مضى أسبوعان منذ أن بدأت الحرب الضروس على الفساد والمفسدين في المملكة العربية السعودية ومنذ أن صرحت النيابة العامة بأعداد من أوقفوا في قضايا فساد أو شبه فساد في المملكة ومجموع الأموال محل التحقيق الذي يتجاوز 400 مليار ريال هذا غير ما نشر من تقديرات أيضا على صفحات وشاشات الإعلام تقدر حجم الأموال التي يفوق ما ذكر هنا سابقاً وأي كانت النتيجة فإن استعادة المال العام حق لنا وكذلك محاربة الفساد ردع للمفسدين وفرصة عظيمة لاجتثاث أكبر نسبة ممكنة من هذا الداء ولا سيما أن الإجراءات القائمة حالياً ستتسبب في دب الرعب في أنفس من كان لهم سابقة أو استهواهم الطريق نحو اختلاس المال وملذاته.
منذ ذلك الحين تداولت وسائل الإعلام مجموعة من أسماء من أوقفوا في شبهات فساد واستيلاء على المال العام سواء كانوا أمراء، وزراء، أصحاب نفوذ وصولاً إلى رجال الأعمال. لم نسمع من الجهات الرسمية المعنية في هذه القضايا في المملكة إلا أعداد الموقوفين وحجم الأموال التي نهبت بحسب التقديرات الرسمية. وهذا طبيعي حتى تظهر النتائج النهائية للتحقيقات والأحكام القضائية ويبقى التشهير وقانونه في يد الجهات التشريعية في المملكة.
تأثرت السوق المالية السعودية منذ الحملة بشكل سلبي في بداية الأمر عندما بدأ إيقاف شبه الفساد ومن ثم بدأ بالتذبذب والتأرجح نزولاً وارتفاعاً على استحياء في أحيان كثيرة ورغم إيجابية الموقف بمحاربة الفساد إلا أن عديدًا من الأسماء التي سمعناها وأثارها الإعلام خصوصًا أولئك أصحاب الأعمال التجارية المرتبطة بالشركات السعودية المدرجة في السوق المالية تداول، وهو ما سبب هذه الحالة من التذبذب والتراجع في بعض الشركات العائلية التي تحولت إلى عامة بعد الإدراج. كان للجهات المعنية في المملكة تصريح واضح بأن الموقوفين وحدهم من سيدفع الضرر في هذه القضايا وأن أعمال تلك الشركات خصوصا المساهمة والمدرج منها مستمر، هذه التصريح من الجهات الرسمية والمطلعة كانت خطوة مهمة وضرورية حتى يفهم المجتمع والمساهمون ما الذي سيلحق الشركات المساهمة من هذه التحقيقات. في الجهة المقابلة لم يكن للشركات المساهمة تفاعلاً ملموساً يشرح موقفها من الذي يجري الآن سواء بمقابل تلك الأسماء التي يتم تداولها في قبضة الفساد أو في أعمالها التجارية وأصولها وتعرضها لمثل ذلك الشبه. لن يتمكن السوق وشركاته من تجاهل ما يجري في حال استمرت الشركات في التزام الصمت وكأن هذه التحقيقات تجري في دولة أخرى.
محاربة الفساد في مجملها خير عام وفيه مصلحة عظيمة لحفظ أموال ومكتسبات البلاد وهذا لوحده يجب أن يكون ذا أثر إيجابي على السوق والمملكة واقتصادها بإذن الله، لكن يتطلب من الشركات المساهمة العامة إيضاح موقفها مما يجري الآن حتى يتسنى للمستثمرين فهم ما هم عليه وحتى يتحرك السوق وفقاً لذلك أيضًا.
نقلا عن الجزيرة