لو قدّر وأعيد للخزينة الـ 100 مليار دولار جراء التسويات المالية التي تجري حالياً مع بعض المتهمين بقضايا فساد، فإننا نكون بذلك قد اصطدنا أربعة عصافير بحجر واحد.
الأول ما يشكله هذا الرقم من إضافة هامة لصندوق الاستثمارات العامة لتعظيم دوره في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاستثمار المحلي وزيادة حصته المتدنية كمولّد للمال العام وداعم للمشاريع والشراكات الاقتصادية في البلاد بعد الغفلة أو التغافل عن تنمية موارد هذا الصندوق الهام قبل الأمير محمد بن سلمان رغم توافر المال الجاري آنذاك ودخول ما يقارب من 1.2 تريليون ريال خلال 10 سنوات للخزينة العامة وهي توازي كل موارد البلاد خلال الفترة التي سبقت هذه الحقبة وللأسف كانت الإدارة المالية والاقتصادية السابقة ضد فكرة إقامة صندوق سيادي يقوم بنفس الدور الذي يقوم به الصندوق حالياً وتبنت فكرة الخلط المعتمد بين دوره ودور مؤسسة النقد التي تدير احتياطيات البلاد رغم الفارق الكبير بين كل منهما ولا أعرف ماهي الأسباب وهو ما فوّت على البلاد فرصة رفع رأسمال الصندوق وقت الوفرة لتكون عوائده في متناول البلاد وقت الحاجة كما هي الحال اليوم لكن للأسف هذا ما حصل في حين أنه كان بالإمكان أن يكون أكبر صندوق سيادي في العالم.
العصفور الثاني جراء هذه التسويات المالية يمكن أن يجر إلى أسماء أخرى وزيادة غلة الصندوق من أموال وأصول أخرى نهبت خارج إطار قائمة الـ200 شخص والتي يرى البعض أن العدد الحقيقي ربما تتجاوز رقم هذه القائمة بكثير.
العصفور الثالث هو تأسيس ثقافة وطنية جديدة تقوم على الخوف من المساءلة بعد أن كانت مساءلة الكبار من التابوهات السياسية وهو ما شجع على الفساد وأدى إلى تفشيه بهذه الصورة، وبالتالي فإن هذه الثقافة الجديدة سوف تقطع عليهم الطريق وتوفر غطاء قانونياً لا يفرق بين كبير وصغير وبالتالي وقف الهدر جراء تفشي عمليات الرشى واستغلال السلطة.
العصفور الرابع هو إمكانية تفعيل دور مؤسسات الرقابة على المال العام من خلال تحديث أنظمتها القديمة بعد انتظار طويل يتجاوز 8 سنوات لاقرار مسودات هذه الأنظمة المقترحة والمرفوعة لهيئة الخبراء منذ ذلك الوقت.
نقلا عن عكاظ