مع دخولنا العام الثالث في طريق تحقيق الرؤية وبسبب كثرة برامجها والمبادرات التي أعلنت عنها والتغييرات التي طرأت في بعضها، يمكن أن يلحظ بعض القرّاء التغير ببعض الأهداف إما بحجمها أو توقيتها ويراود الخوف بعضهم بسبب تراكمات سابقة ووعود وزارية قديمة تعثرت ولم يتم تنفيذها. ويربط الأحداث ببعضها بما حدث من تغييرات في بعض أهداف الرؤية وأنه شيء من التذبذب.
فمثل تمديد نهاية برنامج التوازن المالي (وهو أحد أهم الأذرعة الأساسية للرؤية) من عام 2020م إلى 2023م، واستمرار الموازنات التوسعية في الإنفاق خلال السنوات الثلاث الماضية على الرغم من انخفاض أسعار البترول وهو ما يعني زيادة طردية في بند الدين العام وأخيرًا الأوامر الملكية الكريمة الخاصة ببدل الغلاء وزيادة مكافأة الطلبة الجامعيين وبقية الأوامر الملكية التي بمجموعها ستضخ ما يقارب 50 مليار ريال خلال عام 2018م،وكل ما سبق يمكن أن يفسره بعضهم أنها أمور متضادة مع أهدافها المعلنة سابقاً، وهو ما أراه الميزة الرئيسية في التعامل مع برامج الرؤية وطريقة تحقيقها.
فهذه (المرونة) في التعامل مع البرامج وتبعاتها ومخاطر تنفيذها وعقباتها هي الحجر الذي يعوّل عليه في نجاحها.
فعند تمديد برنامج التوازن المالي لثلاث سنوات إضافية كان الهدف منه وقد تم إعلانه بوضوح للتغلب على الإصلاحات الاقتصادية الحالية وإعطاء فرصة للاقتصاد بالنمو ومنع أي محاولة لركوده أو تباطؤ نموه. ومثلها الميزانيات التوسعية في ظل تراجعات أسعار النفط، لضمان استمرار نمو الاقتصاد واستمرار مشاريع البنى التحتية.
وكان معدل القوة الشرائية وحماية الطبقة الوسطى وما دونها للحفاظ عليها من أي انعكاسات سلبية للقرارات الأخيرة من المعايير المهمة وهو ما كانت الأوامر الملكية الأخيرة تعتني به لضمان عدم انخفاض القوة الشرائية.
ومن يقرأ ملفات الرؤية وبرنامج التحول سيجد أن في كل مبادرة وبرنامج هناك جداول مفصلة عن الصعوبات التي تواجه تطبيق البرنامج أو المخاطر المترتبة عليها واستباقية مثل هذه الأحداث بمثل هذه (المرونة) بالتنفيذ ميزة لما تكن موجودة قديماً في القرارات التنفيذية لدينا وهو ما كانت تموت معه كثير من الوعود في وادي المشاريع المتعثرة.
نقلا عن الرياض
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع
"فعند تمديد برنامج التوازن المالي لثلاث سنوات إضافية كان الهدف منه وقد تم إعلانه بوضوح للتغلب على الإصلاحات الاقتصادية الحالية وإعطاء فرصة للاقتصاد بالنمو ومنع أي محاولة لركوده أو تباطؤ نموه" هل يتناسب هذا مع حقيقة رفع أسعار الكهرباء والبنزين والبدء في تنفيذ ضريبة القيمة المضافة مع رفع رسوم العمالة الأجنبية في آن واحد؟ لا يعقل القيام بكافة هذه الإجراءات التي من شأنها رفع تكلفة المعيشة على الفرد (بشكل مباشر أو غير مباشر) وفي ذات الوقت يقوم حساب المواطن بصرف الحد الأدنى (300 ريال) لغالبية المستحقين، ناهيك عن عدم صرفه لريال واحد للكثير من المواطنين بحجة عدم الاستحقاق. وفوق هذا وذاك، عندما أتى الأمر السامي بإعطاء موظفي الحكومة والقطاع العسكري بدل غلاء معيشة بمبلغ ألف ريال، تم الإعلان من قبل المسئولين في حساب المواطن أن الاستحقاقية قد تتغير وذلك بسبب الأمر السامي! أضف إلى ذلك عزيزي أن جميع ما ذكر لم يأخذ بالحسبان أن تكلفة المعيئة ارتفعت على ذوي الدخل المحدود كما ارتفعت على ذوي الدخل المتوسط والعالي. وعليه، فإن غالبية ذوي الدخل المتوسط لم يحصلوا على ريال واحد من حساب المواطن، كما أن ذوي الدخل المتوسط ممن لا يعملون في القطاع الحكومي والعسكري لم يشملهم البدل المعلن عنه في الأمر السامي! وهذا كفيل بأن يتسبب في تلاشي طبقة ذوي الدخل المتوسط شيئاً فشيئاً ليصبح لدينا طبقتين فقط: ذوي الدخل المنخفض وذوي الدخل العالي. يا حبذا لو تم صرف بدل غلاء المعيشة لكل مواطن عن طريق المنصة التي استحدثت لمثل هذه الأمور وهي حساب المواطن بغض النظر عن استحقاقية المواطن للصرف من قبل الحساب نفسه. وكمثال توضيحي، فإن الموظف الذي يستلم راتب بمبلغ 15 ألف على سبيل المثال يوجد لديه التزامات معينة ومصاريف شهرية منها مبالغ مخصصة لفاتورة الكهرباء ومبالغ أخرى للبنزين، التي ارتفعت عليه ولم يتم تعويضه بريال واحد لا من خلال حساب المواطن ولا من خلال تطبيق الأمر السامي. مع العلم بأن آلية حساب المواطن تعني أن الفرد الذي يبلغ راتبه 20 ألف ريال شهريا قد يكون مستحق للصرف، وهذا يعني بأن هذا الفرد يعتبر من ذوي الدخل المحدود، وإلا لما تم صرف مبالغ مالية له. فأي منطق هذا الذي يقول بأن الفرد الذي يستلم راتبا شهريا كهذا يعتبر من ذوي الدخل المحدود، سوى أنه سيتم إلغاء طبقة ذوي الدخل المتوسط تدريجيا!