بلغت أرباح البنوك السعودية المدرجة في سوق الأسهم السعودية «تداول» 41.3 مليار ريال بنهاية العام 2016، وهو رقم لمن يتمعن في ظلاله لابد أن يربطه بالطرق التي «تربح» بها هذه البنوك ،ولابد أن تدهشه قلة المخاطر مثلما يدهشه إصرار المصارف على الضمانات في غياب المخاطر وعلى توقيع المواطن على عقود تضع كامل المسؤولية عليه بينما يصبح البنك في وضع سيربح معه مهما يحدث للمواطن.
فإذا تقبلنا اضطراراً بأن «البنك» أَذىً لابد منه لأنه الوسيلة التي تكون بها العملة «الإلكترونية» من خلال تكوين ائتمانات على هيئة إيداعات ،، ولأن العملة هي الوسيط المستخدم لتصفية المدفوعات ما بيننا والحوالات المحلية والدولية ،، فإن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا لا تفرض نسب ضرائب لتعود تلك الأرباح وتدور في الاقتصاد الوطني؟، فالبنوك فيما مضى كان هدفها الوحيد تمويل الاستثمارات في الاقتصاد المنتج ،، فضلاً أن الاقتصاد الاسلامي كما نعلم جميعاً «تشاركي» لكن مصارفنا منذ بعض الوقت لا تشارك القطاع الخاص في الخسارة بتاتاً! وانتهجت هذا التوجه الذي فتح ويفتح الباب لسؤال لعله يوضح مضمون المقال: من أين للعصامي الذي يرغب في الاستثمار بالريالات لينشىء مشروعاً جديداً أو يتوسع في مصنعه؟
الريال كما نعلم له مصدران اثنان لا ثالث لهما، الصرف الحكومي المباشر والائتمانات (تمويل) من البنوك ، كل ريال في حسابات أو جيوب ناس أو أي مكان آخر يأتي من هذين المصدرين،، لأن «البنك» الْيَوْمَ لا يمول الا أصحاب الحسابات العملاقة ، أما العصاميون فعليهم تقديم رهون تفوق حجم التمويل بمراحل عديدة وتوقيع عقود كتبها البنك متجاهلاً الآية الكريمة (فليكتب وليملل الذي عليه الحق) ولا يكتفي بذلك بل يطالب المصرف بفوائد تراكمية بعكس مقاصد الاقتصاد الاسلامي «التشاركي» الذي يقول ربح «الممول» يأتي من أرباح المشروع أو الاستثمار وإن خسر البنك سيشارك في الخسارة .
المسؤولون في المالية وساما مدركون تماماً (لأن كاتب السطور تحاور معهم) بأن تطبيق التمويل «التشاركي» على المصارف سيتطلب منها بذل جهد أكبر بكثير لكي تحقق الربحية نفسها ،، والمثير لدهشة كاتب هذه السطور أن البعض لا يريدون ذلك ،، فهم واعون تماماً بأن الممارسات القائمة اليوم أقرب الى الربح من دون مخاطرة ، منها من التمويل الإسلامي «التشاركي» ،، ولذلك أقترح فرض ضريبة على أرباح المصارف الخاصة لتصبح مصادر تمويل تشاركي للتجار والمصنعين ولكي لا يترك المواطن فريسة سهلة لمصارف رخَّص لها المشرع ولكنها فسرت الترخيص بأنه يسمح لها بمص الدماء!!.
نقلا عن المدينة