حقق موقع «علي بابا» يوم السبت الموافق 11 نوفمبر (تشرين الثاني) رقماً تاريخياً في مبيعات اليوم الواحد، وذلك في الفعالية السنوية المسماة «يوم العزاب». في يوم واحد ربت مبيعات متجر «علي بابا» الإلكتروني على 25.3 مليار دولار، بمعدل 1.1 مليار دولار في الساعة. وتجاوزت مبيعات الساعة الأولى من الحادي عشر من نوفمبر حد الخمسة مليارات دولار. ووصل حجم العمليات المنفذة في الثانية الواحدة إلى 265 ألف عملية، تم أكثر من 90 في المائة منها عن طريق الهواتف الذكية، وزاد عدد الطرود البريدية المرسلة على 770 مليون طرد.
عُدّت هذه الأرقام الأعلى في تاريخ المبيعات الإلكترونية وفي مبيعات عروض اليوم الواحد، حيث كسر «علي بابا» رقمه في السنة الماضية البالغ 18 مليار دولار. ولإدراك ضخامة هذا الإنجاز لموقع «علي بابا»، يكفي معرفة أن مجموع مبيعات التجزئة في الصين كاملة لشهر أبريل (نيسان) عام 1999 (وهو الشهر الذي تأسس فيه موقع «علي بابا») يبلغ 36 مليار دولار. وتفوق «علي بابا» بهذه الأرقام على كثير من العروض السنوية، بل وتجاوزت مبيعاته هذه السنة مبيعات الجمعة السوداء في أميركا ويوم «البرايم» لـ«أمازون» ويوم الصناديق (بوكسنغ داي) في بريطانيا، مجتمعة.
بدأ موقع «علي بابا» تقليده السنوي المسمى «يوم العزاب» عام 2009، وتعود هذه الفكرة إلى عام 1993 حيث حاول طالب صيني اقتراح يوم سنوي للعزاب، يقابل يوم «الفالانتاين»... ووقع الاختيار على يوم الحادي عشر من نوفمبر، وذلك لأن كتابة تاريخه مكونة من أربعة آحاد تعبر عن العازبين (11.11). ويستغل جاك ما مؤسس موقع «علي بابا» هذا اليوم بشكل سنوي، وذلك بإطلاق فعاليات احتفالية. فقد قام في حفل العام الماضي باستضافة ديفيد وفيكتوريا بيكام، وهذا العالم باستضافة الممثلة الأسترالية نيكول كيدمان في احتفال ضخم. والهدف الأساسي من هذه الاستضافات الدعائية هو استقطاب عملاء قطاع التجزئة التقليدي إلى متجر «علي بابا» الإلكتروني. وقام موقع «علي بابا» قبل «يوم العزاب» بإعلان أن الموقع سيبيع أكثر من 15 مليون صنف تعود إلى ما يقارب 140 ألف علامة تجارية.
بهذه الأرقام الفلكية، قد يبدو للجميع أن منافسة مواقع المتاجر الإلكترونية العملاقة شديدة الصعوبة، فالقيمة السوقية لموقع «علي بابا» تقارب 500 مليار دولار، وهو من أكبر عشر شركات في العالم في هذا الجانب. ولا يبتعد تقييم «أمازون» كثيراً عن هذه القيمة. وانتشار المبيعات الإلكترونية واضح جلي من خلال زيادة القيمة السوقية لهاتين الشركتين، فقيمة «أمازون» زادت خلال هذا العام بنسبة 30 في المائة، أما «علي بابا» فقد تضاعفت القيمة السوقية له. إلا أن حجم المبيعات الإلكترونية بالعالم - على الرغم من ضخامة وتوسع هاتين الشركتين - لا يزيد على 8.5 في المائة من حجم مبيعات التجزئة حول العالم. ما يعني أن مبيعات «علي بابا» و«أمازون»، وعلى الرغم من أرقامها الحالية، تعد خجولة مقارنة بمبيعات التجزئة في العالم.
وتختلف هذه النسبة باختلاف الدول وحسب انتشار ثقافة المتاجر الإلكترونية فيها. وتتفوق كوريا الجنوبية في حجم التجارة الإلكترونية بنسبة 18 في المائة، في حين تنخفض هذه النسبة في الدول متوسطة الدخل مثل البرازيل والهند إلى 5 في المائة. وبلغ معدل الزيادة في حجم التجارة الإلكترونية حول العالم 20 في المائة سنوياً خلال العقد الماضي، ويتوقع أن تزيد هذه النسبة لبعض الدول، حيث استشرفت بعض الجهات أن يزيد حجم التجارة الإلكترونية في أميركا من 300 مليار دولار عام 2016، إلى 550 ملياراً في عام 2021، وفي الصين من 350 إلى 650 مليار دولار بين عامي 2016 و2021.
والمتأمل في هذه الأرقام يرى بشكل واضح مستقبل التجارة في العالم، فحصّة التجارة الإلكترونية السوقية تزداد عاماً بعد عام، وبفضل خصائصها الإلكترونية تمكنت من إيصال علامات تجارية مغمورة إلى أعداد ضخمة من العملاء والمستخدمين. كما تتمكن أيضاً بفضل سهولة جمع البيانات، من فهم سلوك العملاء بشكل أفضل والتركيز على ما يفضله هؤلاء العملاء. وتزيد شعبية المتاجر الإلكترونية مع انتشار الهواتف الذكية والاعتماد عليها وسهولة وصول المتاجر الإلكترونية إلى شريحة متجددة من العملاء. ومع هذا الانفجار في المتاجر الإلكترونية، تزيد الحاجة إلى الشركات المقدمة للخدمات اللوجيستية، فنجاح «علي بابا» في «يوم العزاب» مرهون بمقدرته على إيصال أكثر من 770 مليون طرد بريدي في الوقت المطلوب، وإلا فإن آثار هذه المبيعات ستكون سلبية على سمعة الموقع.
هذا التوجه العالمي يجعل المتجر الإلكتروني ضرورة حتمية لأي متجر تجزئة، ويجعل تقديم بنية تحتية لعمل الشركات اللوجيستية تحدياً لكثير من الدول. فنجاح هذا الجزء المهم من التجارة العالمية مرهون بشكل رئيسي بالقدرة الاستيعابية وجودة الخدمة المقدمة من الشركات اللوجيستية.
نقلا عن الشرق الأوسط