يُعدّ مجلس الإدارة أهم الهيئات في الشركات المساهمة العامة، إذ يتولى إدارتها وتسيير أعمالها وهو وكيلها وممثلها القانوني أمام القضاء والغير. ويُنتخب الأعضاء في هذا المجلس في الجمعية العمومية للمساهمين، ويتقاضون أجراً على أداء عملهم. لذا، يجب عليهم تقديم العناية اللازمة في إدارة الشركة، وعدم العبث بأموال المساهمين.
وتُفرض على الأعضاء في مجلس الإدارة واجبات والتزامات، من أهمها عدم منافسة الشركة، إذ لا يجوز لعضو مجلس الإدارة المشاركة في أي عمل ينافس الشركة أو في أحد فروع النشاط الذي تزاوله. كما لا يجوز أن تكون له أي مصلحة مباشرة أو غير مباشرة في الأعمال والعقود التي تُنفّذ لحساب الشركة، إلا بترخيص مسبق من الجمعية العامة العادية ويُجدد سنوياً.
ويترتب على إخلال الأعضاء في مجلس الإدارة، بأي من الالتزامات السابقة أو أي منها نص عليها النظام الأساسي أو القوانين المتصلة، تعرّضهم للمسؤولية المدنية أو الجنائية، كما يمكن أن تكون تجاه الشركة أو الشركاء أو الغير. وعلى سبيل المثل نصّت المادة الثامنة والسبعون من نظام الشركات السعودي لعام 2015، على أن يكون هؤلاء مسؤولين بالتضامن عن تعويض الشركة أو المساهمين أو الغير، عن الضرر الذي ينشأ عن إساءتهم تدبير شؤون الشركة أو مخالفتهم أحكام النظام أو ذلك المتعلق بالشركة الأساس، وكل شرط يقضي بغير ذلك كأنه لم يكن.
وفي المنطقة العربية، فَقَد عدد كبير من رؤساء مجالس إدارة الشركات المساهمة العامة وأعضاء المجلس وظائفهم، نتيجة الخسائر الكبيرة التي تعرضت لها الشركات خلال أزمة المال العالمية، ولوحظ للمرة الأولى في الإمارات في أكثر من جمعية عمومية لشركات مساهمة، التصويت على عدم تبرئة أعضاء مجالس الإدارة وإدارتها عن أعمالهم، إذ حُمّلت مجالس الإدارة مسؤولية هذه الخسائر التي تعرّض لها بعض الشركات وأفضى إلى انخفاض ملحوظ في قيمتها السوقية، بالتالي خسارة المساهمين جزءاً مهماً من ثروتهم.
ومنح قانون الشركات في معظم دول المنطقة الجمعيات العمومية، حق عزل الإدارة التنفيذية حتى ولو نص النظام الأساسي للشركات على غير ذلك، لأن هذه الجمعيات أعلى سلطة في الهيكل التنظيمي للشركات، إضافة إلى تغيير الرؤساء التنفيذين ومنصب رئيس مجلس الإدارة أو العضو. وفي ظل التحديات المختلفة التي تواجهها الشركات المساهمة العامة في كل القطاعات، والمنافسة الشديدة لم يعد منصباً من أجل الوجاهة الاجتماعية وتحقيق المكاسب أو المكافآت والتسهيلات، أو الحصول على المعلومات المهمة من داخل الشركات، بقدر تحمله مسؤوليات متنوعة وكبيرة أمام المساهمين والوطن. ويأتي في مقدم ذلك، رسم السياسات ووضع الأهداف وتخطيط الاستراتيجيات وتنفيذها، فضلاً عن مراقبة أداء الإدارة التنفيذية والشركات ومتابعته.
ولا شك في أن أزمة المال العالمية، اختبرت الإدارات الكفوءة والفاشلة، بالتالي لوحظ التفاوت الكبير في تأثير هذه الأزمة في أداء الشركات في القطاعات المختلفة والأسواق المالية. وبالطبع كان لها دور مهم في هذا الحكم، لجهة ارتفاع الطلب على أسهم الشركات التي حققت أرباحاً لمساهميها وحافظت على حقوقهم، والذي يعكس بالطبع كفاءة الإدارة والعكس بالنسبة إلى الشركات ذات الإدارة غير الكفوءة، والتي أدت إلى تعرض مساهميها لخسائر فادحة. وبادرت حكومة أبو ظبي إلى إجراء تغييرات مهمة وواسعة في عضوية مجالس الإدارة في الشركات التي تملك حصصاً في رؤوس أموالها بهدف ضخ دماء جديدة، على اعتبار مصلحة الاقتصاد والشركات تتطلب التغيير بين فترة وأخرى بما يتناسب مع التطورات السريعة التي يشهدها الاقتصادات الإماراتي والعالمي.
وراعت حكومة أبو ظبي شروط المهنية والتخصص لدى اختيار الأعضاء في مجالس إدارة الشركات للبنوك أو غيرها، والتي تحتاج طبيعة عملها إلى كفاءات وخبرات مختصّة، في ظل الانفتاح على الاقتصاد العالمي وتطورات وسائل التكنولوجيا الحديثة.
وفي المقابل، تستغل مجالس الإدارة الكفوءة والنزيهة عادة فرصة التئام الجمعيات العمومية السنوية للمساهمين، لإطلاعهم على المعلومات أو البيانات والمشاريع والتدفقات النقدية وتوقعات الأداء في المستقبل، والتي تساهم في تعزيز ثقة المساهمين في الإدارة ومستقبل الشركات، وفي احتفاظهم بأسهم الشركة وشراء مزيد منها. كما تساهم جودة المعلومات المفصَح عنها وكميتها، في سهولة احتساب الأسعار العادلة لأسهم الشركات. والأقلية في الأسواق المتقدمة عادة ما تكون بنوكاً أو صناديق استثمار أو مؤسسات مالية، تتمتع بخبرات مالية وقانونية عالية، تمكّنها من مراقبة أداء الشركات والحصول على حقوقها بعكس الأقلية في أسواق المنطقة، وينقص أفرادها بغالبيتهم الوعي المالي والقانوني، وبالتالي صعوبة الدفاع عن حقوقهم.
نقلا عن الحياة
لان المجلس في نظرهم تشريف وليس تكليف - وايضا وسيله مشروعه للكسب السريع من غير مجهود