ما بعد رفع الحجب عن تطبيقات الاتصال المجاني؟

19/09/2017 1
محمد العوفي

قطاع الاتصالات من أكثر القطاعات حيوية ومرونة واستجابة للمتغيرات الاقتصادية، ويعتبر أسرعها نموا لارتباطه بالحياة اليومية ومتطلباتها، ومن المتوقع أن يشهد المستقبل نموا وثورة في مرحلة ما بعد الصوت في ظل تنافس محموم في تطبيقات الاتصال المجاني عبر النت، مما ينبئ عن تحول لن يكون للمكالمات الصوتية التقليدية نصيب الأسد فيه كما هو الحال الآن؛ لذا استبقت كثيرا من شركات الاتصالات هذا المرحلة، وبدأت في تطوير خدمات البيانات والخدمات المجانية المصاحبة للاشتراك لها.

وفي المقابل، تصر شركات الاتصالات العاملة في السوق السعودية بدعم من الهيئة المنظمة لقطاع الاتصالات (هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات) على البقاء خارج دائرة السوق العالمي بإرغام المواطن على استخدام المكالمات الصوتية، وحجب برامج الاتصالات عبر الانترنت المجانية تحت ذرائع متعددة حتى صدر توجيه وزير الاتصالات وتقنية المعلومات المهندس عبدالله عامر السواحه برفع الحجب عن تطبيقات المكالمات المجانية خلال أسبوع، وتوجيه هيئة الاتصالات على مراجعة استيفاء التطبيقات للمتطلبات التنظيمية، والعمل مع شركات الاتصالات لإتاحة ورفع الحجب عما يتوافق مع المتطلبات من هذه التطبيقات، وهو ما لم يكن لولا تدخل وزير الاتصالات.

هذا القرار، وإن تأخر كثيرا، يعد إيذانا ببدء مرحلة جديدة لم تكن تعرف سابقا، وهي عصر العميل أولا، وسيوقظ الشركات من سبات الربح التقليدي الآتي من المكالمات الصوتية التي تشير بعض التقارير إلى أنها تمثل نحو 60% من إيراداتها، وسيدفعها إلى إعادة التفكير في الخدمات التي تقدمها لمواكبة القرار الجديد القاضي برفع الحجب عن تطبيقات الاتصالات المجانية حتى وإن كان جزئيا؛ لأن ذلك يعني خسارة جزء كبير من إيراداتها مع ارتفاع الوعي المجتمعي، وميل الأفراد لاستخدام برامج الاتصال المجانية لتخفيض فواتير الاستهلاك الشهري.

عندئذ ستدرك شركات الاتصالات العاملة في السوق السعودية كم أنها ملزمة بتغيير استراتيجياتها نحو اعتماد إيرادات خدمات البيانات (تقديم الانترنت) والخدمات المضافة الأخرى لضمان الربحية؛ لا سيما أن متوسط استخدام النت وخدمات البيانات

لا يزال أقل من المعدل العالمي، إذا لم يتجاوز المتوسط السنوي 17%، وهذا التحول يتوقف على ماذا ستقدم؟ وكيف ستقدم هذه الخدمات؟ ولمن ستقدم؟

النتيجة الطبيعية لمثل هذا القرار هو سعي الشركات لتقديم خدمات جديدة وجيدة ومنافسة راقية للاحتفاظ بالعملاء بما يكفل لها الاستمرار في معدلات الربحية الحالية، لكن الخوف أن يكون قرار رفع الحجب عن تطبيقات الاتصال المجانية ذريعة لفرع أسعار الباقات (خدمات البيانات) لتعويض الفاقد من إيرادات المكالمات الصوتية التقليدية، لا سيما أن أسعار باقات الانترنت المفتوحة التي تقدمها شركات الاتصالات لا تزال أغلى بكثير من نظيرتها العالمية، فباقة الانترنت المفتوحة لدينا تصل إلى 400 شهريا، وفي المقابل حصلت على الخدمة من إحدى الشركات البريطانية بما يعادل نحو 100 ريال شهريا مع دقائق اتصال مجانية ومثلها ورسائل مجانية، وفي إحدى السنوات حصلت على عرض لباقة انترنت مفتوحة مع 5 آلاف دقيقة مجانية داخل شبكة المشغل و5 آلاف رسالة SMS وألفي دقيقة اتصال مجانية خارج شبكة المشغل بما يعادل 60 ريالا سعوديا، ولم تؤثر تلك العروض على ربحية الشركات ونموها، بل على العكس أسهمت في جذب عدد كبير من العملاء وبالتالي ارتفاع في الربحية.

 

نقلا عن مكة