كاش موني

30/10/2017 0
سعيد بن زقر

عندما تسمع مفردات من شاكلة : نقود ،قروش ،فلوس، دراهم، ريالات، دولارات، جنيهات إسترلينية ،وين ياباني، إلى آخره،فإن هذه الأسماء تحيلك إلى ما يسميه عامة الناس مال. وحيث إن هذا التعبير ليس دقيقاً في وصف المال فإن هذا المقال سيحاول توضيح ذلك. فالعملات من أقدمها إلى آخر نسخها ، هي أقرب إلى عقد للتبادل بين الناس، منها إلى المال. وبينما اختلف الفقهاء في تعريف المال من وجهة نظر إسلامية إلا أنهم اتفقوا على أن المال هو ما يقتنيه الإنسان سواء كان عيناً أو منفعة. ووردت دلالاته في القرآن الكريم فقد ذكر الله سبحانه وتعالى الذهب والفضة والقناطير المقنطرة ووردت أيضاً الخيل المسومة والحرث والأنعام.

وفي كتاب ديفيد قريبر خبير العلوم الإنثروبولجية ، والذي اعتمد على الحفريات الأركيولوجيه ليؤرخ لخمسة آلاف سنه من التبادل التجاري بين البشرية.. وضح أن أكبر وسيط للتبادل بين البشرية ، كانت الديون التي أخذت هيئة عملة أقرتها السلطة القائمة، وهدفها إدارة السوق أو إدارة مكان التبادل التجاري. ولهذا حين يصدف أن تقر السلطة وسيلة تبادل مادة مثل الصدف الذي يستخرج من البحر، أو تقر أوراقاً بشكل من الأشكال أو تصك قطعة حديد عليها صورة الحاكم أو معدناً عليه رمز وطني، فإن هذا يعني أن ليس ثمة قيمة في العملة نفسها لأنها يمكن أن تكون صدفاً بحرياً أو حديدة ولكنها دائما ارتبط تبادلها باعتماد السلطة لها وقدرتها من حيث استخدامها وسيلة للتبادل. ولهذا قوتها من قوة الحكومة المركزية التي تعتبرها أداة للقياس ولتحديد معدل الالتزامات الضريبية والجبائية على الجمهور.

لهذا هناك حاجة لإعادة تعريف العملة بأنها ليست مالاً كما في الاستخدام الشائع، بل هي أقرب لقيد سند لأمر تصدره الحكومات المركزية لاستخدامه في عدة جوانب متعددة. وأهم تلك الجوانب والاستخدامات الفعالة نقل أصول حقيقية من المنتفعين لاستخدامها في تطوير البنية التحتية سواء كانت مباني وأدواتٍ أو توظيف أيدٍ عاملة. كما أنها تُوظف كوسيلة لتنظيم الاقتصاد ومتابعة حراكه وضبطه وتصويب أدائه داخل حدود البلاد. ومن الجوانب أنها ساعدت الدول على تطوير نظام ضريبي لتطوير الاقتصاد. ولكن هذا يعني أن كل ما يدخل خزينة الدولة من العملة التي فرضتها أو سنَّتها وأصدرتها أو ضختها ليس دخلاً وإنما تقليصًا لهذه الأوراق أو الصدف البحري أو صكوك الفضة ، والمقصد الحد من القوة الشرائية أو التضخمية.

 
نقلا عن المدينة