اعلنت وزارة المالية عن ارقام الميزانية للربع الثاني والتي جاءت بالكثير من الايضاحات والتفاصيل كما عملت في الربع الأول لكن بمزيد من التفاصيل، وهو ما يرفع من درجة الشفافية في الافصاح ويمنع تكون الاشاعات والتكهنات والتي قد تكون مضللة لجميع المستثمرين والمحللين، ومن ابرز ما جاء في البيان النقاط التالية:
1-ارتفاع الايرادات لتصل الي 163 مليار ريال بزيادة بحدود 20 مليار ريال عن الربع الاول رغم انخفاض الايرادات النفطية بحدود 11 مليار لكن التعويض كان من الايرادات الغير نفطية والتي وصلت الي 64 مليار مرتفعة وبشكل كبير عن الربع الاول بمقدار 31 مليار وبارتفاع بنسبة 96%، المشارك الاكبر في هذا الارتفاع كان الايرادات المتحققة من صندوق الاستثمارات العامة ومؤسسة النقد والتي ساهمت بحدود 32 مليار وبنسبة 50% من مجمل الايرادات الغير نفطية، هذه القفزة الكبيرة "قد يكون" ساهم فيها ولو بشكل جزئي موسمية توزيع الارباح النقدية من قبل الشركات المساهمة في سوق الاسهم السعودي والذي يعتبر صندوق الاستثمارات العامة اكبر المستثمرين فيه وكما هو معروف ان اغلب التوزيعات تقع في الربع الثاني من السنة، وهذا قد يكون احد الأسباب في ارتفاع الايرادات عن الربع الاول، لكن ومن زواية اخرى يعتبر هذا الايراد رغم ارتفاعه اقل من السنة الماضية حيث حقق خلال النصف الاول من السنة الماضية 107 مليار ريال بينما حقق هذه السنة 95 مليار بانخفاض مقداره 11% وكذلك اقل من المستهدف اذا ما قسمنا المتوقع للسنة كاملة على اثنين فنحصل على 106 مليار وهذا يعني الاعتماد بشكل ملموس على تحسن الإيرادات خلال النصف الثاني من خلال ارتفاع الرسوم والضرائب والتي من المقرر ان يظهر اثرها خلال الفترة القادمة.
2- بقدر ما كان هنالك انخفاض في الإيرادات فان النفقات ارتفعت عن الربع الأول 24% حيث شمل الارتفاع تقريبا جميع بنود الانفاق حسب ما ذكر البيان لكن الانفاق بشكل عام خلال النصف الأول اقل من المستهدف (على أساس قسمة المستهدف للسنة على اثنين) بما يعادل 14% وهو ما ساعد في نهاية الامر بالتحكم بالعجز وتخفيضه عن المقدر في الميزانية، وهو ما يبشر ان وزارة المالية قد تنجح في عدم تخطى العجز المقدار المستهدف بل وقد تخفضه.
3- تم تغطية العجز عبر عدة طرق منها السحب من الاحتياطي ومنها الاقتراض الخارجي وهذا ساهم في استقرار النظام المصرفي عبر تجنب الاقتراض الداخلي وإذا سارت الأمور بالشكل السليم ولم يتجاوز العجز المقدار المستهدف او قل عنه فهذا يعني عدم الحاجة للاقتراض الداخلي بشكل كبير خلال الفترة القادمة وهو ما سوف يساعد على استقرار سعر الإقراض بين البنوك وعدم تعرضه لضغوط جراء السيولة ومنافسة الحكومة على سوق الاقتراض مع الشركات التجارية.
4- أخيرا وهو الأهم استمرار الضعف النسبي في الانفاق الرأسمالي حيث بلغ إنفاق الدولة 62 مليار ريال او ما يعادل 16% من اجمالي الميزانية وهو وبالمقارنة مع متوسط نسب الانفاق في الماضي يعتبر اقل حيث كان متوسط نسبة انفاق الدولة على هذا البند يتعدى العشرين بالمائة ومع ضعف النمو الحاصل حاليا واستمرار ارتباط نمو الاقتصاد بالإنفاق الحكومي فمن المناسب مراجعة رفع الانفاق الحكومي على هذا البند وضخ مزيد من المشاريع التي لها أولوية لدى الدولة وتعطي فوائد اقتصادية كبيرة لتحرك عجلة النمو وتساعد على زيادة الوظائف.
ختاما كانت الأرقام جيدة واتصفت بشكل عام بالانضباط وعدم ابتعادها بشكل مؤثر عن المستهدف ما عدى ما هو خارج نطاق التحكم مثل أسعار النفط وعوائده، والاهم من ذلك الشفافية والتي قطعت تماما أي محاولات لبث الاشاعات والاخبار المزيفة والتي وللأسف تكثر وبشدة هذه الأيام.