أسعار النفط لاتزال تتحرك في نطاق ضيق!

11/09/2017 1
د. فيصل الفايق

إذا نظرنا إلى سعر خام برنت هذا العام نجد أنه وصل إلى ذروته في شهر يناير 2017 عند متوسط 54.87 دولارا، ووصل إلى أقل متوسط له هذا العام في شهر يونيو عند 46.37 دولارا، واذا استمرت الأسعار بهذا الترند فستستمر في التحرك في نطاق ضيق بين (8 دولارات) ارتفاعا وهبوطا، وفي ذلك تشابه كبير لتقلبات الأسعار في ثمانينيات القرن الماضي، ولكن بأقل دراماتيكية بدون تأثير الأعاصير أو اتفاقية تاريخية تضم روسيا لتخفيض الإنتاج وبمستويات امتثال عالية!

وأصبح واضحا التناقض الصارخ في حمى التكهنات السابقة التي ركزت على ضغط محتمل من زيادة إنتاج النفط الصخري على الأسواق وافتراض زيادة قياسية في المخزونات الأميركية، بمجرد ارتفاع الأسعار فوق حاجز الخمسين دولارا ! ولكن بعد مرور تسعة أشهر، تأكد الجميع أن ذلك كان خطأ فادحا في تحليل وقراءة أسواق النفط، لأن تأثير زيادة إنتاج النفط الصخري (على فرضية زيادته) كان محدودا جدا بزيادة الإنتاج الأميركي من 8.9 ملايين برميل يوميا إلى 9.5 ملايين، بل ورأينا تراجع هذه الزيادة وعودة من إنتاج 9.5 ملايين برميل يوميا إلى 8.8 ملايين برميل يوميا جراء التضرر الأكثر من المتوقع من إعصار هارفي.

وبالنظر إلى كل هذه المتغيرات وما لها من مساس مباشر على أساسيات السوق ودعم الأسعار واستقرار الأسواق، ينشأ سؤال لابد له من إجابة: ما السبب وراء عدم استجابة السوق لهذه المتغيرات واستمرار الأسعار في هذا النطاق الضيق؟! فمنذ شهر ديسمبر الماضي كان متوسط خام برنت عند 53.29 دولارا، وأسعار النفط تتحرك في نفس النطاق الضيق عند مستويات قريبة جدا حتى عند إغلاق هذا الأسبوع!

الانتعاش الواضح في أسواق النفط بالرغم من التناقض الصارخ لمؤشر المخزونات العالمية والتي أشار المحللون سابقا إلى أن السوق تعاني صعوبة في تقليص تخمة المعروض رغم جهود كبح الإنتاج! مما يراد من خلاله تسريب الهاجس بأن أسواق النفط ستكون متخمة بالمعروض مع الزيادة في الإنتاج الأميركي الذي اتضحت محدوديته، للتقليل من أهمية تخفيض ونجاح جهود أوپيك في توازن العرض والطلب، ومبررهم في هذا التوجه هو ما نسمع عنه من قلقهم المتنامي من نجاح هذه الجهود، لإعادة توازن العرض والطلب.

وعند الاغلاق الأسبوعي، اغلق مؤخرا خام برنت عند 53.78 دولارا، بينما أغلق خام نايمكس عند 47.48 دولارا، ازدياد فجوة الأسعار بين خامي برنت ونايمكس (Brent/ WTI Spread)، والتي اتسعت فجوتها إلى مستوى قياسي مؤخرا عند 6.30 دولارات، وهذا المعيار للفجوة يعد مؤشرا مهما لمعنويات السوق وانتعاش الطلب، وجاء هذا بعد انعكاس تعطل الصادرات الأميركية من النفط ومشتقاته! حيث تسعر ثلثي صادرات النفط العالمية على خام برنت بالإضافة إلى الواردات من المشتقات النفطية إلى أوروبا. وبذلك فإن زيادة الفجوة هذه جسدت انتعاش أسواق النفط جراء الطلب القوي على النفط ومشتقاته، ناهيك عن الزيادة المطردة في الطلب الأوروبي على الديزل لسد الفجوة التي نتجت بعد تعطل مصافي التكرير الأميركية بسبب الأعاصير.

وتزداد قراءة المحللين غرابة لتأثير الإعصار على أسواق النفط، فقبيل الإغلاق الأسبوعي ارتفع خام برنت إلى قرابة 55 دولارا مع بدء مصافي تكساس في العودة إلى وضعها الطبيعي بينما لايزال 11% من المصافي معطلة من أصل 16% من إجمالي طاقة التكرير الأميركية! اذا كيف تأثرت الأسعار وهبطت جراء نقص الطلب المزعوم قبل أسبوعين!

 

نقلا عن الانباء