أيقونة المستقبل التي أعلنتها المملكة للعالم مشروع ليس لخدمة المملكة أو الدول الثلاث المشتركة بأراضي هذا المشروع فقط. العالم كله سيستفيد من هذا المشروع ليس مبالغة لكن العالم الذي نشترك فيه جميعنا نعلم يقينا أنه يواجه مشكلات مشتركة بسبب طبيعة تواجد البشر على كوكب الأرض وما تسببوا به من أضرار لهذا الكوكب.
مستقبل الطاقة والمياه والغذاء والتنقل هو الزاوية الأساسية في المعيشة التي يواجه العالم الحالي فيها صعوبات كبيرة، فمن تأزّم الدول من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتأثرها باستخدام الطاقة التقليدية وتأثير التغير المناخي على منسوب المياه العذبة المتوفرة والغذاء الكافي الذي يرافقه تزايد بأعداد السكان ما يجعل العالم بأكمله أسير هذه المشكلات.
من أهم أسرار تفوق الدول المتقدمة علينا ونجاح مشروعاتها هو التكاملية فيما بينها وهو ما كنا نفتقده في منطقتنا في عدة مشروعات. أما في مشروع نيوم فعنصر التكامل متوفر، مستقبل الطاقة والمياه والغذاء من أهم مرتكزات مشروع نيوم. وهذا يعني ابتكار حلول جذرية ونوعية لتصنع هذه المدينة فارقاً وتُقدم منتجاً سحرياً وعملياً للعالم. هذا يتكامل تماماً مع جامعة كاوست البحثية التي أنفقت عليها المملكة مليارات الريالات، ليأتي الوقت الذي تستفيد فيه المملكة من ابتكاراتها ومعاملها وفِرقها البحثية. فكاوست التي تمتلك مركز الاحتراق النظيف ومركز هندسة الطاقة الشمسية والخلايا الضوئية ومركز تحلية وإعادة استخدام المياه ومركز الزراعة الصحراوية كل هذه المراكز البحثية تصب تماماً في صميم أهداف نيوم وهو ما يجعل من التحول الذي تمر فيه المملكة خلال العقد الأخير تحولاً تكاملياً فيما بين المشروعات التي بدأتها المملكة، وهو ما أراه عنصراً مهماً للنجاح واستمراره.
إضافة للتكاملية التي ذكرتها سابقاً هو توافق رغبة العالم وحاجته لوجود طريق آمن يجمع بين القارات الثلاث آسيا وأفريقيا وأوروبا خصوصاً مع ما تعانيه بعض دول المنطقة من نزاعات وحروب جعل عدة دول خارج حسابات التجارة الخارجية العالمية لضعف مستوى الأمن فيها وهو ما يهدد أي استثمار طويل الأمد يضاف لذلك أن الأمر عندما يتعلق بإمدادات الطاقة والغذاء فإن دول العالم لا ترغب بالتعامل مع مصدر غير موثوق ولا يمكن الاعتماد عليه مهما كانت «الظروف» وهو ما جعل بعض الأصوات داخل الاتحاد الأوروبي يجدد دعواته بعد أزمة الغاز الروسية الأوكرانية في عام 2015م للبحث عن مزودين جُدد وكان أحد الخيارات قارة أفريقيا.
وجود المشروع كبوابة لجسر الملك سلمان الرابط بين مصر والمملكة وقُربه من قناة السويس يجعله خياراً استراتيجياً ليكون نقطة الارتكاز العالمية الجديدة الرابطة بين القارات. خصوصاً أن المملكة أثبتت للعالم أجمع في عدة أزمات نفطية أنها مصدر موثوق ويمكن الاعتماد عليه لإمداد العالم بالطاقة.
نقلا عن الرياض