مشروع نظام لتبادل معلومات الخسائرالتشغيلية لقطاع التأمين- خطوة للأمام

04/10/2017 1
محمود حسن

يعتبر سوق التأمين في المملكة العربية السعودية أكبر سوق تأمين متوافق مع الشريعة الإسلامية في العالم بإجمالي أقساط بلغت 36 مليار ريال في عام 2016 , كما ويتوقع أن تكون المملكة أحد أسرع الأسواق المنطقة نمو لقطاع التأمين والذي بلغ نموه معدل سنوي مركب 15% (2012-2015). رغم كل هذه الفرص إلي أن جزء كبير من شركات قطاع التأمين في المملكة تواجه تحديات كبيرة والتي أدت إلى بعض من هذه الشركات للطلب من مؤسسة النقد (الجهة المنظمة لسوق التأمين) للحصول على الموافقة للإندماج مع شركات أخرى , وهي خطوة حظيت بدعم وتشجيع من المؤسسة نظرا للعدد الكبير لهذه الشركات التأمينية في السوق 35 شركة. إلي أن هناك أسباب أخرى في نظري لمشاكل قطاع التأمين من أهمها ضعف الوعي التأميني لدى المواطنين والمقيمين وهذا أدى إلى إعتماد شركات التأمين بشكل كبيرعلى المنتجات التأمينية الإلزامية مثل التأمين الصحي والمركبات التي تشكل مانسبته 84% من أجمالي أقساط التأمين لعام 2016  وأيضا أدى التكاليف التشغيلية العالية لمعظم الشركات التأمين لتدهور ربحيتها بسبب قلة الكوادر المؤهلة (إرتفاع مصروفات الرواتب) , تكاليف الانظمة المعلوماتية, تكاليف الإحتيال ..الخ.

مشروع نظام لتبادل معلومات الخسائرالتشغيلية  Loss Data Exchange 

المخاطر التشغيلية هي كما عرفتها لجنة بازل للرقابة المصرفية ضمن اتفاق بازل 2 بأنها "مخاطر تحمل خسائر تنتج عن عدم نجاعة أو فشل العمليات الداخلية، والعنصر البشري، والأنظمة والأحداث الخارجية". ورغم أن القطاع البنكي أكثر تطورا في إدارة المخاطر التشغيلية من قطاع التأمين في منتطقتنا الخليجية والعربية, إلي أن القطاع التأمين أيضا يواجه تحديات تشغيلية كبيرة وبالتالي هناك حاجة ملحة إلى نظم رقابية فعالة بشكل أكبر من الوضع الحالي. 

 أحد الحلول من أجل تقليل مخاطر العمليات هي تبني مشروع نظام موحد لتبادل معلومات الخسائر التشغلية فيما بين شركات التأمين من أجل الإستفادة من معلومات الخسائر التشغيلية بعد دراسة الأسباب التي أدت إليها وبتالي تزداد فاعلية إدارات المخاطر داخل هذه الشركات من الإستفادة من هذه البيانات والتي حاليا محصوره داخل أروقة شركة واحدة فقط  (التي تكبدت  الخسارة). هذا النظام هو مثل قاعدة بيانات موحدة للخسائر التشغيلية لدى شركات التأمين بحيث يتم رصد وتحليل هذه الأحداث والإستفادة منها. أيضا هذا النظام يدعم الخصوصية بحيث لا يفصح عن هوية الشركة التي حدثت لها الخسائر بل يرمز لكل شركة برمز يحافظ على خصوصيتها لان الهدف هو تشارك البيانات من أجل تطوير نظم الرقابة الداخلية. هذه الخسائر قد تكون عمليات إحتيال, أو عمليات إختراق إلكتروني , أو أي خسائر عملياتية أخرى. مثلا الخبر المنشور في الصحف في تاريخ 13 أغسطس2017 بشطب شركة ميدغلف نظام تقنية المعلومات (إي أر بي سيستم) بمبلغ 26 مليون ريال سعودي , قد يكون هناك عدد من الشركات الاخرى والتي تطمح لشراء مثل هذا النظام ولكن للأسف بسبب عدم معرفة لماذا فشل هذا المشروع مع ميدغلف سوف تتردد هذه الشركات الاخرى وبذلك تضيع على نفسها فرصة تحديث أنظمتها , ماذا لو مثلا ميدغلف وجدت قبل شروعها في هذا المشروع أخطاء سابقة من نفس المنظقة والقطاع , كم كان سيوفر عليها من تكاليف؟ وغيرها الكثير من الأمثلة التي إذا تشارك مقدمو الخدمة التأمينه فيما بينهم الخسائر التشغيلية والدروس المستفادة , سوف توفر عليهم مئات الآلاف إن لم يكون ملايين الريالات بسبب تحسن كبير في نظام الرقابة الداخلية لديهم وكذلك فعالية إدارات المخاطر بسبب دراسة الإحداث التاريخية الواقعية والتي وإن وقعت في شركة ما , فهي خطر محدق في الشركة الاخرى وبتالي فهناك منفعة جماعية للإشتراك بهكذا نظام. أيضا الإحتيال هو أحد أهم الإشكالات التي تعاني منها قطاع التأمين لدينا في المنطقة , من تشارك بطافة التأمين الصحي لدى الأقارب ,إلى الحوادث المصطنعة للسيارات , ومشاكل مقدمي الخدمة الصحية من مستشفيات وعيادات والتي بعضها يقوم بعمليات إحتيال برفع مطالبات مزورة الخ. كل هذه المخطار التشغيلية والتي قد توفق بعض الشركات في حلها والحد منها بطرق مبتكرة, للاسف تغيب عن البعض الأخر والتي في المجمل سوف يتحمل القطاع ككل هذه التكاليف الباهضة لل Learning Curve

وهي جهة غير ربحية ويتملكها الأعضاء من داخل الشبكة أنفسهم ومقرها سويسرا خدمة مشاركة بيانات الخسائر ,  O.R.X توفر منصة 

وهي نظام مكون من قاعدة  بيانات ممكن تصنيفها على حسب الدول أو أنواع التأمين, و قاعدة البيانات هذه محصورة فقط للإعضاء وبالتالي الإطلاع والإضافة هي خاصة بهذه المجموعة وإيضا بسبب هذه الحصر والخصوصية , يتم إضافة بيانات الخسائر والتي تتكون من الخسائر التي تبلغ مثلا 20,000$ فما فوق,  وهذة المعلومات غير متوفرة للعامة. وطريقة عملها أنو بعد الإنضمام للمنظمة , هناك معاير معينة للاعتراف بلخسائر التشغيلية تلتزم فيها الشركات وعند حدوثها يتم رفعها في النظام حتي يستفيد الجميع من دروس هذه الخسائر والعمل على عدم تكرارها.  

 
توصية بتبني مؤسسة النقد مثل هذا المشروع
للإسف قد توجد شركات تأمينية إلى الان لسيت لديها قاعدة بيانات لخسائرها التشغلية الخاصة, ناهيك عن حصولها على بيانات خارجية, ولذلك أتمني من مؤسسة النقد أن تدرس هذا الإقتراح حتي يتم تطبيقه بشكل إلزامي على شركات التأمين من أجل تطوير أنظمتها الرقابية وكذلك إدارات المخاطر هذه الشركات.
نظام مشابه للحكومة:
هل نستطيع أن نطبق نفس الفكرة للقطاع العام ؟ نعم, بإمكان الدولة تصميم نظام مشابه يكون أعضائه الوزارات والهيئات الحكومية وبتالي كل جهة تسجل في قاعدة البيانات الموحدة هذة الخسائر التشغيلية التي تواجهها وأسبابها وبتالي تستفيد الدولة من هذه الخبرات المتفرقة تحت سقف واحد. لا يخفى على أحد حجم المشاريع الضخمة التي قامت بها المملكة العربية السعودية والتي كانت لها أبرز الأثر في دعم عجلة النمو والأقتصاد في البلد, وكذلك المشايع الضخمة الجاري تنفيذيها حاليا أو المزمع إنشائها. مايهمنا في هذا السياق هو حاجتنا الملحة الي قاعدة بيانات حكومية موحدة للمشاريع التي تعثرت أو واجهة إشكالات أسبابها والدروس المستفادة منها (نذكر على سبيل المثال "مركز الملك عبد الله المالي" أو "المدن الإقتصادية") , حتي يكون أمام المسؤوولين بتنفيذ هذه المشاريع المستقبلية  ( مثل  "مشروع البحر الأحمر" أو "مدينة القدية") تحاليل لقاعدة بيانات جوهرية تساعدهم في إتخاذ قرارتهم بشكل أفضل. 
 
 
خاص_الفابيتا