات بخدمات متكاملة وكفاءه وطنية واستثمار أكبر في كفاءتنا الوطنية، وسوف ينتج عن ذلك جدوى اقتصادية عالية بمشيئة الله، خصوصا وان الدوله تتملك ارامكو بالكامل و %70؜ من اسهم سابك.

ان هذا الاندماج في كيان مستقل ليس مهما فقط لقطاع البترول رغم انه احد اهم القطاعات بالمملكة لكنه ايضا سيخدم باقي القطاعات الإستراتيجية التي تعتمد على أنشطة المصب (Downstream) وقطاعات البتروكيماويات والصناعات التعدينية، ما يعني وجود مرونة اكثر في هذه العمليات التي تنعكس بصورة ايجابية على ازدهار ونمو الاقتصاد الوطني.

لقد قطعت سابك شوطا طويلا لتصل الى ما وصلت اليه حاليا من مكانة مرموقة بين مصاف الشركات العالمية الكبرى وبوأت مركزا متقدما بين الشركات العمالقة في هذا المجال. ان هذا الانجاز الذي حققه ابناء الوطن يجب ان يتم دعمه لا منافسته بانشاء كيان مشابه ليس لديه الخبرة الكبيرة في هذا المجال بل جل خبرتة تنصب في أنشطة البترول والتكرير. لذا سوف تحتاج سابك إلى خبرة ارامكو المتراكمة في قطاع التكرير، وبذلك نكون قد قضينا على المنافسة بين عملاقين وحولناها إلى دمج يصب في مصلحة الوطن والمواطن!

خاص_الفابيتا